الجمعة 30/أغسطس/2024

المقيمون والنازحون في خانيونس.. أينما يكونوا يدركهم القصف

المقيمون والنازحون في خانيونس.. أينما يكونوا يدركهم القصف

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

لم تكد أضواء النهار تملأ سماء خانيونس جنوبي قطاع غزة، حتى أظلّتها طائرات الاحتلال الصهيوني المحملة بالقنابل الأمريكية الصنع، لتُلقي بها فوق رؤوس المواطنين النازحين، ليرتقي مئات الشهداء والجرحى، ضمن حربٍ هي الأشد دموية في العصر الحديث، والتي يعاني ويلاتها أهالي قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

المواطنون الذين صارت حياتهم نزوحًا من مكان لآخر، لا يرتاح لهم بدن، ولا يستقر لهم مُقام، ولا يأمنون موضع شبرٍ في كامل القطاع، تلقوا إنذارات إسرائيلية بترك خيام النزوح، وما إن شرعوا في التحرك، حتى باغتتهم طائرات الاحتلال بوابل من القصف العنيف في السابعة والنصف من صباح أمس الاثنين، مخلّفة 77 شهيدًا وأكثر من 200 جريح، في حين يجري الحديث عن عشرات الشهداء لم تتمكن الطواقم الطبية من انتشالهم.

ووفق وزارة الصحة، ومصادر طبية ارتفعت حصيلة المجزرة والعدوان على خانيونس إلى خلال ساعات محدودة إلى 77 شهيدًا وأكثر من 200 جريح.

فيما أكد المكتب الإعلامي الحكومي في بيان له تلقي 1217 مناشدة من عائلات محاصرة تستغيث بإنقاذها.

وأضاف البيان أن الاحتلال شرع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال القصف العشوائي تجاه منازل المواطنين وتجمعات النازحين في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى ارتقاء 57 شهيداً بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، ولقد وصل منهم إلى مجمع ناصر الطبي وحده 49 شهيدًا بينما وصل شهداء آخرون إلى مستشفيات أخرى ومنهم من بقيت جثامينهم في الشوارع ولم تتمكن الطواقم الحكومية من الوصول إليهم بسبب كثافة قصف الاحتلال “الإسرائيلي”؛ حيث تم استهداف طواقم الدفاع المدني، كما وأدت هذه الجريمة إلى وقوع 196 مصابًا خلال 10 ساعات فقط، ولاحقا ارتفعت أعداد الشهداء إلى أكثر من 70 شهيدا.

وأفاد الإعلامي الحكومي بتلقيه معلومات عن وجود شهداء آخرين في الشوارع وأسفل أنقاض منازل مستهدفة، إضافة إلى وصول بلاغات ومناشدات للطواقم الحكومية من 1217 عائلة تناشد بإنقاذها من زخم وكثافة النيران والقصف العشوائي الذي ينفذه جيش الاحتلال “الإسرائيلي” ضد المدنيين والنازحين في المحافظة، مشيرًا إلى أن خلال هذه الساعات قصفت جيش الاحتلال 10 منازل على الأقل بعضها على رؤوس ساكنيها.

وتزامن القصف الإسرائيلي العنيف مع محاولة المواطنين إخلاء منازلهم نتيجة أوامر الإخلاء والتهجير التي أطلقها الاحتلال “الإسرائيلي” والتي تتكرر للمرة الثانية منذ بداية هذا الشهر في خان يونس، لتفضح أكذوبة المنطقة الإنسانية التي استهدفها جيش الاحتلال عشرات المرات ونفذ فيها العديد من المجازر.

قبل القصف بوقت قصير أصدر الاحتلال، أوامر تهجير جديدة، تشمل في بلدية بني سهيلا وحاراتها، بلدية عبسان الكبيرة والجديدة وحاراتها، بلدية القرارة وحاراتها، بلدية الفخاري وحاراتها، خربة خزاعة وحارات القرين، المنارة، السلام، جورت اللوت، قيزان النجار، الشيخ ناصر، المحطة، السطر والكتيبة. وتضم هذه المناطق أكثر من 250 ألف نسمة من السكان والنازحين، أغلبهم نزح عدة مرات، وبات عليهم البحث عن مأوى جديد في مواصي خانيونس المكتظة بمئات آلاف النازحين.

وقبل أن تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي لسكان المناطق الشرقية في خانيونس النزوح، نفذت بدءًا من الساعة 7:30 صباحًا، غارات مكثفة على خانيونس وشرقها، استهدفت تجمعات ومنازل في بلدة القرارة وحي الشيخ ناصر ووسط البلد وعبسان الكبيرة وبني سهيلا، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف استهدف البلدات الشرقية.

كما أصيب اثنان من طواقم الإسعاف التابعة للدفاع المدني أثناء توجههم إلى منطقة تعرضت لقصف من قوات الاحتلال الإسرائيلي عند دوار بني سهيلا شرق خانيونس.

وتُعد خانيونس ثاني أكبر مدن قطاع غزة من حيث المساحة والسكان، وتقع أقصى جنوب غربي غزة على بعد 20 كيلومترًا من الحدود المصرية، و25 كيلومترا من مدينة غزة.

وكان للمدينة دور بطولي في مقاومة الاحتلال البريطاني ثم الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ جرت فيها العديد من المعارك والاشتباكات عامي 1956 و1967، ومنها انطلقت الطلائع الأولى لانتفاضة الحجارة عام 1987.

وقد تعرضت المدينة في ديسمبر/كانون الأول 2023 لقصف جوي ومدفعي من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى، أعقبه توغل بري، شهدت على إثره اشتباكات عنيفة بين جنود الاحتلال والمقاومة الفلسطينية استمرت 4 أشهر.

وانسحب الجيش الإسرائيلي من المدينة في 7 أبريل/نيسان 2023 بعد ارتكاب مجازر بحق المدنيين وتدمير البنية التحتية بشكل كامل من طرق ومستشفيات ومبان سكنية ومدارس وغيرها، إلا أنه يعاود بين الفترة والأخرى تنفيذ غارات جوية، وتوغلات برية، تسفر عن وقوع العشرات من الشهداء والجرحى.

ولا يكاد سكان خانيونس والنازحون فيها يحاولون تعمير شيء مما دمّره الاحتلال ولو بأدنى مقوّمات الحياة، حتى يعاود الاحتلال عدوانه عليهم ليُفسد من جديد ما أصلحوا بعد جهد جهيد.

المعاناة التي لا تنفكّ عن سكان خانيونس، بين نزوح وقصف وانعدام سبل الحياة من طعام ومستشفيات وخدمات عامة، لم يسلم منها أيٌّ من المواطنين، حتى لم يعد بيت فيها إلا وطاله القصف، سواء كان بيتًا متروكًا من أصحابه، أو بيتًا هُدم على رؤوس ساكنيه.

وتزداد الحياة قسوة في خانيونس عند المرضى الذين يحتاجون لرعاية، فلا يجدون مستشفيات فينتقلوا إلى منازلهم أو مخيماتهم، بينما يستكثر الاحتلال عليهم ذلك، فيدفع بهم نحو نزوحٍ جديد أو نحو القتل المباشر دون رحمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات