عاجل

السبت 24/أغسطس/2024

الأطفال المفقودون.. ماذا يعني أن تعيش عشرات آلاف الأسر في غزة هذا الألم؟

الأطفال المفقودون.. ماذا يعني أن تعيش عشرات آلاف الأسر في غزة هذا الألم؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

ليسوا أرقامًا، لكنّهم عشرات الآلاف من قصص الفقد والحزن والألم الشديد الذي تكتنزه الأسر في غزة في ظل فقدان ما يزيد عن عشرين ألف طفل ما زال مصيرهم مجهولًا، وعددٌ آخر يقارب ذلك العدد من غير المصحوبين بذويهم، في حالة تتكرس فيها مأساة العائلات في غزة والوجع الذي لا ينتهي مع استمرار العدوان منذ السابع من أكتوبر الماضي.

يقول أحمد حماد، الذي فقد غالبية أفراد أسرته في قصف على دير البلح في شهر كانون الثاني الماضي: “حزني على زوجتي وأطفالي الشهداء في كفة، وحزني على هادي في كفة لوحده، هو الوحيد الذي لم ننتشله من تحت الركام من بين كل شهداء تلك الليلة الدامية، ولا أعلم هل بقي شيء من جسده الصغير لأدفنه أم تبخر من قوة الانفجار والنيران؟”.

وفي قصة الوجع هذه لا يتجاوز عمر هادي الـ 5 أعوام، وهو أحد آلاف الأطفال المفقودين سواء تحت أنقاض منازلهم التي دمرتها نيران قوات الاحتلال، أو أولئك الأطفال الذين لم يبلغوا الـ18 من أعمارهم واعتقلتهم قوات الاحتلال من مناطق متفرقة في القطاع اجتاحتها بريا عقب اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وآخرين لا يزال مصيرهم مجهولا، بحسب جهات رسمية وأهلية.

وأفادت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية بأن حوالي 21 ألف طفل في غزة فقدوا نتيجة الحرب الإسرائيلية على القطاع، بحسب تقديراتها الأخيرة.

وتشير التقديرات إلى أن العديد من الأطفال المفقودين عالقون تحت الأنقاض أو محتجزون أو مدفونون في قبور غير معروفة أو ضائعون من عائلاتهم.

كما أضاف التقرير أن عمليات النزوح الأخيرة الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح قد أدت إلى تشتيت المزيد من الأطفال وزيادة الضغط على العائلات والمجتمعات التي ترعاهم.

وفي الوقت ذاته تشير تقديرات اليونيسف إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل في قطاع غزة غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم. لكل واحد قصة مفجعة من الفقدان والحزن.

وفي مشهد كان غير مألوف قبل الحرب، باتت ملصقات البحث عن الأطفال المفقودين تنتشر بين خيام النازحين وبعض المناطق المأهولة بقطاع غزة.

عبدالله أبو القمصان، الذي فقد طفله الصغير في الحرب، ينطلق كل صباح لإلصاق إعلانات البحث عن طفله فؤاد، الذي فقد بعد إصابته في قصف في مخيم جباليا للاجئين في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وفقًا لتقرير للأمم المتحدة.

ويفيد أبو القمصان أنه كان في منزل أقربائه في المخيم شمال قطاع غزة بتاريخ 31 أكتوبر 2023، وفي حوالي الساعة 14:30 بالتوقيت المحلي، ضربت غارة جوية المنزل، مما أدى إلى مقتل والده ووالدته، وبقي هو وطفله فؤاد نصف ساعة تحت الركام حتى تم إنقاذهما.

ويضيف أبو القمصان أنه كان يحتضن ابنه الذي كان واعيا وتم إسعافه بعدها، لكنه لم يعرف وقتها إلى أي مستشفى جرى نقله.

ويتابع أبو القمصان قائلا إنه بعد البحث في ثلاجات الموتى دون جدوى، وجد في أرشيف مستشفى الشفاء بمدينة غزة تفاصيل تطابق مواصفات طفله: “طفل مجهول الهوية وصل إلى المستشفى وكانت إصابته طفيفة”.

يقول أبو القمصان إنه حتى الآن لا يعلم من أخذ طفله أو من اعتنى به حتى اليوم.

لم يترك عبد الله أي وسيلة إلا وسلكها بحثا عن طفله فؤاد، سواء من خلال وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، حتى اضطر مؤخرا إلى اللجوء للملصقات الورقية التي تحمل صورة فؤاد وبدأ بنشرها بين خيام النازحين والشوارع، سعيا لأي بصيص أمل يخبره عن مصير طفله.

يضيف عبد الله أبو القمصان أنه خلال رحلة بحثه المستمرة منذ تسعة أشهر عن طفله، صادف حالات مماثلة وأخرى أصعب لعائلات تبحث عن أطفالها.

ليست صورة فؤاد الوحيدة المنتشرة بين خيام النازحين. فقد رصدت كاميرا أخبار الأمم المتحدة العديد من الملصقات الأخرى التي تبحث عن أطفال مفقودين خلال الحرب ورحلة النزوح التي يعيشها الناس في قطاع غزة.

بين الحين والآخر، تنتشر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تبحث عن مفقودين، بعضهم لأطفال فقدوا طريق العودة إلى خيمة النزوح.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل في قطاع غزة غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم.

وهذا يعادل 1% من إجمالي عدد النازحين – 1.7 مليون شخص.

وهذا مجرد تقدير لأنه يكاد يكون من المستحيل جمع المعلومات والتحقق منها في ظل الظروف الأمنية والإنسانية الحالية.

وقال أخصائي حماية الطفل في منظمة “أنقذوا الأطفال” إن الوضع في غزة يتفاقم يوما بعد يوم للأطفال الذين فقدوا ذويهم أو تُركوا بدون رعاية في ظل الأوضاع الراهنة.

وأضاف: “نعمل بالتعاون مع شركائنا المحليين لتحديد ومساعدة الأطفال غير المصحوبين بذويهم، ولكن لا يوجد مكان آمن لهؤلاء الأطفال في غزة”.

وأوضح أن العائلات التي استضافت الأطفال الوحيدين تعاني من صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل المأوى والطعام والماء.

كما يواجه عدد من يتامى قطاع غزة مصير أن يصبحوا مجهولي الهوية. ذلك إذ عثر على العديد منهم في سن صغيرة جداً بحيث لا يستطيعون الكلام أو تحديد هوية والديهم وعائلاتهم، أو أن آثار الصدمة النفسية أو العاهات التي تعرضوا لها جعلتهم غير قادرين على فعل ذلك.

ويشار إلى هؤلاء الأطفال بكلمة “WCNSF”، وهي الحروف الأولى من جملة “طفل جريح من دون والدين على قيد الحياة”. وتُجهل لحد الآن أعداد هؤلاء الأطفال، الذين ينتظرهم مستقبل مجهول المعالم في حال لم يجر التعرف على الأسر التي ينحدرون منها.

وفي تصريح لصحيفة الغارديان، قال جيمس إلدر، المتحدث باسم اليونيسف: “أجنحة المستشفيات ممتلئة بالأطفال الجرحى الذين لا توجد أُسَر لهم على قيد الحياة (…) وكانت لدينا فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، خرجت لتوها من منطقة حرب في مدينة غزة، مصعوقة وصامتة وملطخة بالدماء، ولم يكن لديها أحد على الإطلاق”.

وأضاف إلدر: “كم يبلغ عدد الأطفال في مثل وضعها؟ نحن ببساطة لا نعرف”. مشدداً على أن وجود مثل هذه الحالات بكثرة “تؤكد الطبيعة العشوائية وشراسة” العدوان الإسرائيلي على غزة، بحيث “تمت إبادة عوائل بأكملها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات