هل تعيد المقاومة ضبط توجهات ترامب ونتنياهو وتسجل نقاط انتصارٍ جديدة؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

منذ البداية – وقبيل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة – ونتنياهو يتلاعب بالمشهد ويماطل، وهذا ما أثبته واقع الحال، حتى أنّ جبهته الداخلية وعائلات الأسرى باتوا أكثر اعتقادا بأنّه ليس معنيًا باستعادة الأسرى ولا بوقف الحرب مقابل الحفاظ على مكتسباته السياسية وتحالفاته مع اليمين المتطرف.

وعندما تمّ الاتفاق، ومنذ ساعاته الأولى، واصل نتنياهو اختلاق الذرائع، ولم يوقف إطلاق النار وظلّ يماطل ويرتكب المجازر، حتى ضاقت المقاومة ذرعًا بهذا المشهد العبثيّ الذي يطيل أمد معاناة أهل غزة، فأعلن أبو عبيدة اليوم تأجيل إطلاق سراح اسرى الاحتلال المقرر السبت المقبل حتى إشعارٍ آخر، إلى أن يلتزم الاحتلال ببنود الاتفاق بحذافيرها، مع وجود ضماناتٍ لذلك.   

جردة حسابٍ طويلةٍ من الخروقات، تمثلت بتأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهداف أهل غزة بالقصف وإطلاق النار عليهم، وقتل العديد منهم في مختلف مناطق القطاع، وإعاقة دخول متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة، والوقود، وآليات رفع الأنقاض لانتشال الجثث، وتأخير دخول ما تحتاجه المستشفيات من أدوية ومتطلبات لترميم المستشفيات والقطاع الصحي، بحسب ما أعلنت حركة المقاومة الإسلامية وما سلمته للوسطاء لبذل مزيد من الضغوط على نتنياهو للالتزام.

المقاومة تسجّل نقاطًا جديدة رغم هشاشة الاتفاق

الخبير في الشؤون الإسرائيلية صلاح العواودة، وعلى الرغم من اعتقاده بأنّ اتفاق صفقة التبادل ووقف إطلاق النار كان هشًا منذ البداية، إلا انّه يرى أن تقديرات المقاومة ترجح حرص نتنياهو وترامب على استئناف الاتفاق؛ لأن الهدف لدى كليهما هو تحرير الأسرى ومن هنا وفي ظل الضغوط المتزايدة داخل الكيان يمكن للمقاومة أن تسجل نقاط نصر جديدة، وتضبط توجهات ترامب ونتنياهو مجدداً.

وقال العواودة في تصريحات للمركز الفلسطيني للإعلام: أعتقد أن الاتفاق كان هشًا من البداية، وظل الباب مواربا بشأن العودة للحرب، وجاء الاتفاق نتيجة ضغوط مورست على المقاومة وعلى الاحتلال، داخلية وخارجية، ولكن من ناحية الاحتلال تحديداً كان الشعور بالفشل والذي برز منذ اليوم الأول عندما ظهرت قوات المقاومة في استعراض واضح.

ولفت إلى أنّ ذلك الشعور بالفشل أخذ بالتعاظم حتى أصبح ضاغطا إضافة إلى استقالة بن غفير وتهديد سموترتش مما دفع نتنياهو للعمل على التملص من الاتفاق واختلاق الذرائع، فأخر عودة الناس للشمال بحجة واهية ثم أخّر الافراج عن الأسرى وكذلك بشأن إدخال احتياجات القطاع؛ بل بدأ بإعادة تشكيل طاقم المفوضات بأشخاص أقرب له بنظرتهم للاتفاق.

ومن جانب آخر لفت العواودة إلى أنّ تصريحات ترامب لم تترك مجالاً للشك حول نواياهم ضد المقاومة وقطاع غزة والضفة، واليوم أكملها نتنياهو في خطابه الذي تعهد فيه بالعودة للحرب لتحقيق أهدافها التي لم تتحقق.

