اليوم الأول لوقف النار .. أولويات متداخلة ويقين بالتعافي سريعا

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
أكثر من 15 شهرا هو عمر الحرب الصهيونية الإجرامية على قطاع غزة، لم تتوقف ألوان القتل فيها وفق اتفاق وقف إطلاق النار صباح اليوم الأحد 19/01/2025، وهو ما يتيح للنازحين العودة إلى مناطق سكناهم وسط وجنوب قطاع غزة، فيما ينتظر أهالي مدينة غزة وشمالها أسبوعا للعودة عبر طريق الرشيد الساحلي.
ومع بدء سريان التهدئة وصلت حصيلة الحرب الصهيونية على غزة إلى 46,899 شهيدًا و110,725 إصابة، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، فيما حولت جرائم الاحتلال غزة إلى كومة من الركام تقدرها المؤسسات الأممية بأكثر من 50 طن، نتيجة تدمير أكثر من 80% من مباني غزة ومنازلها ومؤسساتها.
واختلفت خطط الناس لليوم الأول من التهدئة، باختلاف أولوياتهم، وبدؤوا يرسمون خططه منذ عدة أيام، لكن القاسم المشترك بينهم، هو البحث عمن تبقى من أحبابهم تحت الركام وتفقد حاراتهم وبيوتهم أو ما تبقى منها.
أولويات متداخلة
“أبو محمد” وهو من سكان المخيم الجديد شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، والذي يعتبر الاحتلال أجزاء منه جزء مما يسمى “محور نتساريم” وقع مع جيرانه في حيرة، إن كانوا يستطيعون العودة إلى منازلهم في المخيم، أو أنهم سينتظرون كأهالي غزة والشمال انقضاء الأسبوع الأول للعودة.
ولهذا استبدل “أبو محمد” عودته إلى منزله شمال المخيم، بمشاركة أبناء عائلته في البحث عن بني عمومته الذين لم يستطيعوا انتشال جثامينهم من تحت الركام، بعد استهداف منزلهم في أرض المفتي قبل عدة أيام.
“اتفقت مع أبناء العائلة، على الذهاب للمنزل، والبحث في ركامه عن ابن عمي واثنين من أبنائه، لم نعثر على أي أثر لجثامينهم قبل عدة أيام، ولم نستطع استكمال البحث لعدم توفر المعدات اللازمة، والقصف الصهيوني المكثف في المنطقة وإطلاق النار من طائرات “الكواد كابتر” يقول “أبو محمد”.
يأمل “أبو محمد” العثور على جثامين أقاربه ليتمكن مع العائلة من إكرامهم ودفنهم في مقبرة الشهداء، ويعبر عن شوقه الشديد للعودة إلى حارته وتفقد منزله الذي طاله القصف الصهيوني عدة مرات، لكنه سيذهب إليه ويحاول ترتيب ولو مكان صغير داخله يصلح للعيش والسكن فيه بدل الخيام التي عانى منها على مدار عام كامل.
تكافل رغم الألم
السائق “أبو علي” وهو من سكان مخيم الشاطيء والذي من المقرر أن يتمكن من العودة إلى مخيم في مدينة غزة بعد الأسبوع الأول من سريان الاتفاق، قرر تسخير سيارته لصالح جيرانه في مخيم النزوح، والذين سيعودون إلى أماكن سكنهم، وسط وجنوب قطاع غزة.
عرض أبو علي توصيل جيرانه ومساعدتهم دون مقابل، ويعبر عن مشاعر مختلطة ويقول: “تعم أنا سعيد بانتهاء الحرب، لكنني حزين لفراق جيراني الذين تقاسمت معهم آلام النزوح والجوع وقسوة حياة الخيام”.
ويتابع: “سأذهب معهم لأعرف بيوتهم، سنتواصل مع بعضنا البعض باستمرار، وسأساعدهم في نقل أغراضهم وترتيب أماكن سكنهم، نحن اليوم أصبحنا عائلة واحدة، تقاسمنا الخوف والجوع والبرد سويا، وبالتأكيد لن ننسى هذه الأيام ما حيينا”.
الأمر نفسه والمشاعر ذاتها كانت عند يوسف وهو من سكان أقصى مدينة رفح، والذي قرر الانتظار قليلاً قبل العودة لمدينته التي اشتاق إليها كثيراً، ليساعد جيران النزوح في ترتيب منازلهم، وتهيئتها للسكن، بحكم خبرته في مجال البناء وقدرته على تعزيل الركام.
“بيتي هدم بالكامل في مدينة رفح وأصبح ركاما، ويقع في جنوب مدينة رفح بالقرب من محور فلادلفيا “صلاح الدين”، ولهذا قررت أساعد جيراني هنا الذين عشت معهم 6 أشهر، وأصبحنا أكثر من مجرد جيران، نحن هنا عائلة عشنا كعائلة واحدة”، يقول “يوسف”.
الانتظار الأطول
أما نادر وهو من سكان حي النصر في مدينة غزة، فيرى أن الأسبوع القادم سيكون أطول أسبوع مر عليه في حياته، ” سيكون الانتظار الأصعب”، وفق تعبيره.
يريد “نادر” أن يمر الأسبوع سريعا، حتى يسمح له بالعودة إلى بيته الذي تضرر “لكنه لا زال واقفاً”، كما يقول.
