الأحد 15/سبتمبر/2024

القنابل الفتاكة.. سلاح الاحتلال ضد المدنيين في غزة

القنابل الفتاكة.. سلاح الاحتلال ضد المدنيين في غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الهمجي على قطاع غزة مستخدماً كلّ الوسائل المدمّرة من قنابل فتاكة وصواريخ حارقة، لتحصد أرواح المدنيين الأبرياء، ومعظمهم من الأطفال والنساء.

وقدّرت مصادر عسكرية أمريكية أنّ ما يقرب من 90% من الذخائر التي أسقطتها إسرائيل على غزة في بداية الحرب عبارة عن قنابل موجهة عبر الأقمار الصناعية تزن ما بين 226 إلى 453 كغم، كما استخدمت قنابل يبلغ وزنها 900 كغم يمكنها اختراق الأرض للوصول إلى الأنفاق.

وقد أدّى القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع بقنابل ثقيلة إلى تدمير أحياء ومناطق بأكملها، كما نتج عنه توابع بيئية وصحية كارثية ستظهر أعراضها على سكان القطاع على المدى البعيد، من تفشي أمراض قاتلة، وتشوهات في الأجنة، وفقاً لمنظمات صحّية وأمميّة.

أمريكا شريك في الجريمة

أثير الجدل مرة أخرى حول استخدام إسرائيل لقنابل أمريكية في حربها على غزة، وذلك في أعقاب الغارة العنيفة التي شنتها القوات الإسرائيلية فجر الثلاثاء 10 أيلول/ سبتمبر على منطقة خيام للنازحين في منطقة المواصي، بخان يونس جنوب غرب قطاع غزة والتي أدت إلى وقوع العديد من الضحايا المدنيين.

وتشير التقارير إلى أنّ الغارة، التي وقعت في “منطقة إنسانية آمنة”، بالقرب من المستشفى البريطاني بمدخل منطقة مواصي خان يونس، أوقعت 40 شهيداً إضافة إلى عشرات الجرحى، منهم عدد كبير من الأطفال والنساء، ولا يزال عدد كبير أيضاً في عداد المفقودين.

وخلّفت الغارة حفرة عمقها 10 أمتار وعرضها 15 متراً، وبرّر جيش الاحتلال هجومه بأنّه استهدف 3 من قادة المقاومة كانوا في المكان، وهو ما نفته حماس.

خلف القصف الإسرائيلي على مواصي خان يونس حفرة تجاوز عمقها 10 أمتار

وفي تعليقه على تلك الغارة، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ تحقيقاته الأولية أظهرت أنّ طائرات حربية إسرائيلية، استخدمت 3 قنابل من نوع الأميركية الصنع في قصف خيام النازحين في المواصي وهم نيام، وهو ما أحدث 3 حفر بعمق وقطر عدة أمتار، تسببت بدفن نحو 20 خيمة بما فيها من عائلات.

وتُعد الولايات المتحدة، أهم مصدِّر للأسلحة إلى إسرائيل منذ عقود، ووفقا ً لمعهد “سيبري” لأبحاث السلام ومقره ستوكهولم، فإنّ إسرائيل تلقت 99% من وراداتها من الأسلحة في الأعوام الخمسة الأخيرة من كلٍّ من الولايات المتحدة بنسبة 69%، وألمانيا بنسبة 30%.

خلص تحقيق أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” في ديسمبر الماضي إلى أن القنابل الأميركية التي تزن 900 كغم كانت مسؤولة عن بعض من أسوأ الهجمات على المدنيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب في غزة، على الرغم من أنّ الأهداف المثالية لأسلحة بهذا الحجم هي “المباني ومجمعات السكك الحديدية وخطوط الاتصالات”، وفقاً لمكتب الجيش الأميركي الذي يدير الذخيرة.

وتعدّ قنابل Mark 80 من القنابل الفتاكة التي تصدّرها أمريكا لإسرائيل، ومنها: Mk-81 بزنة 113 كغم، وMk-82 زنة 226 كغم، وMk-83 زنة 453 كغم.

أمّا أشدّها فتكاً، فهي القنبلة Mk-84 التي يبلغ وزنها 900 كغم، وتعدّ إحدى أكبر القنابل، حيث تحتوي على أكثر من 400 كغم من متفجرات “تريتون” القادرة على اختراق الهياكل الخرسانية والمعدنية وإحداث دمار هائل، كما تنتشر أجزاء القنبلة على شكل شظايا حادة، يمكن أن تمزق الأجسام البشرية والمركبات غير المدرعة.

ويثير استخدام تلك القنبلة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية جدلاً كبيراً في أوساط الخبراء، بسبب نصف قطر انفجارها الكبير وقوتها التدميرية العالية.

وذكر تقرير لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نشر في 19 حزيران/ يونيو الماضي، أنّ إسرائيل استخدمت قنابل ثقيلة، كما أقرّ الرئيس الأمريكي بايدن في تصريحات لشبكة “سي إن إن” في مايو/ أيار الماضي أنّ العديد من المدنيين في غزة قتلوا نتيجة لاستخدام تلك القنبلة.

أضرار صحية وبيئية

ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، فإنّ معظم الأسلحة والذخائر التي تستخدمها إسرائيل في حربها على غزة من صنع أمريكي، وتتصدرها قنبلة “الدايم” الأمريكية، وتعني “متفجرات المعدن الخاملة الكثيفة”، التي تؤدي إلى قتل ضحاياها عبر بتر أطرافهم بما يشبه عمل المنشار الآلي، أمّا الناجون منهم فيعيشون معرضين للسرطان بسبب احتوائها على مادة “التنغستون”.

كما استعمل الجيش الإسرائيلي قنبلة Mark 80 الأمريكية بإصداراتها المختلفة، والتي تمتلئ بمادة “التريتونال” المخلوطة من TNT ومسحوق الألومنيوم. كما أطلق قنابل GBU الأمريكية أيضاً، التي تحتوي على اليورانيوم، بالإضافة إلى قنابل الفسفور الأبيض المستخدمة في الأسابيع الأولى من الحرب في غزة.

وليس من السهل تجاوز الأضرار الناتجة عن القنابل في المدى القريب، فوفقاً لبيان للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في يونيو/ حزيران الماضي، فإنّ 75% من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة دمّر أو تضررت نتيجة لقصف الاحتلال، الأمر الذي يهدّد الأمن الغذائي في القطاع، ويمتد لإصابة المحاصيل الزراعية بمواد مسرطنة.

وأوضح لتقرير لسلطة جودة البيئة الفلسطينية في مايو/ أيار الماضي، أنّ القصف الإسرائيلي دمّر البنى التحتية في القطاع، ومنها محطات الصرف الصحي، حيث أدّى ذلك إلى إغراق الأراضي بمياه غير معالجة نتج عنها إصابات بأمراض قاتلة، كما إنّ تأثير الحرب سيؤدي إلى كوارث بيئية وقد يتسبب في انقراض الكثير من الكائنات الحية، مما يهدد التنوع الحيوي.

مجزرة المواصي الجديدة

يقول العديد من السياسيين والناشطين إنّ القنابل التي تزن 900 كغم أقوى من أن تستخدم بشكل مسؤول في غزة، وهي منطقة مكتظة بالسكان.

وكتب السيناتور الديموقراطي “بيرني ساندرز” تعليقاً على منصة “إكس” في 29 مارس/ آذار الماضي قال فيه: “لا يمكن للولايات المتحدة أن تطلب من نتانياهو أن يتوقف عن قصف المدنيين في يوم من الأيام، ثم ترسل له في اليوم التالي آلاف القنابل الإضافية التي يبلغ وزنها 900 كغم، ويمكن أن تسوي مباني مدينة بأكملها بالأرض”.

ويمثل الهجوم الذي استهدف المنطقة الآمنة في خان يونس جنوبي قطاع غزة في العاشر من سبتمبر/ أيلول الحالي، هجوماً إسرائيلياً أميركياً متعمداً على المدنيين، لأنه تم بقنبلة Mk-84 الأميركية الشديدة الانفجار، دون أن تكون هناك حاجة عسكرية لاستخدامها، كما يقول الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي.

لكن الفلاحي أكد أن هناك العديد من القنابل التي يمكن استخدامها لاستهداف هؤلاء الثلاثة الذين يتحدث عنهم الاحتلال بعيداً عن هذه القنبلة التي تسمى “المطرقة” بالنظر إلى قوتها التفجيرية.

وينتهك الهجوم قواعد القانون الدولي ويمثل جريمة حرب إسرائيلية أمريكية لأنه تم بسلاح أميركي برأي الفلاحي، ولأنه يدخل ضمن سياسة التهجير والإبادة الممنهجة التي يمارسها جيش الاحتلال.

كما أشار الخبير الفلاحي إلى أنّ واشنطن خالفت القوانين الأمريكية التي تمنع استخدام تلك الأسلحة المدمّرة في الأماكن الآهلة بالسكان.

ومن الجدير ذكره أنّ جيش الاحتلال ارتكب مجزرة مماثلة في منطقة مواصي خان يونس في 13 يوليو/ تموز الماضي راح ضحيتها 90 شهيداً وجرح أكثر من 300 آخرين، واستخدم الاحتلال فيها 8 قنابل زنة كل واحدة منها نحو 900 كغم، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وزعمت إسرائيل حينها أنّها استهدفت قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف ونائبه رافع سلامة في الغارة التي نفذتها ضد خيام النازحين، وهو ما نفته حماس ووصفته بادعاءات كاذبة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات