الأربعاء 30/أبريل/2025

خطتي في اليوم الأول للعودة إلى غزة .. لملمة جراح وبكاء كثير

خطتي في اليوم الأول للعودة إلى غزة .. لملمة جراح وبكاء كثير

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
ساعات تفصل مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين جنوب وادي غزة، عن عودتهم إلى مناطق سكناهم شمال الوادي، بعد أسبوع على بدء وقف إطلاق النار بعد أكثر من 15 شهرًا من الإبادة الجماعية التي توصف بأنها الأشد دموية في العصر الحديث، وما اقترفته إسرائيل من موبقات وشنائع لا توصف.

ومنذ إعلان الاتفاق على وقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة الجماعية، وما تلاه من حوارات أفضت لاتفاق نهائي، باتت تفاصيله معلومة، حدد أغلب الفلسطينيين النازحين خطط لليوم الأول الذي ستطأ أقدامهم مناطق شمالي قطاع غزة.

المواطن محمد أبو العراج (24 عامًا) يقول إنه وبمجرد أن تبدأ سيول النازحين بالعودة إلى مناطق سكناهم في مدينة غزة وشمالها، ومناطق القطاع الأخرى، سيذهب إلى منزله، لتفقده وهو الذي اضطر للزواج في مدينة دير البلح في خيمة على شاطئ البحر.

يتابع في حديثه لمراسلنا إنه وعلى مدار سنوات طويلة، جهز شقة سكنية، ليجتمع فيها مع شريكة حياته، إلا أن حرب الإبادة والنزوح، حرمه لحظات التتويج المنتظرة.

يؤكد أنه تزوج في خيمة في مدينة دير البلح، ولاقى فيها أقسى ظروف الحياة الإنسانية، من مأكل ومشرب وملبس، إلا أن قرار وقف إطلاق النار كأنه أعاد الحلم إلى ناصيته، وبدأ بالتخطيط لتفقد شقته، وترميمها، سميا وأن بعض جيرانه أخبروه أن الاحتلال تعمد إلى حرقها.

أما المواطنة عبير البيرم (65 عامًا) وهي من سكان دير البلح، أكدت لمراسلنا أنها تخطط للذهاب إلى مدينة غزة، للبحث عن شقيقتها المفقودة نهلة البيرم (68 عامًا).

تقول: 15 شهرًا لم تجف فيها دمعتي على شقيقتي، فهي وحيدة وزوجها توفي، ولا أبناء لها، وخطتي عند زوال محور نتساريم، أن أذهب للبحث بنفسي عن شقيقتي.

تبكي في حديثها وتتابع: أرجو من الله أن أحصل على خبر يعرّفني مصيرها، فأنا أعاني من الخيالات، والأوهام، وأتمنى أن أُساق إليها، وأن تكون حيّة ترزق.

وأكدت أنها ستقلب المدينة حجرًا على حجر، عل سر فقدانها يكشف، وتطفأ نار الألم في صدري وإخواني.

في حين ذهب المواطن مهند ريحان (31 عامًا) للقول إن يوم العودة إلى شمال قطاع غزة، سيكون عيدًا بمعنى الكلمة، فهو محروم من رؤية أهله منذ بدء الإبادة.

يقول: أنام في الشوارع، ولا أجد بيتًا يؤويني، وأخطط للبقاء جوار أبي المريض، وأمي وإخوتي، أريد أن أروي عطشي من شوقي إليهم.

يتحدث بابتسامة ألم وأمل أنه اشتاق لطعام أمه، سيما المفتول والمقلوبة، مؤكدًا أنه سيطلب منها إعداد هذه الأطعمة، “حرمنا الطعام، والمنام، وجاء وقت الالتئام، والوئام، رغم بشاعة ما جرى”.

المواطنة نادرة مقداد (70 عامًا) خطتها في اليوم الأول لعودتها إلى مدينة غزة، وهي التي نزحت منها قسرًا تحت القصف والهمجية الصهيونية، هي أن تجلس على أنقاض منزلها المدمر على شاطئ بحر مدينة غزة.

تقول لمراسلنا: جلستي على أنقاض منزلي المدمر، هي رسالة لكل العالم، أننا لن نتخلى عن الوطن، وكما نعود إلى غزة، سنعود إلى قرانا المحتلة شاء من شاء وأبى من أبى.

“هواء غزة وبحرها، ورملها، أحب إليّ من قصور الدنيا”، هذه المدينة التي نموت لأجلها، ومن أجلها، وهي التي تسكننا قبل أن نسكنها.

أما المواطنة أم شادي رضوان (66 عامًا) تبكي بحرقة، لدى سؤال وجهه مراسلنا لها عن خطتها لليوم الأول من وصولها إلى مدينة غزة، حيث قالت: لن أذهب إلى أي مكان قبل أن أزور قبر نجلي خالد الذي استشهد أثناء وجودي في النزوح في خيام مواصي خان يونس.

“سأبكي، وأبكي، وأبكي، سأروي التراب بدموعي، وأنا التي حرمت من وداعه، وإطلاق زغاريد في عرس استشهاده”، تقول الأم المكلومة.

تتابع أنها سترش الورود على قبره، ستسقيه ماءً، وستزوره كل يوم، فشوقها إلى نجلها البكر، لن تطفئه طول الأيام.

أما المواطن مصطفى أبو الروس فصمت كثيرًا قبل أن يجيب بأنه حائر، ولا يدري ماذا سيفعل، يقول: أخبرونا أن عمارتنا في حي الشيخ رضوان قد دمرت بالكامل، ولا ندري ماذا سنفعل، وأين سنعيش، ومن أين ستلقى الخدمات الضرورية.

يشير إلى أنه قد يضطر لبناء خيمة هنا أو هناك، متابعًا: “الحرب قد انتهت، لكن ألمنا، لم ينته”.

ومن المتوقع أن يعود مئات آلاف الفلسطينيين إلى مناطق شمال قطاع غزة، بعد أكثر من 15 شهرًا من النزوح القسري، والحياة البائسة في خيام مواصي خان يونس بعيدًا عن الحارة والمنزل، وكل منهم له قصته، وألمه، وخطته في اليوم الأول لانتهاء كابوس التهجير القسري.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات