الجمعة 06/سبتمبر/2024

صاروخ مجدل شمس والخيارات الإسرائيلية الصعبة بين اتساع الحرب وتأزم الواقع

صاروخ مجدل شمس والخيارات الإسرائيلية الصعبة بين اتساع الحرب وتأزم الواقع

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في سياقٍ خارج الحيّز المعتاد منذ عشرة شهور للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقعت حادثة مجدل شمس بالجولان السوري، والتي أُعلن على إثرها عن مقتل 12 شخصًا وإصابة العشرات جراء سقوط صاروخ في ملعب لكرة القدم، ما أثار الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني عن مسؤولية أيٍّ منهما عن إطلاق الصاروخ.

فور وقوع الحادث، نفى حزب الله مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ، متهمًا إسرائيل بأن الصاروخ هو من بين منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية، إلا أن إسرائيل بادرت إسرائيل باتهامها حزب الله بإطلاق الصاروخ، مؤكدة على ضرورة تدفيعه الثمن، ليس ضمن الردود المحدودة، ولكن في سياق حرب واسعة، وهو ما أكده عدد من المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الطاقة والبنية التحتية، إيلي كوهين، الذي صرح بأنه “لبنان يجب أن يحترق.. علينا أن نقوم بعمل كبير في الشمال، وهو ما سيكلف لبنان وحزب الله ثمنًا باهظًا”.

وكذلك توعّد جيش الاحتلال حزب الله بما وصفه بـ”ردٍّ قاس ودراماتيكي”، فيما قال وزير الخارجية يسرائيل كاتس إن “هجوم حزب الله تجاوز كل الخطوط الحمر وسيكون الرد وفقًا لذلك”، وتوعد وزير الحرب يوآف غالانت بضرب الحزب في “كل مكان نحتاج لضربه فيه”، كما طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ”شن حرب على حزب الله فورًا”.

يدعم الرواية اللبنانية التي تتهم إسرائيل بالوقوف وراء الحادث، أن بلدة مجدل شمس تقع في الجولان السوري المحتل عام 1967 وقد ضمتها إسرائيل فيما بعد، ويسكنها دروز سوريون، وليس من بينهم مستوطنون صهاينة، وهو مما يرجح أن الفاعل ليس حزب الله، كون هذه المواصفات لا تقع ضمن بنك أهداف حزب الله.

هل تتوسع الحرب؟

وأيًّا ما كانت الرواية الصحيحة، فإن الحادث ألقى بظلاله عما يمكن أن يقع بين الطرفين في ظل نشوب حرب مستعرة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في غزة، في الوقت الذي لا ينأى حزب الله بنفسه عنها، بل هو جزء منها بدعم المقاومة في غزة وشن هجمات شبه يومية على كيان الاحتلال، ما كبّد الاحتلال خسائر فادحة، فيما قدّم الحزب عشرات الشهداء ثمنًا لذلك.

ويرى الكاتب عاموس هاريل في مقال بصحيفة هآرتس، أن “إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت مضى إلى حرب شاملة”، إلا أنه استبعد وقوعها لاعتبارات مختلفة، مشيرًا إلى أن إسرائيل سترد على الهجوم ولكن ليس بالطريقة التي ستجلب الحرب، وفق تعبيره.

وإذا ما تم الأخذ بالاعتبار التهديدات الإسرائيلية بشن حرب على لبنان، فهل الواقع السياسي والعسكري، وقواعد اللعبة التي تحكم كلا الطرفين منذ شهور، يمكن أن يتم تجاوزهما إلى تنفيذ تلك التهديدات والذهاب إلى حرب شاملة؟.

التحديات وقواعد اللعبة

يمكن قراءة التوقعات الأقرب إلى الواقع من خلال السياق الذي يحكم الطرفين بشكل مباشر منذ اندلاع حرب طوفان الأقصى، وذلك من حيث الموقف الأمريكي الداعم المباشر للاحتلال، وكذلك من حيث القدرات العسكرية للجانبين (إسرائيل وحزب الله)، بالإضافة للعوامل التي تؤثر عليها خريطة التحالفات التي تتشكل من جديد.

فرغم الاحتفالية التي استقبلت بها واشنطن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس كدلالة على التأييد الأمريكي الكامل والمستمر لإسرائيل في حربها على محور المقاومة، إلا أن الموقف الرسمي جدد رفضه للحرب مع لبنان أعادت التأكيد أمامه على رفضها خيار الحرب مع لبنان، نظرًا لعدم قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على التطورات الميدانية القادمة.

وعن القدرات العسكرية لكلا الطرفين وما إذا كانت تسمح بتوسيع رقعة الحرب، فإن إسرائيل تخشى إذا ما أقدمت على التصعيد، فإن حزب الله يمكن أن يُلحق خسائر فادحة ومفاجآت عسكرية غير محسوبة، تبعًا للترسانة الكبيرة التي يمتلكها حزب الله من الصواريخ والمسيّرات وخبرات مقاتليه، الذين يصل عددهم إلى نحو 100 ألف، بينهم قوات نخبة متمرسة، وجبهة دعم وإسناد، تضم إيران و”محور المقاومة”.

ويرى مدير معهد دراسات الأمن القومي ورئيس المخابرات العسكرية الأسبق تامير هايمان في مقال بصحيفة “جيروزاليم بوست” أن إسرائيل لا يحسن بها أن تخوض حربًا مع حزب الله إلا بعد معالجة الإخفاقات الحالية، وتثبيت استقرار قيادتها، وتحسين مكانتها الإقليمية والدولية.

يُضاف إلى ذلك المخاوف الإسرائيلية من أن أي حرب شاملة مع حزب الله قد تؤدي إلى نزوح مئات الآلاف من المستوطنات والمدن الإسرائيلية؛ إذ قد يلجأ الحزب إلى إطلاق ما معدله 3 آلاف صاروخ يوميًّا، وفق تقديرات إسرائيلية، لا سيَما وأن هناك نحو 90 ألفًا من المستوطنين قد تم إجلاؤهم من مستوطنات الشمال.

مخاوف إسرائيلية

وتزداد المحاذير الإسرائيلية بسبب امتلاك حزب الله ترسانة ترسانة صاروخية بمديات تصل إلى جميع المدن الفلسطينية المحتلة، وكذلك الطائرات المسيرة بأنواع مختلفة، وهي قادرة على تنفيذ مهام تكتيكية قتالية واستطلاعية وانقضاضية، ويمكن استخدامها للرصد والمراقبة والتصوير، بالإضافة إلى وجود أسلحة دفاع جوي قوية، وصواريخ مضادة للدبابات بما فيها الكورنيت الروسي، وصواريخ بحرية استخدمت في حرب عام 2006 في ضرب الفرقاطة الصهيونية “ساعر” في البحر المتوسط، وقد أثبتت هذه الأسلحة فاعليتها في تعطيل قدرة الردع الإسرائيلي طوال الفترة الماضية.

كل هذا في مقابل استنزاف معظم موارد الجيش الإسرائيلي في الحرب الجارية غير المحسومة في قطاع غزة وجبهة الشمال، في وقتٍ تعاني فيه إسرائيل من أزمة تجنيد عناصر أخرى في وحدات الجيش، وذلك بعد الإرهاق الحاصل منذ شهور على الجبهات الثلاثة (غزة والضفة والشمال).

إلى جانب ذلك، توجد أيضًا أزمة هيكلية في القيادة العسكرية والسياسية في إسرائيل، وخلافات متزايدة في القرار السياسي، فالحكومة لم تستطع وضع إستراتيجية الانتهاء من حرب غزة، ويصعب الذهاب إلى حرب أخرى واسعة وطويلة دون وجود جبهة موحدة.

وعلى الصعيد الاقتصادي هناك وضع مترد في إسرائيل، قد يتفاقم بشكل كبير في حالة اندلاع حرب واسعة، تشمل قصفا يوميا من حزب الله مستهدفا المنشآت الاقتصادية والموانئ والمطارات وغيرها، بما قد يؤدي إلى شلل اقتصادي.

ويرى الكاتب حاتم كريم الفلاحي -في مقال له، تابعه “المركز الفلسطيني للإعلام”- أن الخيارات الإسرائيلية صعبة وقليلة في التعامل مع الجبهة الشمالية مع حزب الله؛ لأن المواجهة الشاملة على هذه الجبهة ستكون ضارية وأشد خطرًا على الكيان الصهيوني من غزة، وبنفس الوقت سيكون تأجيلها مع حزب الله أشد خطرًا على الكيان!، وقد يجلب كارثة أكبر من كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل!، وسيدفع ثمنًا باهظًا على ذلك التأخير.

كما أن بقاء الأوضاع على ما هي عليه الآن من تصعيد سيتسبب في خسائر كبيرة واستنزاف لجيش الاحتلال، لذا فحكومة نتنياهو أمام أيام صعبة توحي بعدم قدرة الاحتلال على توسيع الحرب في الجبهة الشمالية مع لبنان، علمًا بأن الكيان حاول من قبل أن يرسل الكثير من الوفود الفرنسية والأوروبية والأمريكية إلى حزب الله لوقف التصعيد العسكري هناك، ولكنه فشل في ذلك.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات