عاجل

الأربعاء 07/أغسطس/2024

الحرب النفسية.. الوجه الآخر للعدوان الإسرائيلي على غزة

الحرب النفسية.. الوجه الآخر للعدوان الإسرائيلي على غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في الوقت الذي تستعر فيه حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الصامد، هناك حرب أخرى لا تقلّ ضراوة تخوضها المقاومة، وهي الحرب النفسية ضد الاحتلال وأعوانه ومن ويساندهم من المطبّعين والمخذّلين الذين آثروا الوقوف في صف العدوّ ضدّ أبناء جلدتهم، طمعاً في مغنم، أو خوفاً من مغرم، أو مجرّد حقد وحسد.

ويلعب النشطاء والمثقفون وحتى المواطنون العاديّون دوراً مهمّاً في مواجهة تلك الحرب النفسية، من خلال مواجهة الدعاية المضللة للاحتلال وأعوانه، التي تسهدف وعي الشعب وإيمانه بعدالة قضيته.

وحدة الحرب النفسية

قبل أكثر من عقدين من الزمن، شكّل الجيش الصهيوني وحدة عسكرية للحرب النفسية، تهدف إلى القيام بحملات للتأثير على مواقف الجمهور الفلسطيني، من خلال الدعاية، والحرب النفسية، ومناورات التضليل.

وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية كشفت حينها عن وجود تلك الوحدة، موضحةً أنّها تستغل وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية لترويج روايتها وتقاريرها. وقد مرّت الوحدة في فترات من الخمول، لكن كان يتمّ إحياؤها عند الحاجة وخاصة أوقات الحرب، ولا زالت تعمل حتى الآن.

وتهدف الوحدة إلى التأثير على معنويات الفلسطينيين وأفكارهم، من خلال الترويج لأسطورة الجيش الذي لا يقهر، وإظهار تفوق إسرائيل التكنولوجي، ونشر الأخبار المضللة عن المقاومة، وتبرير الأعمال العسكرية الصهيونية بحجّة مكافحة الإرهاب.

ومن الأمثلة على تلك الحرب النفسية المقطع الذي نشر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لفتاة تدّعي أنها ممرضة في مستشفى الشفاء، حيث اتهمت أفراد حماس بأنّهم سيطروا على المستشفى، وأخذوا الوقود والدواء.

وحاولت “الممرضة” استعطاف الناس بأنّها عالجت كسراً لطفل عمره خمس سنوات بدون مخدر المورفين، مدّعية حماس أخذته لنفسها، ثم ناشدت الجميع أن يخرجوا من مجمع الشفاء.

لقد كان ذلك المقطع صهيونيّاً بامتياز، فمن جهة حاول تشويه صورة المقاومة، ومن جهة أخرى حاول المساعدة في تحقيق أهداف الاحتلال من خلال تفريغ المجمع من المواطنين.

ولكن فطنة المقاومة والنشطاء ساعدت في مواجهة ذلك المقطع الزائف، حيث تبيّن أنه لممثلة إسرائيلية، استخدمها الاحتلال لترويج روايته وبث الذعر بين المواطنين الفلسطينيين.

إعلام التطبيع

لا تنفكّ دعاية الحكومة الإسرائيلية تبث سمومها وتعبّر عن صلفها واستكبارها، فبعد ساعات من هجومها الغادر الذي أدّى إلى استشهاد القائد إسماعيل هنية، اتهمت الحكومة الاسرائيلية حماس بأنّها لا تزال ترفض التوصل لاتفاق بخصوص الرهائن، وهو الموقف الذي وصفه الكاتب المصري فهمي هويدي بأنّه استعلاء ووقاحة، وينمّ عن استهانة بالعالم العربي وازدراء له.

وفي ذات السياق، انبرت العديد من وسائل الإعلام العربية لمساندة الرواية الإسرائيلية، وإطلاق سهامها نحو المقاومة، لتطعنها في وطنيتها، وتهاجم رموزها، وتشكك في ولائهم.

وانطلق الذباب الإلكتروني ليقدح في المقاومة وقادتها بكافة السبل، مستغلاً أوجاع الناس ومعاناتهم، لتحقيق أهدافه الخبيثة التي لا تصبّ إلا في مصلحة العدو الصهيوني.

ولكن وعي النشطاء من المدافعين عن الحق يدفعهم إلى سدّ تلك الثغرة في جبهة الحرب، ليكونوا عوناً للمجاهدين بسلاحهم المضحّين بأنفسهم دفاعاً عن وطنهم وكرامة أمتهم.

وفي مقال له بعنوان “إعلام التطبيع.. والحرب على غزة” يتحدث الكاتب حسني محمد نصر عن أداء المنصات الإعلامية العربية خلال حرب الإبادة الصهيونية في غزة، مؤكّداً أنّ وسائل الإعلام في دولنا العربية على دين أنظمتها وليست على دين شعوبها ومصالحها العليا.

ويضيف نصر أنّه باستثناء دول الممانعة والدول الرافضة للتطبيع مع الكيان المحتلّ، فإنّ التيار السائد في تلك الدول هو الداعم لدولة الاحتلال، والساعي إلى التخلص من كل أشكال المقاومة، حتى وإن كانت ضدّ المحتل، ويمثل هذا التيار وسائل إعلام الدول المطبّعة أو التي كانت في طريقها إلى التطبيع.

