الإثنين 22/يوليو/2024

كيف أبادت الحرب على غزة المستقبل التعليمي لجيل بأكمله؟

كيف أبادت الحرب على غزة المستقبل التعليمي لجيل بأكمله؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام:

انقلبت حياة أدهم داوود، رأساً على عقب، وتبددت أحلامه بالالتحاق هذا العام بكلية الهندسة في إثر ضياع العام الدراسي.

وداود طالب الثانوية العامة، الفرع الأدبي من مدرسة هارون الرشيد في مدينة خان يونس، لم يلتحق بامتحانات الثانوية العامة كآلاف الطلبة الذين قضت حرب الإبادة الإسرائيلية على مستقبلهم الدراسي، في إثر تدمير البنية التحتية للمدارس والجامعات في غزة.

ويقول داوود في شهادة وثقها مركز الميزان لحقوق الإنسان، إنه يعمل لتوفير المستلزمات الضرورية لعائلته، ويشعر كأنه “إنسان مهمش بدون مستقبل. كنت أطمح أن أسجل بتخصص هندسة ديكور في الجامعة، ولكن الآن أصبح حلمي أن تنتهي الحرب، وأن أستطيع العودة لمدرستي لأستكمل دراستي”.

ومنذ اليوم الأول للعدوان، توقفت العملية التعليمية في كل المستويات، في الجامعات والمدراس والمراكز التعليمية والتدريبة، وتحول عمل المدراس من أماكن تعليمية إلى مراكز إيواء يستخدمها السكان النازحين الذين هجروا من منازلهم قسراً، ومع ذلك لم تتوان قوات الاحتلال عن استهداف المدارس والمنشآت وهي مكتظة بالمهجرين بالنازحين.

“تدمرت حياتي”

وفي تقرير تفصيلي نشره المركز تحت عنوان: “إبادة التعليم في قطاع غزة في سياق الإبادة الجماعية”، تروي الطفلة ليان علي أبو العطا، كيف فقدت ساقها الأيمن إثر قصف مئذنة مسجد بينما كانت تقيم بمدرسة في دير البلح وسط قطاع غزة، كانت قد نزحت إليها برفقة أهلها من حي الشجاعية.

وتقول ليان (13 عاماً)، إن الكسور والجروح تحولت إلى غرغرينا، ما دفع بالأطباء لتحويلها إلى مصر في محاولة لإنقاذ ساقها إلا أن خطورة الوضع دفع بالأطباء لقرار بترها من أعلى الركبة.

وتعاني ليان من شلل في النصف السفلي من الجسم، “ولا أعلم كيف سألتحق لاحقاً بمدرستي عند انتهاء الحرب، فأنا لا أستطيع التحرك، لقد تدمرت حياتي”.

ويؤكد تقرير المركز أن قوات الاحتلال لم تتح أي فرصة أمام الطلاب لاستكمال مسيرتهم التعليمية، نتيجة الظروف غير الإنسانية والكارثية التي خلقتها من خلال استهدافها المباشر للمدارس والجامعات وتدمير أرشيفها وسجلاتها، عوضاً عن قطع خدمات الكهرباء والإنترنت.

تدمير ممنهج

ويشدد التقرير على أن التدمير الممنهج للبنية التحتية التعليمية، إلى جانب استشهاد معلمين ومحاضرين، وإصابة كفاءات وتخصصات أخرى، وسفر عدد منهم وتواجدهم خارج قطاع غزة، “سيشكل تحدياً أمام محاولات إعادة قطاع التعليم للعمل”.

ويشير إلى أن لم يستثني المرافق التعليمية سواء كانت تتبع لوزارة التربية والتعليم أو لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أو حتى الأهلية والخاصة.

ويقول فريد أبو عاذرة، مدير عام التعليم في وكالة غوث تشغيل اللاجئين “أونروا”، إن ثلثي مدارس الأونروا قصفها الاحتلال، فيما استشهد 197 من موظفي المنظمة الأممية.

ويؤكد أبو عاذرة، في شهادته لمركز الميزان، أن حرب الإبادة المستمر على غزة للشهر العاشر على التوالي تسببت في “تدمير المنظومة التعليمية بأكملها”، ووضع مئات آلاف الطلبة في الجميع المراحل التعليمية الأساسية والعليا، “أمام مستقبل مجهول”.

ويوضح أن الأمر لا يقتصر السنة الدراسية الحالية، فبسبب التدمير الممنهج للمنشآت التعليمية والبنية التحتية والمنازل، “أصبح من الصعب وضع تصور وخطة لإلحاق الطلاب بمقاعدهم الدراسية ما بعد العدوان”.

ويشير أبو عاذرة إلى أن تحويل مدارس الأونروا إلى مراكز إيواء يؤدي إلى تأخير استئناف الدراسة بعد انتهاء العدوان، ويزيد الضغط على البنية التحتية التعليمية المتضررة بالفعل، كما يتطلب بذل جهوداً كبيرة لإعادة تأهيل المباني وتجهيزها لاستقبال الطلاب مجدداً.

ويضيف أن “ما فقده الطلاب لا يمكن تعويضه، وسيؤثر بشكل كبير على تحصيلهم الأكاديمي وتطورهم الشخصي، وعلى احتمالية زيادة نسبة التسرب من المدارس، والتأخر في التقدم الأكاديمي، والتعرض لمخاطر عمالة الأطفال، والزواج المبكر، وتدهور مفاهيم حقوق الإنسان لدى الطفل واهتزاز انتمائه لهويته”.

ووفقاً لعطيات أوردها تقرير الميزان، تضم المدارس الحكومية 360 ألف طالب موزعين على 442 مدرسة، دمرت قوات الاحتلال منها 285 مدرسة بشكل كامل، وقتلت 9 آلاف طالب وطالبة، من المستوى المدرسي والجامعي، وأصابت 14 ألف، من بينهم نحو 3 آلاف طالب وطالبة أصبحوا من ذوي الإعاقة، وقتلت 400 معلم ومعلمة في المدارس، و100 من كوادر الجامعات التي دمر الاحتلال أكثر من 80% من مبانيها.

آثار غير مباشرة

وتطرق التقرير إلى الأثر غير المباشرة للإبادة الجماعية على قطاع التعليم في غزة، مؤكداً أن لاستمرار فرض حصار كامل على غزة، آثار نفسية وجسدية كارثية على الأطفال، ستضعف من مقدرتهم على التحصيل العلمي، خاصة أولئك الذين حرموا من أحد والديهم أو كلاهما، أو فقدوا طرفاً أو أكثر من أطرافهم، أو نتج عن إصابتهم إعاقات دائمة.

وتشمل الآثار النفسية العميقة التي يعاني منها الطلاب والمعلمون جراء الأحداث المأساوية التي يشهدوها، تأثير العواطف السلبية مثل الخوف والقلق والاكتئاب، والصدمة النفسية بسبب الضغط النفسي المستمر والخسائر المادية والبشرية، مثل فقدان الأقارب أو المنازل، وفق معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ويبين الجهاز في تقريره المنشور في أبريل/ نيسان الماضي، حول أوضاع أطفال فلسطين، كيف يمكن أن تؤثر حرب الإبادة على سلوك الأطفال ونمط حياتهم اليومية، مثل تغييرات في نمط النوم والتغذية والعلاقات الاجتماعية.

ويضيف التقرير أن تعرض الأطفال لإصابات جسدية مؤلمة أو فقدان الأحباء، يزيد من حاجتهم إلى الدعم النفسي والعاطفي للتعافي من تلك التجارب المؤلمة، مشيراً إلى أن أكثر من 816 ألف طفل في القطاع بحاجة إلى مساعدة نفسية من آثار الحرب المتواصل على غزة.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إلى أن أكثر من مليون طفل في قطاع غزة تظهر عليهم أعراض مثل: مستويات عالية للغاية من القلق المستمر، وفقدان الشهية، وعدم القدرة على النوم، ونوبات انفعالية أو ذعر في كل مرة يسمعون فيها التفجيرات، وأنهم جميعاً بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

11 عملا مقاوما في الضفة خلال 24 ساعة

11 عملا مقاوما في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام نفذت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، 11 عملًا مقاومًا ضد أهداف تابعة...

بايدن يتنحى عن سباق الرئاسة الأمريكية

بايدن يتنحى عن سباق الرئاسة الأمريكية

واشنطن – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اليوم الأحد، التنحي عن خوض سباق الرئاسة الأمريكية المرتقب في نوفمبر/ تشرين ثاني...

مقررة أممية: إسرائيل تزداد وحشية وسادية

مقررة أممية: إسرائيل تزداد وحشية وسادية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، الأحد، إن...