السبت 20/يوليو/2024

ماذا تعني المسافة صفر للمقاوم الفلسطيني بمواجهة عدوه؟

ماذا تعني المسافة صفر للمقاوم الفلسطيني بمواجهة عدوه؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

اكتسب مصطلح “المسافة صفر” شهرة واسعة بعد استخدامه من المقاومة الفلسطينية في غزة، ليعكس قوة وشجاعة المقاومة التي واجهت الدبابات الإسرائيلية المتطورة بأسلحة أغلبها مصنع محليا.

وتعتمد استراتيجية “المسافة صفر” على اقتراب المقاوم من قوات جيش الاحتلال إلى أقل من 50 مترا، مما يجعل من الصعب على جيش الاحتلال استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المقاومين، مما يعكس مستوىً عالياً من التكتيك والمرونة في تعامل المقاومة مع الظروف المتغيرة على الأرض.

ومنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على غزة بدت بسالة المقاومة وأساليبها ومهاراتها القتالية استثنائية أمام وحشية وإجرام الاحتلال غير المتناهي، والذي يعتمد على قوة تسليحية هائلة تشمل الدبابات والآليات الثقيلة المزودة بتكنولوجيا متقدمة.

هذا الاستثناء وثقته عمليات المقاومة المصورة المصحوبة برمزية المثلث الأحمر، كأسلوب قتالي غير معهود أثبتت فيه دوماً قدرتها على التكيف بابتداع أساليب قتالية تظهر روحاً عالية على التضحية من “المسافة صفر”، حيث يلتحم المقاتل الفلسطيني بالجنود المتحصنين خلف أطنان من الصفائح الحديدية لدبابة “الميركافاة” المزودة بالكثير من المعدات والتقنيات القتالية.

ولا تعتمد استراتيجية “المسافة صفر” فقط على العبوات الناسفة والقذائف المضادة للدروع، بل تشمل أيضا مختلف أنواع القتال والتكتيكات العسكرية الأخرى، مما يساعد المقاومة على تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.

صفر الطوفان المجيد

ويقول الكاتب د. محمود بركة، الباحث في الإعلام السياسي، إنه “ثمة عمق في المسافة صفر التي تختصر المسافة التدريبية التي خاضها الفدائي المقاوم بينه وبين فهمه لفيزياء العدو. ومن تلك المساحة، وضعت المقاومة الفلسطينية في غزة الجسد في مركز الصفر وعلى رأسه، وتكوّن الخطاب وصار أحد درجات قوة الصفر”.

ويضيف في مقال نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية: “يشاهد العالم كيف تلتحم الأيادي المجردة إلّا من الإرادة مع أسلحة تتطور مدعومة بأساطيل الإمبريالية والنظم الغربية وأسلحتها الفتاكة، وتخاذل الرجعية العربية وصمت الرسمية الفلسطينية على غزة التي يأكلها غبار الحرب، وينهض من أرضها صفر الطوفان المجيد في قصيدة فدائية إنسانية”.

الحل السياسي وأيديولوجيا القهر

ويؤكد بركة في مقاله المعنون بـ”سطر المسافة، صفر في غزة”: أن صفر الطلقة والبندقية والقذيفة تأتي بعد عقود من “مهزلة” القرارات الدولية الباحثة عن “مسخرة” الحل السياسي الذي لا يحل شيئاً في فلسطين، ولا يفعل شيئاً غير تمكين العدو وإعطائه فرصة من الأعوام الضائعة لتكريس سلطة الاستيطان وهندسة أيديولوجيا القهر اليومي على غزة لقتلها على مهل.

ويوضح أن المسافة صفر للمقاومة الفلسطينية التحمت مع “عدو حاول السيطرة على الكون بروايته المزيفة، وصار احتلالاً ذا رخصة ضارة وغير محتملة”.

ويشدد بركه على أنه لا يمكن رؤية صفر مسافة المقاومة إلا إذا اقتربنا من غزة ورأينا ما تمارسه الصهيونية من تضييق على الفلسطينيين في سائر الجغرافيات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وفلسطين 1948 والسجون وصولاً إلى الشتات”.

المسافة صفر والنُظم الرجعية

ويمضي بالقول، أن المسافة صفر “طوت صفحة المفاوضات المخجلة مع عدو لا يفهم لغة الأخلاق ولا معنى الفدائي السياسي. حقق الفدائي صورة الشجاعة المطلقة في سجايا المسافة المستحيلة، وأصحبت سؤالاً في سجل الأيام الفلسطينية: كيف حقّق الفلسطيني المُطارِد هدفه من المسافة صفر وراء الجدار، واستمرت مسيرات العودة حتى جاء الطوفان الأكبر والأخطر، طوفان الأقصى؟”.

ويردف بركة بالقول، أن “المسافة صفر تعبر حقيقة عن نُظُم رجعية قررت السكوت عن ضيق الحياة في فلسطين، وعمّا تفعله الصهيونية الإسرائيلية وشقيقتها العالمية في فلسطين (…) ترسم المسافة صفر خريطة التحرير والعودة لتغدو المسافة أقرب من لحظة الانتصار المحمول على المعاناة التي وصفها إدوارد سعيد، إذ لا مستقبل فلسطيني من دون القدس وغزة”.

وعدّ بركة عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر بـ”تحولات كبرى تشدّ الانتباه وتتابع السؤال: ما الذي حدث ويحدث وسيحدث بين العدو النائم في أعياد الأسطورة، وبين المفكّر الثوري اليقظ في فلسطين الواقع (…) فهكذا تحيا الجغرافيا المطموسة بين يدَي مَن يحرر الأرض من مضمون المعارك المعجزة، حيث يعود الفلسطيني المقاوم وهم يتحسّسون عيونهم وقلوبهم على الملأ لكسر بوصلة الحصار واستبدالها ببوصلة الصفر الذي خلخل سيطرة العدو”.

“المسافة صفر.. نظام حياة!”

وكتب الكاتب المصري أنور عبد اللطيف، كيف أن اللواء فايز الدويرى الخبير العسكري لم يغير قناعاته بأنه ما ضاع حق وراءه مقاوم ولو كان بصدر عار، وكيف أن “الميركافا” أحدث دبابة في العالم ذات مميزات غير طبيعية، ترى بزاوية ٣٦٠ درجة، وجسمها محصن بأكثر من ثلاث طبقات للحماية، وملابس طاقمها وأقنعته ونظاراته لا تقل حصانة عن دروع الدبابة، وتملك نظام تشويش وتطور تكنولوجى ورادارى توجه بالأقمار الصناعية، “لا يدمرها في غزة إلا مقاتل يقف في المسافة صفر يؤمن بقيمة المقذوف وأن دقة التصويب تعنى فناء اعدائه وحياة وطن”.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة الأهرام المصرية تحت عنوان “المسافة صفر.. نظام حياة!””: “من المسافة صفر نجح طوفان الأقصى في عرض القضية بالمعايشة والصورة والصوت والنبض إلى الأجيال الجديدة في المظاهرات بكل شوارع ولغات العالم، وكشف عجز مجلس الأمن عن التعامل مع القضية الفلسطينية طيلة ٧٥ عاما، وتورط الإدارة الأمريكية بالدعم السياسي لإسرائيل باستخدام حق الفيتو ومنع صدور قرار أممي بوقف إطلاق النار”.

وتابع مستدركاً: “لكن السياسة الإجرامية في واشنطن وتل أبيب من حيث أرادا إبادة الجيل الحالي وآبائهم الذين عاشوا النكبة الأولى واستوعبوا آثارها، فإنهما أيضا أصابا مصداقية الدور الأمريكي وبايدن ومعهما نتنياهو وعصابته في مقتل من المسافة صفر!”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حماس تدين العدوان الغاشم على اليمن

حماس تدين العدوان الغاشم على اليمن

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة حماس، بأشد العبارات العدوان الصهيوني الغاشم على سيادة الجمهورية اليمنية الشقيقة، واستهداف منشآت...