عاجل

الأحد 30/يونيو/2024

الأراضي الزراعية .. هدف للتدمير الإسرائيلي لتجويع الفلسطينيين في غزة

الأراضي الزراعية .. هدف للتدمير الإسرائيلي لتجويع الفلسطينيين في غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

من بعيد ينظر المزارع الفلسطيني محمود قديح إلى أرضه الزراعية شرق خانيونس، التي لم يعد قادرا على الوصول إليها وزراعتها بسبب الحرب الإسرائيلية الدامية والمستمرة للشهر التاسع على التوالي، ويقول: لقد دمر الاحتلال كل شيء.

وقال قديح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: إنه يضطر لشراء الخضروات إذا توفرت بالحبة بمبلغ مالي كبير رغم أنه كان لديه 20 دونمًا مزروعة بالخضروات ولكن الاحتلال جرفها ودمرها، وأدرجها ضمن المنطقة العازلة التي يسعى لفرضها شرق قطاع غزة.

وأخرجت قوات الاحتلال أكثر من 75% من مساحة الأراضي الزراعية عن الخدمة في قطاع غزة، إما بعزلها تمهيدًا لضمها للمنطقة العازلة على نحو غير قانوني أو تدميرها وتجريفها، وفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

ويؤكد ماضي أن الاحتلال عمل على تدمير غالبية الأراضي الزراعية ليحرم السكان من خيرات أرضهم ويحرمهم من مزروعات أرضهم التي كانت تباع بأسعار معقولة في وقت يمنع إدخال هذه الأصناف أو يدخلها بكميات قليلة على فترات متباعدة ما يرفع أسعارها، وكل ذلك في إطار سياسة التجويع التي يستخدمها في قطاع غزة.

وتسعى قوات الاحتلال -حسب تقدير توصل له المرصد الأورومتوسطي- إلى أن إسرائيل تسعى لتدمير السلة الغذائية من الخضروات والفواكه واللحوم، في قطاع غزة بالإضافة إلى تدميرها لكل مقومات الإنتاج الغذائي المحلي الأخرى، بالتوازي مع منعها إدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية في إطار تكريسها للمجاعة في قطاع غزة واستخدام التجويع كسلاح حرب، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المستمرة للشهر التاسع على التوالي.

وعملت قوات الاحتلال بشكل منهجي منذ بدء هجومها العسكري على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، على تدمير واسع النطاق للأراضي الزراعية ومزارع الطيور والمواشي بنمط واضح ومتكرر؛ بهدف تجويع السكان وحرمانهم من السلة الغذائية من الخضار والفواكه واللحوم البيضاء والحمراء، وجعل أمر نجاتهم مرهونًا بالقرار الإسرائيلي بإدخال أو منع إدخال المساعدات الإنسانية، وفق بيان للمرصد.

ومنذ بدء عدوانها، جرفت قوات الاحتلال ودمرت جميع الأراضي الزراعية على امتداد السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة وشماله بعمق يصل إلى قرابة 2 كيلو متر، وبذلك تكون أخرجت ما يقارب من 96 كيلو متر مربع، في محاولة لضمها للمنطقة العازلة بما يخالف قواعد القانون الدولي، يضاف إليها نحو 3 كيلو متر مربع، جراء شق طريق ومنطقة عازلة تفصل مدينة غزة عن وسطها من محور نتساريم، وهذه المساحة تمثل نحو 27.5% من مساحة قطاع غزة.

ويؤكد الأورومتوسطي أن الغالبية العظمى من هذه الأراضي التي باتت ضمن نطاق المنطقة العازلة التي يحظر على السكان والمزارعين الوصول إليها كانت تمثل الجزء الأكبر من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة، وعمل الجيش الإسرائيلي على تجريف وتدمير جميع المباني والمنشآت فيها بشكل شبه كامل، مبينًا أنه كان بها مئات المزارع المقامة على مئات الدونمات المزروعة بالخضروات والفواكه إلى جانب مئات مزارع الطيور والمواشي.

ولم يقتصر التدمير على هذه الأراضي، بل هناك أراضٍ خارج هذه المنطقة العازلة تعرضت أيضًا للتدمير خلال التوغلات الإسرائيلية أو جراء القصف الجوي والمدفعي، والذي طال ما لا يقل 34 كيلو مترًا مربعًا من الأراضي الزراعية والشوارع التي تخدمها، وبذلك يكون إجمالي الأراضي المدمرة هو 36.9% ، وهذه المساحة تمثل أكثر من 75% من المساحة المخصصة للزراعة في قطاع غزة، وفق الأورومتوسطي.

ويقول المزارع محمد الأسطل: لم يعد هناك أراضي كثيرة تصلح للزراعة، مؤكدًا أن الدمار الهائل للمنازل تسبب بتخريب الأراضي المجاورة ما يحول دون زراعتها، فضلا عن تأثيرا آلاف الأطنان من القذائف والمتفجرات والفسفور الأبيض الذي يلقيه الاحتلال.

وأشار الأسطل في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن بعض المزارعين يزرعون ما تبقى من أراضي في المواصي أو مساحات صغيرة في هذه المنطقة أو تلك بمخاطرة عالية وتكلفة باهظة لجلب الماء أو استخراجه من الآبار.

وقال: إن الاحتلال قتل عددا كبيرًا من المزارعين خلال عملهم في الأراضي الزراعية أو خلال توجههم إليها.

ويؤكد الأورومتوسطي أن فرقه الميدانية وثقت تعمد الاحتلال قتل العديد من المزارعين خلال عملهم أو محاولتهم الوصول إلى أراضيهم ومزارعهم، فضلًا عن تدمير آلاف المزارع والدفيئات الزراعية وآبار المياه وخزاناتها ومخازن المعدات الزراعية، إلى جانب قتل عدد من الصيادين وتدمير مرافئ الصيد وغالبية قوارب الصيد منذ بداية الهجوم.

وهذه الوقائع تدلل – حسب الأورومتوسطي- على أن الاحتلال يعمل عن عمد لتدمير مقومات الحياة والبقاء دون أي ضرورة، وهو ما سيكون له أثر على توفير الغذاء الصحي المناسب لنحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، محذرًا بأن الآثار ستبقى لعدة سنوات قادمة حتى بعد وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي.

وخلص تقييم أجرته منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج التطبيقات الساتلية العملياتية (اليونوسات) مؤخرًا إلى تراجع ملموس في صحة المحاصيل وكثافتها في شتّى أرجاء القطاع بسبب عمليات التجريف وحركة المركبات الثقيلة والقصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي.

وحتى شهر أيار/مايو 2024، تشير التقديرات إلى أن نحو 57% من الأراضي الزراعية في غزة أصابتها الأضرار، بالمقارنة مع أكثر من 40% منها في منتصف شهر شباط/فبراير 2024. واستحوذت خانيونس على أكبر مساحة من الأراضي الزراعية المتضررة، وزادت مساحة الأراضي الزراعية المتضررة في رفح عن الضعف في أيار/مايو بالمقارنة مع شباط/فبراير، إذ ارتفعت من 4.52 إلى 9.22 كيلومترًا مربعًا.

كما أظهر تقييم أجرته منظمة الأغذية والزراعية أن نحو 30% من مساحة البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية) في قطاع غزة لحقت بها الأضرار حتى يوم 23 نيسان/أبريل، فيما شهدت مناطق مدينة غزة وشمال غزة أشد الأضرار (نحو 80% من مساحات البيوت البلاستيكية فيها دُمرت). وتضررت مئات المباني الزراعية الأضرار بها حتى تاريخ 20 أيار/مايو، بما فيها 537 حظيرة منزلية و484 مزرعة دجاج لاحم و397 حظيرة أغنام و256 مستودعًا زراعيًا، فضلًا عن نحو 46 في المائة من الآبار الزراعية في غزة (1,049 من أصل 2,261 بئرًا).

ولم يمنع كل ذلك الفلسطيني من المحاولة والتشبث بالأرض والصمود، فلجأ الكثير من المواطنين لزراعة محيط الخيام وقرب المنازل المدمرة ولو بضع شتلات لتأمين احتياجاتهم.

وأطلقت خلال الأشهر الماضية مبادرات تحث السكان والنازحين على زراعة ما يمكن أن يزرعوه في أي مكان مع الإدراك للصعوبات المصاحبة لذلك من عدم توفر أشتال أو عدم توفر مياه، ليبقى كل ذلك في إطار الإصرار الفلسطيني على الصمود والتشبث بالأرض وزراعتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات