الأحد 03/نوفمبر/2024

أوامر الإخلاء .. سياسة إسرائيلية قاهرة تعصف بسكان غزة

أوامر الإخلاء .. سياسة إسرائيلية قاهرة تعصف بسكان غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

تحت نيران الطائرات الإسرائيلية المسيّرة والقصف المدفعي، اضطر آلاف النازحين للهروب من خيامهم في مواصي القرارة بخانيونس ليعيشوا ساعات قاسية الليلة الماضية، بعد سلسلة من أوامر التهجير القسري الإسرائيلية المصحوبة بالقصف العنيف.

ولم يتمكن المسن محمود عبد الغفور (65 عاما) من مغادرة خيمته حيث باغته القصف الإسرائيلي ليصاب ويبقي ينزف في مكانه حتى استشهد ليلتحق بنجله الذي استشهد في نوفمبر الماضي.

وقال حمادة عبد الغفور لـ المركز الفلسطيني للإعلام: إن قريبة استشهد في المنطقة التي ارتكبت قوات الاحتلال فيها مجزرة دامية في مارس الماضي، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال أحرقت العديد من الخيام التي باتت ملجأ لأفراد العائلة النازحين من بلدة القرارة والسطر الغربي.

شهداء النزوح

ووفق مصادر طبية؛ استشهد 5 فلسطينيين على الأقل جراء استهداف النازحين المباغت في مواصي القرارة، شمال غربي خانيونس، مساء الأربعاء، فيما استشهد ما لا يقل عن 15 خلال اليومين الماضيين جراء استهداف النازحين في محيط مدينة حمد ومواصي القرارة.

ولم تصدر قوات الاحتلال أوامر تهجير من هذه المنطقة حيث باغتت النازحين بقصف وإطلاق نار مفاجئ، في حين أصدرت أوامر قبلها من منطقة سكنية مجاورة كانت جزءًا مما تطلق عليه المنطقة الإنسانية.

وفي كل مرة تتقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه منطقة فجأة تحت النار والقصف، أو تصدر أوامر إخلاء للسكان في قطاع غزة تحيل حياتهم إلى جحيم حقيقي، حيث يضطرون لمغادرة منازلهم أو ما تبقى منهم أو خيامهم ويهربون باتجاه مناطق أخرى لا يوجد فيها أي متسع.

16 أمر إخلاء

وبين الأول من يوليو/تموز و21 أغسطس/آب، أصدرت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 16 أمر إخلاء في قطاع غزة، أدت إلى تهجير قرابة 213 ألف فلسطيني منذ بداية أغسطس/آب وحتى 16 أغسطس/آب الجاري، وفق أطباء بلا حدود.

وقالت عزيزة سالم لـ المركز الفلسطيني للإعلام: هربنا تحت الرصاص، لجأنا إلى اللسان البحري، أمضيت ليلتي أنا وأطفالي في العراء مثل المئات .. لا يوجد أي مكان نذهب إليه، أجبرونا على النزوح باتجاه المواصي وهام يقصونها ويطلبون إخلاء جزء منها .. أين نذهب؟.

ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فُرضت أوامر الإخلاء على 86% من غزة (هذه لإحصائية قبل أوامر الإخلاء الأخيرة التي طالت مربعات من دير البلح وخانيونس) منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية، وعانى جراءها قرابة مليوني فلسطيني، اضطروا للنزوح غالبيتهم نزحوا عدة مرات.

وتبدأ أوامر الإخلاء باتصالات على السكان وإرسال رسائل لهم، قبل أن يصدر بيان بذلك من المنسق والناطق باسم جيش الاحتلال مرفقا خريطة توضح المربعات والأحياء المطلوب تهجيرها.

متى تنتهي الحرب؟

يقول خميس أمير، مشغّل اللاسلكي مع أطباء بلا حدود، والذي نزح بسبب أمر الإخلاء في 21 أغسطس/آب، “نقتلع أنا وعائلتي الخيمة ونوضّب أغراضنا [للانتقال]. يجمع أطفالي ألعابهم وأغراضهم كي لا يضيعوا. لا نعرف إلى أين نذهب. متى ستنتهي هذه الحرب؟”.

دير البلح في دائرة الاستهداف

وحذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من خطورة أوامر الإخلاء غير القانونية التي أصدرها الجيش الإسرائيلي في كل من دير البلح وسط قطاع غزة، ومواصي القرارة غربي خانيونس جنوب القطاع، والتي تعني فرض مزيد من التهجير القسري وتضييق نطاق المساحة التي يتكدس فيها قرابة مليوني إنسان.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له إن أوامر الإخلاء غير القانونية المتتالية التي أصدرها الجيش الإسرائيلي، وكان أحدثها صباح أمس الأربعاء، والتي طالبت كل السكان المدنيين، بمن في ذلك النازحون قسرًا، المتواجدين في بلوكات 129, 130 في منطقة “المحطة” ودير البلح جنوبًا، وهي منطقة تضم عشرات آلاف السكان، وتقترب من مستشفى “شهداء الأقصى”، وما سبقها من أوامر إخلاء غير قانونية استهدفت سكان شرق دير البلح وجنوبها، تدلل على أن إسرائيل ماضية لتوسيع هجومها في دير البلح المكتظة بمليون شخص، أغلبهم من النازحين من شمال غزة وجنوبها.

وتؤوي دير البلح حاليًا قرابة نصف سكان قطاع غزة الذين أجبروا على النزوح قسرًا والهروب من أنحاء قطاع غزة، خاصة من شمال غزة ورفح، بفعل القصف المتعمد من الجو والبر والبحر، والذي طال تجمعات سكنية بالكامل واستهدفت مراكز إيواء ومستشفيات ومنشآت عامة وخاصة مدنية، مقرونًا بأوامر عسكرية تدعو السكان للتوجه إلى الجنوب ودير البلح أو “المواصي” اللتان تستهدفان حاليًّا بأوامر الإخلاء غير القانوني والقصف.

نزوح غير إنساني

ويقول منسق مشاريع أطباء بلا حدود جاكوب غرانجيه، “استمرار نزوح الناس القسري أمر غير إنساني. فقد الناس ممتلكاتهم، وما من مكان يذهبون إليه. لا مكان لنصب الخيم. ويؤدي الاكتظاظ والنقص الحاد في المياه وخدمات الصرف الصحي إلى انتشار الأمراض. لا نستطيع أن نواكب الاحتياجات الهائلة”.

ويشدد الأورومتوسطي على أن تقليص الجيش الإسرائيلي لما يسميها “المنطقة الإنسانية” من خلال استهداف مناطق واسعة فيها بالإخلاء غير القانوني كما حدث في مواصي القرارة ودير البلح، يدلل على أن إسرائيل تسعى لحشر قرابة مليوني إنسان في شريط ضيق وتقلصه باستمرار، بحيث باتت حالة الكثافة في المنطقة غير مسبوقة في العالم، في الوقت الذي لا يجد فيه النازحون مكانًا ينصبون فيه خيامهم.

وذكر أن العديد من المؤسسات الإنسانية المحلية والدولية تتخذ من دير البلح مقرًا لها، وتصعيد الهجوم على المدينة يضع العمل الإنساني الجزئي في دائرة خطر التوقف، ما يعني المزيد من المخاطر الوجودية على سكان قطاع غزة.

نزع الأمان

ووفق الأورومتوسطي؛ فإن تتبع منهجية القصف الإسرائيلي وأوامر الإخلاء غير القانونية يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان الفلسطينيين من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء بما فيها تلك المقامة في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالتوازي مع أوامر الإخلاء.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات