الجولاني: المقاومة انتصرت في غزة ولكنّها مستعدةٌ لكل السيناريوهات

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
قال المحلل السياسي عاطف الجولاني في تصريحات للمركز الفلسطيني للإعلام: إنّ الحرب على غزة وضعت أوزارها بوقف نار مشرّف للمقاومة الفلسطينية ومحرجٍ لحكومة اليمين الأشد تطرفًا في تاريخ الكيان الصهيوني، لكنّه حذر في الوقت ذاته من أنّه ما زال من المغامرة الجزم بأن الحرب انتهت وأن المرحلتين الثانية والثالثة من الصفقة ستنجزان، لكن الأسباب التي دفعت لإبرام صفقة وقف إطلاق النار تّرجّح ذلك وإن لم تحسم الأمر قطعيًا.
ولفت الجولاني إلى أنّ استراتيجية ترمب التي تقوم على تهدئة بؤر التوتر لصالح تحقيق إنجازات اقتصادية، ورغبته المعلنة باستئناف التطبيع وإطلاق موجة جديدة من الاتفاقيات الإبراهيمية، تضعف من فرص استئناف الحرب والعودة إلى أجواء التصعيد والتوتر.
وأشار إلى أن التداعيات السياسية والاقتصادية والعسكرية للمعركة، والانقسامات التي تعصف بـ “إسرائيل”، وتعالي الأصوات المطالبة بإطلاق من تبقى من أسرى لدى المقاومة، تضغط هي الأخرى من أجل استكمال الصفقة وتضع معوقات أمام استئناف نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف للحرب.
وقال الجولاني: إنه وبمعزل عن التوقعات والترجيحات، فلا شك أن المقاومة الفلسطينية تأخذ كل السيناريوهات المحتملة بالحسبان، وتُعدّ لكلٍ منها أقصى ما يتاح من استعدادات.
فشل الاحتلال وانتصار المقاومة
وتابع الجولاني حديثه بالقول: صمدت المقاومة، فانتصر الكف على المخرز، وباءت أشرس وأطول عملية عسكرية تشنّها “إسرائيل” في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بفشل ذريع لا تخطئه سوى عين جاحدة تصرّ على الإنكار.
واستدرك: صحيح أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة استنفذ أغراضه منذ شهور طويلة ولم يعد لدى نتنياهو وحكومته وجيشه مزيد يفعلونه لأجل تحقيق انتصار بعيد المنال، وهو ما أوصل المجتمع الإسرائيلي ونخبه السياسية، بل ومؤسسته العسكرية، إلى قناعة بعدم جدوى استمرار الحرب، وبأن نتنياهو يصرّ على مواصلتها لاعتبارات شخصية وخضوعًا لأجندة حلفاء متطرفين مهووسين في ائتلافه الحكومي المتأرجح.
وتابع حديثه: صحيح أيضًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لعب دورًأ بارزًا في وقف إطلاق النار، وحدد لنتنياهو ساعة صفر لإنهاء المواجهة ومنحه شهرين كاملين لحسمها، وهو ما أخفق فيه نتنياهو وزاد من قناعة ترمب بأن “إسرائيل” غير قادرة على حسم المواجهة وتحقيق الانتصار، وأن استمرار الحرب سيشكل عبئًا على إدارته وعلى المصالح الأمريكية، فضغط من أجل وقف الحرب والانتقال لمرحلة جديدة لم تتضح معالمها بعد.
وشدد على أنّه “ينبغي أن لا يغيب عن الحسابات، أن العامل الأهم والسبب الحاسم لوقف إطلاق النار هو صمود المقاومة وحاضنتها الشعبية الذي أربك الحسابات وأسقط الرهانات وعصف بموازين قوى سياسية وعسكرية”.
لماذا انتصرت المقاومة؟
وأوضح الجولاني، أنّه مع وقف إطلاق النار، لم تكن المقاومة ومناصروها بحاجة، كما في مواجهات سابقة، لخوض الجدال حول من انتصر في المواجهة ومن أخفق، وأُعفيت من سوق الحجج والبراهين لإثبات فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه التي أعلنها لحظة بدء الحرب أو أضافها لاحقًأ فيما يتعلق بالتهجير القسري لسكان القطاع وإعادة احتلاله عسكريًا.. فالوقائع والمعطيات على الأرض، ومشهد اليوم الأول لوقف إطلاق النار بما تضمنه من عرض عسكري وتبادل للأسيرات، وتصريحات قادة الاحتلال التي عبّرت عن صدمة وإحباط من نتيجة المعركة، حسمت الأمر وكفت المقاومة مؤونة الجدال.
وتابع بالقول: إنّ السؤال إذًا ليس عن نتيجة المعركة التي باتت واضحة للعيان، بل عن أسباب صمود المقاومة الذي أفشل أهداف العدو وفرض وقف إطلاق النار.
وأشار الجولاني إلى أنّه وبعد تأكيد الحقيقة الراسخة بأن النصر من عند الله يمنّ به على من يشاء من عباده المؤمنين المخلصين الذين استنفذوا أسباب الإعداد، يمكن الوقوف على مجموعة من العوامل التي أسهمت في صمود المقاومة وقادت لانتصارها.
وأكد أنّ أول أسباب النصر كانت متمثلة في “إرادة المقاومين الصلبة، وروحهم القتالية العالية، وبناؤهم العقدي والإيماني والنفسي الذي تجلى بأوضح صورة ولفت الأنظار وحيّر العقول”، منوها في الوقت ذاته إلى أنّ موازين القوى بين المقاومة وعدوها لم تكن مختلّة فحسب، بل غير قائمة أصلًا، لا على صعيد الإمكانات البشرية والمادية والعسكرية، ولا على صعيد ظروف الأرض والميدان، ولا على صعيد الدعم والإسناد الدولي غير المحدود للاحتلال، ورغم ذلك كله صمدت المقاومة وفرضت شروطها على الجميع.
وثاني أسباب النصر بحسب الجولاني: صمود الحاضنة الشعبية التي تحمّلت أعباء تفوق طاقة البشر، وهو ما كان له أكبر الأثر في تعزيز ثبات المقاومة وتصليب موقفها. فرغم التضحيات الهائلة والدمار الواسع والمعاناة الإنسانية غير المسبوقة، لم تنقلب الحاضنة على مقاومتها، ولم تكشف ظهرها، وأظهرت مستوى عاليًا من الصمود في مواجهة أعتى حصار وأبشع تجويع وأفظع جرائم إبادة.
ونوه إلى أنه “لا شك في أن وقوف قيادة المقاومة في خندق شعبها، وتحمّلها ذات معاناته، بل وتقدّمها صفوف المواجهة والتضحية، واستشهاد كوكبة من أبرز رموزها في غزة وعواصم عربية وإسلامية، قد أسهم في تعزيز صمود الحاضنة ورفع معنوياتها، وأفشل رهانات المحرضن والمخذّلين الذين أرجفوا وسوقوا الأكاذيب وزعموا تخلي القيادة عن شعبها ومتاجرتها بدمائهم. فقادة المقاومة أصابهم ما أصاب شعبهم المحاصر، وأسرهم وعائلاتهم كانت الأكثر استهدافًا بضربات الاحتلال”.
وأوضح المحلل السياسي أنّ السبب الثالث وراء النصر الذي تحقق يتمثل في وحدة المقاومة وتماسك صفوفها، وهو ما قطع الطريق على محاولات التخذيل وبث الفرقة والانقسام. حيث أظهرت فصائل المقاومة مستوى متقدّمًا من التنسيق والتناغم والتكامل وتوزيع الأدوار والمهمات، ولم يظهر بينها تناقض أو خلافات، بل شهدت المعركة تنفيذ عدد كبير من العمليات المشتركة لمجاميع المقاومة، تأكيدًأ على وحدة الدم والسلاح والمصير.
أما السبب الرابع فكان خلفه أداء المقاومة السياسي الصلب والواقعي والمحترف في آن واحد. فلم يكن أداؤها في ميدان السياسة والمفاوضات المعقدة أقلّ احترافًا وإبداعا من أدائها العسكري المميّز في ميدان القتال، وشهد القاصي والداني بكفاءتها السياسية وصلابة موقفها وثقتها العالية بنفسها وبحاضنتها، وفقا للمحلل السياسي.
