الخميس 01/مايو/2025

محمد الضيف: القائد الخفي الذي أضاء قلوب الملايين

محمد الضيف: القائد الخفي الذي أضاء قلوب الملايين

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في الخامس والعشرين من يناير 2025، سطعت شمسه من جديد بعد ثلاثة عقود من التخفي، لكن هذه المرة لم يكن ظهورًا عاديًا، بل كان وداعًا خلده التاريخ في صفحات النضال الفلسطيني. محمد الضيف، قائد أركان كتائب القسام، الاسم الذي لم يكن يظهر في الإعلام، لكنه كان محفورًا في قلوب الملايين. استشهد خلال معركة “طوفان الأقصى”، لكنه لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان أسطورة صنعتها المقاومة والتضحيات.

لطالما كان “أبو خالد” رمزًا للصمت والسرية، لكن بعد استشهاده، خرجت عائلته عن صمتها لتروي جوانب خفية من حياته. غدير صيام، زوجته، قالت: “لم يكن من أهل الدنيا، كان يعيش فيها مختفياً عن أهلها، يحمل هم الأقصى في قلبه”.

رغم صرامته العسكرية واحتياطاته الأمنية المشددة، كان الضيف حاضرًا في تفاصيل عائلته اليومية، يدرس أبناءه، يعلمهم العلوم والرياضيات، ويغرس فيهم حب المعرفة والاستقلالية الفكرية. لم يكن يكتفي بإعطائهم الأجوبة، بل كان يريدهم أن يفهموا المنطق خلف كل مسألة.

كان الضيف نموذجًا في التخطيط والتنظيم، يضع جدولًا يوميًا صارمًا لأسرته رغم انشغاله بالعمل العسكري. تبدأ يومه بصلاة الفجر، يتابع دراسة أبنائه، ويشرف على أدق تفاصيل حياتهم، وكأنه يعلم أن وقته معهم محدود. تقول غدير:
“كان يدرس الأطفال ست ساعات متواصلة إذا كان لديهم اختبارات، لم يكن يسمح لهم بالتهاون في العلم”.

في بيته، كانت هناك خريطة كبيرة لفلسطين، عليها أسماء الشهداء، يروي لأطفاله تاريخ المقاومة، ليزرع فيهم الإيمان بقضيتهم.

ورغم إصاباته المتكررة، لم يستسلم محمد الضيف للألم، بل واصل حياته بنظام صحي صارم. كانت زوجته تحرص على تقديم وجبات متوازنة، وكان يشرب الأعشاب بانتظام لتعزيز مناعته. ورغم فقدانه إحدى عينيه وإصابته في قدميه، لم يتوقف عن ممارسة الرياضة بقدر استطاعته، وكان يشجع من حوله على فعل ذلك.

لم يكن الضيف قائدًا يعيش في برج عاجي بعيدًا عن الناس، بل كان حاضرًا في حياة من يحتاجونه. في أحد الأيام، وجد شابًا مبتور القدمين على كرسي مهترئ، سأله عمّا يحتاج، فأجاب الشاب متشككًا: “كرسي متحرك”. في اليوم التالي، ظهر الضيف عند بيته حاملًا كرسيًا كهربائيًا بنفسه، موقف لا ينساه من عرفه.

رغم كونه المطلوب الأول للاحتلال، لم يمنعه ذلك من التواصل مع عائلته في ظروف أمنية معقدة. كان يزور أخته خلسة، يطمئن على أحوالها، ويرسل لها ما تحتاجه من مال واحتياجات. لم يشغله العمل العسكري عن صلة الرحم، وكان يحرص على إرسال الهدايا لأبناء إخوته عند نجاحهم.

برحيل محمد الضيف، فقدت المقاومة أحد أذكى قادتها وأكثرهم صلابة، لكن إرثه باقٍ في كل من تأثر بمسيرته. لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رجلًا صنع أسطورة، عاش في الظل لكنه بقي حاضرًا في وجدان الملايين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق

دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...