وبناءً على ذلك التوجه، يوضّح الكاتب أنّ “إعلام التطبيع” حاول إلقاء تبعات الحرب على المقاومة الفلسطينية في غزة نتيجة ما قامت به في السابع من أكتوبر الماضي. وبالتالي، فقد أصبح ذلك الإعلام ذراعاً من أذرع الدعاية الإسرائيلية التي ساهمت في استمرار حرب الإبادة إلى اليوم دون وجود أفق لإنهائها.

خطاب المقاومة

وفي مقابل خطاب الاحتلال ومن يسير في ركبه، كان للمقاومة خطابها. وفي هذا السياق، يقول عماد عبد اللطيف، أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب، إنّ خطاب المقاومة الفلسطينية تمكن من مواجهة الخطاب الصهيوني المدعوم من الغرب، معتبراً أنّ “أبو عبيدة”، المتحدث الرسمي باسم كتائب القسام، هو المعادل الخطابي لبندقية “الغول”، وقذائف “الياسين”.

ويرى عبد اللطيف في حوار مع مجلة المجتمع الكويتية أنّ مقاومة الاحتلال نضال متعدد الساحات، تجري معاركه في الخنادق والأنفاق كما تجري في شاشات التلفاز وصفحات “الفيسبوك” وغرف التفاوض.

ويضيف أنّ الغاية الأساسية لأي احتلال استيطاني هي هزيمة النفوس والعقول، والاستسلام أو الموت، أو الرحيل. ولتحقيق ذلك يستهدف الاحتلالُ أجساد أصحاب الأرض بالبنادق والقنابل والصواريخ، ويستهدف أرواحهم ونفوسهم بالكلمة والصورة.

ووفقاً لعبد اللطيف، فقد أنجزت المقاومة في حرب الخطابات انتصاراً لا يقل أهمية عن الصمود العسكري الأسطوري في ميادين القتال؛ حيث تمكن خطاب المقاومة من مواجهة خطاب التلاعب الصهيوني المدعوم من الغرب بأسره. وتجلّى ذلك في تفنيد الأكذوبة التي تصف المقاومة بالإرهاب، وإسقاط أكذوبة الجيش الذي لا يُقهر، وإظهار الوجه الحقيقي للجندي الإسرائيلي، بوصفه جباناً، مفتقداً للكفاءة، عنصرياً، متوحشاً.

فشل الحرب النفسية الإسرائيلية

نشر موقع المجد الأمني التابع للمقاومة بياناً أوضح فيه أنّ إسرائيل خسرت حربها النفسية ضد الفلسطينيين محلياً وإقليمياً وعالمياً رغم أنف الإعلام المتواطئ، مضيفاً أنّ المقاومة الفلسطينية حققت انتصاراً معنوياً هائلاً.

واعتبر البيان أنّ اللجوء إلى تفعيل “بكائية العداء للسامية” أقصر الطرق التي تلجأ إليها دولة الاحتلال لإعادة تقديم نفسها للعالم على أنها الضحية المعتدى عليها، حيث تتهم إسرائيل العالم كله بالانحياز ضدها، والتعاطف مع الشعب الفلسطيني، بدءاً من الأمم المتحدة إلى الصليب الأحمر الدولي، ومنظمات الإغاثة الإنسانية.

كما أكّد المجد الأمني أنّ دولة الاحتلال تستدعي عقدة الاضطهاد النازي، لكي تلوح بها ضد الفلسطينيين، الذين كانوا وما زالوا ضحايا للاضطهاد الإسرائيلي البشع منذ نحو قرن من الزمان، مضيفاً أنّ تكرار الأكاذيب الإسرائيلية من قطع رؤوس الأطفال وحرقهم أحياء، واغتصاب النساء، أدّى إلى حالة من الملل العالمي من الخطاب الدعائي الإسرائيلي وانعدام مصداقيته.

وفي سياق متصل، حذّر الموقع الأمني من سعي الكيان الصهيوني إلى نشر معلومات وأخبار مضللة تهدف إلى إرباك الجبهة الداخلية، وتأليب الجمهور الفلسطيني على المقاومة، وتبرير جرائم قتل المدنيين.

وأوضح الموقع أنّ سلطات الاحتلال تسعى من خلال ذلك إلى الحصول على معلومات أمنية من خلال مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة، لتصل في النهاية إلى تحطيم الروح المعنوية للفلسطينيين ورفع الروح المعنوية المنهارة لجنود الاحتلال في الميدان.

ولمواجهة تلك الحملة، دعا موقع المجد إلى الحذر من التساوق مع رواية العـدو الموجهة وتجنب نقلها، وأكّد على اعتماد رواية المقاومة، وتجنب نشر أو تداول أي أسماء أو معلومات أو تحليلات قد تضر بالمقاومة وأمنها، إضافة إلى محاربة الإشاعات وعدم تداول الأخبار دون التأكد من مصداقيتها.

أبرز المخاطر المترتبة على التفاعل مع صفحات العدو

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات