تقرير حقوقي: عنف مفرط في الخليل يجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم

الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام

 كشف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، عن تكرار حالات التنكيل الشديد الذي يُمارسه جنود الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين وسط مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة.

ويستند التقرير الذي صدر اليوم الثلاثاء تحت عنوان “بلا رسن: تنكيل الجنود بالسكان الفلسطينيّين وسط مدينة الخليل” إلى أكثر من 20 إفادة أدلى بها فلسطينيّون للمركز، حول ما تعرضوا له من اعتداءات في الفترة بين مايو/أيّار وأغسطس/آب 2024.

وتحدّث الضحايا في التقرير كيف جرى توقيفهم على يد جنود الاحتلال بشكل عشوائي تماما حين كانوا يسيرون في شوارع مدينة الخليل منصرفين إلى شؤون حياتهم اليومية؛ وكيف تعرضوا للضرب ولسلسلة من التنكيل الشديد أحيانا في الشارع، وأحيانا في نقاط عسكرية اقتادهم إليها الجنود.

وتقول المديرة العامّة للمركز يولي نوفاك في التقرير: “يخرج الناس من بيوتهم وينصرفوا لشؤون حياتهم اليومية فيصادفهم جنود يلقون القبض عليهم، ويضربونهم حد الإغماء”، مضيفة أن “الإفادات التي سجلها باحثو “بتسيلم” الميدانيون تكشف عن وضع مرعب، في كل ما يتعلق بمعايير السلوك لدى الجنود الإسرائيليين، واستخدامهم العنف الشديد”.

وتابعت نوفاك: “بعد مضي أكثر من سنة على الحرب الشعواء التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، أضحى التنكيل بالمارة الفلسطينيين سلوكا مرغوبا بل ومطلوبا”، مؤكدة أن ما يجري ليس حالات فردية أو انحراف عن التعليمات، “وإنما ظاهرة تعبر عن نهج منتظم، وهي نتاج عملية نزع إنسانية الفلسطينيين التي تقودها حكومة إسرائيل”.

وأشار “بتسيلم” إلى أن الإفادات “تتضمن توصيفا لما مارسه الجنود من عنف وإذلال وتنكيل ضد رجال ونساء وفتية وأطفال”.

أساليب التنكيل

ونقل المركز عن أحد الضحايا قوله إن “سلسلة من أعمال التنكيل الجسدي والنفسي الشديد، شملت الضرب، والجلد، وإطفاء السجائر على أجساد الضحايا، والضرب على الأعضاء التناسلية، وحقن مواد غير معروفة، وتقييد الأطراف وعصب العينين لساعات طويلة، والتهديد والإهانة، وغير ذلك”.

وأضاف: ” يختار الجنود ضحاياهم بشكل عشوائي تماما أثناء انصرافهم لشؤون حياتهم اليومية وهم في طريقهم إلى العمل أو لدى عودتهم إلى المنزل، وهم يشربون القهوة في ساحة المنزل، أو وهم في طريقهم إلى دكّان البقالة”.

وتابع المركز: “في معظم الحالات اقتاد الجنود ضحاياهم إلى نقاط عسكريّة، وهناك مارسوا القسط الأكبر من التنكيل بحقهم”، مشيرا إلى أنه “لم توجه إلى الضحايا أية شبهة بارتكاب أية مخالفة ولم تتم محاكمتهم، وإنما أُطلق سراحهم فور انتهاء الاعتداء عليهم”.

وبين “بتسيلم” أن الكثير من الضحايا كانوا في وضع يستدعي تلقي العلاج الطبي عقب الاعتداء عليهم من قبل الجنود، “فمن بين جميع ضحايا التنكيل جرى اعتقال اثنين فقط، وحتى هذين أُخلي سبيلهما خلال أيام معدودة دون اتخاذ أية إجراءات بحقهما”.

وذكر “بتسيلم” أن تفاقم العنف إلى درجة مفرطة في شدته وفي اتساع نطاقه هو نتاج مباشر لتسارع عملية “تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم في أوساط الإسرائيليين”، وضمن ذلك أيضا النظرة إلى الفلسطينيين باعتبارهم كتلة واحدة غير متمايزة، جميع أفرادها هم أعداء ليس فقط من المسموح به إيذاؤهم، بل هو مرغوب ومطلوب”.

وقال المركز الحقوقي: “حجم العنف الذي تكشف عنه إفادات الشهود والذي مارسه الجنود علانية بل ووثّقوه بالصوت والصّورة أحياناً، يدلّ على أنّ الأمر ينم ليس فقط عن رغبة فردية في الانتقام، تتأجّج في صدر هذا الجنديّ أو ذاك، وليس فقط عن إخفاق موضعي”.

وتابع أن ذلك “هو نتاج عنيف بشكل خاص لسياسة منهجية ومنتظمة طويلة السنوات من القمع، التهجير والنهب التي تشكل صُلب نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ”.