وقال الجولاني: لا شك في أن تجربة المقاومة في ميدان السياسة والمفاوضات ستُقيّم وتُدرس ويُستخلص منها العبر، كما هو الحال في ميدان المواجهة العسكرية غير المتكافئة. فقد واجه المفاوض الإسرائيلي والأمريكي هذه المرة مفاوضًا فلسطينيًا مغايرًا لنماذج بائسة تعامل معها في مفاوضاته مع أطراف فلسطينية وعربية على مدار عقود مضت ونجح خلالها في فرض شروطه وابتزاز التنازلات. ويمكن القول بثقة كاملة إن المفاوض الفلسطيني المقاوم نجح هذه المرة في إنجاز أفضل صيغة اتفاق سياسي ممكن لوقف إطلاق النار تتيحه معطيات الميدان.
ورأى الجولاني أن السبب الخامس كان في نجاح المقاومة في تفويت الفرصة على منافسيها وخصومها وأعدائها على حدّ سواء، وإصرارها على حصر المعركة مع الاحتلال، ورفضها السماح بحرف بوصلة الصراع عن المواجهة مع العدو، وإفشالها خطط استنزافها بمعارك جانبية. فقد صبرت على الأذى رغم التصريحات التحريضية والاستفزازية التي صدرت عن بعض رموز السلطة الفلسطينية والممارسات غير المسؤولة التي تمثّلت ذروتها في الحملة الأمنية على مخيم جنين وشكلت منعطفًا خطيرًا في تموضع السلطة وتساوقها مع البرنامج الأمني للاحتلال في استهداف مقاومة الضفة.
وفي ختام أسباب النصر ذكر الجولاني أنّ السبب السادس يتمثل جبهات الإسناد التي وقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية، بالفعل لا بالقول، ولم تتركها وحيدة في ساحة المواجهة، فأسهمت برفع المعنويات واستنزفت العدو شهورًا طويلة واضطرته لتوزيع قواته وجهده العسكري على محاور متعددة، مؤكدًا على أنّ تلك الجبهات قدمت تضحيات كبيرة ودفعت أثمانًأ باهظة وفقدت قيادات بارزة نتيجة هذا الدور المقدّر، ومع أن جبهتي لبنان والعراق اضطرتا في أسابيع المواجهة الأخيرة للتوقف عن الإسناد والمشاركة في المعركة نتيجة ظروف ضاغطة، فإن الجبهة اليمنية واصلت إسنادها المؤثر حتى اللحظة الأخيرة، ولم تتوقف رغم ضراوة الهجمات العسكرية التي شنتها قوات إسرائيلية ودولية على المصالح اليمنية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: العدوان على اليمن جريمة حرب وإرهاب دولة ممنهج
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام دانت تدين حركة "حماس" بأشدّ العبارات العدوان الاسرائيلي على اليمن، والذي نفّذته طائرات جيش الاحتلال، واستهدف مواقع...

تحذيرات من انهيار كامل لمستشفيات غزة خلال 48 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الإثنين، من أن مستشفيات القطاع على شفا الانهيار خلال 48 ساعة بفعل منع...

غوتيريش: توسيع إسرائيل هجماتها بغزة سيؤدي لمزيد من الموت والدمار
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن خطة إسرائيل لتوسيع هجماتها على غزة ستؤدي إلى مزيد من الموت...

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...

9 شهداء بغارتين إسرائيليتين في مخيم النصيرات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 9 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير من المواطنين بجروح، الإثنين، جراء غارتين شنتهما مسيّرات إسرائيلية، على منطقة...

صحة غزة: حصيلة حرب الإبادة ترتفع إلى 52,576 شهيدًا
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت زارة الصحة بقطاع غزة، بأن 32 شهيدًا منهم 9 انتشال، و119 إصابة وصلت مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية....

مستوطنون يحرقون محاصيل قمح في سهل برقة بنابلس
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام أحرق مستوطنون متطرفون، مساء اليوم الاثنين، على إحراق أراضٍ زراعية مزروعة بالقمح في سهل برقة شمال غرب مدينة نابلس...