وخلص الخبير بالشأن الصهيوني إلى انّه لم يعد لدى المقاومة ما تراهن عليه، وإن لم يتم التحرك بناء على الرسائل التي تصل من ترامب ونتنياهو فستكون في ورطة كبيرة إذا استمرت بتطبيق الاتفاق؛ فكان لا بد من التوقف لإعادة ضبط التوجهات لدى كل من نتنياهو وترامب.

إعادة ضبط المشهد لدى الجميع

وقال العواودة: أعتقد أنّ هناك تراجعًا في المواقف لدى الجميع، وربما الوسطاء أكثر من غيرهم بحاجة للتراجع عن الاتفاق، خصوصًا مصر، مع الحديث عن تهجير أهل غزة، والضغوط على مصر، وتصريحات ترامب، وتطورات الموقف العربي لا سيما ما يتعلق بالسعودية.

وشدد على أنّ هناك حاجة لدى الجميع لإعادة “ضبط التفاوض” و”ضبط التصريحات، فإن كان النظام العربي لديه الكثير من القيود بما فيه الوسطاء مصر وقطر في التعبير عن رفضهم لسياسيات ترامب ونتنياهو، فالمقاومة ليست لديها هذه القيود.

وتابع بالقول: وبالتالي سيستغل الوسطاء رفض المقاومة للتعبير عن سخطهم هم تجاه تصريحات نتنياهو وترامب، فأنتم تقومون بإفشالنا، رغم ما بذلناه من جهود كبيرة للوصول إلى هذا الاتفاق، وفي ظل إدارة بايدن، وكان موقف ترامب إيجابي، لكن بعد ذلك أصبحت تصريحات ترامب ونتنياهو ضد الاتفاق، وأخطر من ذلك بكثير.

وتساءل الخبير في الشأن الصهيوني: بأي منطق يتم الحديث عن تهجير غزة، ثم نستمر في الاتفاق، فالمفروض أنّ الموقف المصري والقطري يميل وينحاز بشكلٍ ما لموقف المقاومة، وكل المشهد بحاجة لإعادة ضبط وليس فقط الاتفاق أو إعادة التعديل أو إعادة التأكيد عليه، بل بحاجة لإعادة ضبط للمشهد بكامل تفاصيله، خاصة إزاء تصريحات ترامب وتصريحات نتنياهو، والتثبيت بجمل وبنقاط أوضح تجاه وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والالتزام بما تمّ الاتفاق عليه سابقًا.

لا تسليم للأسرى حتى الالتزام ببنود الاتفاق

وأعلن المتحدث العسكري باسم “كتائب القسام” الجناح المسلح لحركة “حماس”، أبو عبيدة، الاثنين، تأجيل تسليم أسرى الاحتلال الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت القادم، بعد انتهاكات جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

القسام يعلن تأجيل الإفراج عن الأسرى لحين التزام الاحتلال ببنود الاتفاق

وقال أبو عبيدة في تغريدة عبر حسابه على “تلغرام”، إن “قيادة المقاومة راقبت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية انتهاكات العدو وعدم التزامه ببنود الاتفاق؛ من تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، وعدم إدخال المواد الإغاثية بكافة أشكالها بحسب ما اتفق عليه، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها من التزامات”.

وتابع: “وعليه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الصهاينة الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت القادم الموافق 15-02-2025م حتى إشعار آخر، ولحين التزام الاحتلال وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي”.

رسالة تحذير

بدورها قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن قرارها تأجيل إطلاق الأسرى الإسرائيليين الذي كان مقررا السبت القادم هي رسالة تحذيرية للاحتلال الإسرائيلي، وللضغط باتجاه الالتزام الدقيق ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.

حماس: تأجيل إطلاق الأسرى رسالة تحذير للالتزام بالاتفاق

وأكدت حركة “حماس”، في بيان وصل المركز الفلسطيني للإعلام التزامها ببنود الاتفاق “ما التزم بها الاحتلال”.

وأوضحت أنها نفذت كل ما ترتب عليها من التزامات بدقة وبالمواعيد المحددة، في حين لم يلتزم الاحتلال ببنود الاتفاق، وسجل العديد من الخروقات.