سيقضي نادر هذا الأسبوع في مخيم نزوحه بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ويؤكد أنه سيساعد كل جيرانه الذين سيعودون لأماكن سكنهم، ويشاركهم فرحة انتهاء الحرب.
“المهم أن يتوقف شلال الدم، بعد ذلك يصبح كل شيء ممكن”، هكذا ينظر “نادر” للواقع الحالي، ويعتقد أن الأمور في غزة ستعود تدريجياً إلى طبيعتها.
سنتعافى سريعا
ويتفق نادر مع غالبية من قابلناهم ونقلنا عنهم في هذا التقرير، على أن أهل غزة لديهم القدرة الكافية والعالية على العودة إلى حياتهم بشكل سريع رغم أن الواقع الحالي يوحي باستحالة ذلك.
فآلاف أطنان الركام المتراكمة في الأحياء والأزقة والشوارع والحارات، وآلاف المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم، وانقطاع كل الخدمات عن غالبية قطاع غزة، علاوة على الحالة النفسية الصعبة التي خلفتها الحرب، كل ذلك لا يعطي انطباعا بإمكانية التنفس في هذا المكان الذي أحاله الاحتلال إلى مكان لا يصلح للعيش.
“سنعود ونعمر بيوتنا ما تبقى منها، وسنعيش فيها، ولن نغادر أرضنا، نحن لن نعود إلا إلى فلسطين، إلى هناك، لم نفكر ولول للحظة واحدة أن نترك أرضنا ونهاجر، حاول الاحتلال إزاحتنا إلى خارج القطاع بالقتل والتجويع والحصار المشدد، لكن النتيجة ستكون عكسية وسيراها قريبا إن شاء الله” يقول “أبو محمد”.
ولا ينكر السائق “أبو علي” الواقع الذي أصبحت عليه غزة الآن، فهي من وجهة نظره أصبحت كمدينة ألقي عليها قنابل نووية وتبعه تسونامي عنيف، لكنه متيقن بعودة الحياة إلى غزة سريعا.
“نحن شعب جبار ولدينا قوة استثنائية على التكيف والتأقلم وسنستطيع تجاوز ما نمر به اليوم سريعا”، يقول “أبو علي.
ويؤمن جميع من قابلناهم خلال إعداد التقرير أن الصراع مع الاحتلال مستمر، وأن تحرير الأرض واستعادتها لن يكون دون بذل وتضحيات ودماء، واستندوا لذلك بأمثلة كثيرة، ولعل أبرز ما ذكروه ما لاقته الجزائر نظير استقلالها بتقدميها أكثر من مليون شهيد.
صحيح أن آراءهم تباينت في شكل التضحية وتوقيتاتها، وحساباتها، لكنهم في النهاية مؤمنون أن كل ما أصابهم وما سيصيبهم في المستقبل، ليس له سوى مسبب واحد هو الاحتلال الصهيوني وإجرامه الذي لا يتوقف منذ عقود ما قبل تأسيس كيانه، ولن تنتهي إلا بزواله.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يحاصر منزلا في مخيم بلاطة ويصعّد عدوانه شرق نابلس
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، منزلا على مدخل مخيم بلاطة، وذلك في سياق تصعيد عدوانها في...

عدوان إسرائيلي يستهدف سفينة أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قصفت طائرة إسرائيلية مسيرة الليلة الماضية، إحدى سفن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، قرب مالطا، مما أدى إلى اندلاع حريق...

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي - الجمعة- عدوانًا على سوريا، واستهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق، في تصعيد لسياسة...

استشهاد شاب برصاص الاحتلال في بيتا جنوب نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الشاب علاء شوكد أحمد اخضير، مساء اليوم الخميس، إثر إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدة...

القسام يعلن عن كمين محكم لقوات الاحتلال في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الخميس، مسؤوليتها عن تنفيذ عملية مركبة ضد قوات الاحتلال الصهيوني في...

مجزرة هدم جديدة.. الاحتلال يخطر بهدم أكثر من 100 مبنى في مخيمي طولكرم ونورشمس
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام أخطر جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، بهدم عشرات المنازل في مخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم بالضفة الغربية...

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش، اليوم الخميس، أن 91% من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية"...