عاجل

الجمعة 21/يونيو/2024

بلينكن.. وزير خارجية إسرائيل أم أميركا؟

بلينكن.. وزير خارجية إسرائيل أم أميركا؟

منذ اللحظة  الأولى لانطلاق طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر العام الماضي، والولايات المتحدة الأمريكية تتطوع للدفاع عن الكيان الصهيوني وترديد أكاذيبه ودعمه المطلق سياسيا وعسكريًا في عدوانٍ متواصل خلف أكثر من ثلاثين ألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى والمفقودين، في انحيازٍ سافرٍ مكشوف لجريمة الإبادة الجماعية، الأمر الذي لم يعد يخجل منه المسؤولون الأمريكيون، حتى لم تعد الساحة السياسية تفرق بين وزير الخارجية الإسرائيلي ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يأتي للمنطقة حاملا صفته اليهودية أمامه مفاخرًا بالدعم المطلق للقتل وسفك الدماء؛ بل أكثر من ذلك ممارسة النفاق والكذب في العلن لخدمة دولة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب مراقبين.

تدرك الأوساط السياسية في المقاومة والعالم أجمع أنّ “أمريكا لم تكن وسيطا نزيها منذ بداية الحرب”، وليس أدلّ على ذلك من الفيتو الأمريكي الذي عرقل قرارات أممية دعت لوقف العدوان.

وما زالت أمريكا تتبجح بمنح طفلها المدلل في المنطقة شيكا مفتوحا بالسلاح لتؤكد شراكتها المطلقة بالعدوان على شعبنا بأشكاله كافة، وآخرها مجزرة النصيرات.

من جانبه يرى الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، أنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يتصرف كأنه وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، ويعمل على تبرئته رغم أن الكيان هو الذي عارض قرار مجلس الأمن ومقترحات الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وأضاف البرغوثي، في تصريحاتٍ صحفية: أن بلينكن منهمك في لعبة خطيرة تهدف لتبرئة إسرائيل من مسؤوليتها في رفض وعرقلة التفاوض، في حين أن المقاومة قبلت بقرار المجلس ومقترح بايدن، ودخلت في عملية التفاوض، بحسب وكالة صفا.

وأوضح البرغوثي أن الموقف الأمريكي فقط يريد تبرئة نتنياهو وإلقاء اللوم على المقاومة التي أبدت مرونة عالية في التفاوض حول المقترح بما تضمنه من ملاحظات حول رفض الانسحاب الكامل.

ليس هذا فحسب، بل إنّ أمريكا استخدمت الفيتو لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 45 مرة، وتغطي على جرائمه وعدوانه، وفي أكثر من مرة تقفز عن جرائم الحرب والإبادة التي تمارس في غزة وتنكر ذلك في العلن على لسان رئيسها بايدن، وأكثر من ذلك لوحت بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية.

حماس ومن خلفها المقاومة كاملة تريد وقفا حقيقيا للعدوان وليس مراوغة سياسية يتم فيها استمرار العدوان والتجويع والحصار، وإرضاء غرور نتنياهو الذي يسعى للهروب من إجابته على سؤال اليوم التالي للحرب والحفاظ على بقائه في منصبه عبر فاتورة دم مفتوحة من دماء شعبنا الفلسطيني.

هذا الانحياز الأمريكي الأعمى والفج لإسرائيل دفع الكاتب والمحلل السياسي د. إبراهيم حمامي للقول إنّ تصريحات بلينكن – التي اتهم فيها المقاومة بعرقلة التوصل لاتفاق – تثبت أن الولايات المتحدة هي من تقود العدوان على غزة، وأن الولايات المتحدة هي من تفاوض نيابة عن الاحتلال.

وقال حمامي: إنّ الولايات المتحدة تكذب في كل شيء حول العدوان والمفاوضات، وبالتالي لا يمكن أن تكون الولايات المتحدة لا وسيطا ولا ضامنا لأي اتفاق؛ بل أكثر من ذلك يشدد على أنها “الراعي الرسمي للابادة”.

وأكثر من ذلك ما يثبت كذب مزاعم بلينكن، أنّ حركة المقاومة الإسلامية حماس والفصائل تعاطوا بإيجابية مع الأوراق المقدمة، وقبل العدوان على رفح وافقت على مقترح التهدئة، ورفضته إسرائيل.

وهنا يجب الوقوف قليلا عند وجهة نظر المقاومة، فهل سيكون هناك أي معنى لأي هدنة مقترحة دون وقف نهائي للعدوان، وانسحاب كامل من القطاع، وعودة النازحين، وإعادة الإعمار، بعد الفاتورة الباهظة التي دفعها الشعب الفلسطيني.

وعلى أيّ حال فإنّ الاحتلال مستمر في عدوانه وجرائمه، ويعلن أنه مستمر في ذلك، ولم يبد أي موافقة أو حتى ترحيب بالمبادرة الأمريكية، فيما يتبرع بلينكن ليكون الناطق باسم دولة الاحتلال ووزير خارجيتها ويوجه سهامه الخائبة إلى المقاومة والزعم بأنها التي تعطل اتفاق التهدئة.

بدوره قال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور علي أبو رزق: إنّ تصريحات بلينكن مستفزة جدا جدا، وخصوصا تلك المتعلقة باجتياح رفح، مضيفا: أنّ هذا الرجل بالذات، بتصريحاته الحمقاء وغير المدروسة، أوصل لشباب العالم العربي والإسلامي رسالة مفادها أن أمريكا هي إسرائيل وإسرائيل هي أمريكا،

وأكد أبو رزق أنه “لو جنّدت أمريكا شركات دعاية الأرض، لن تعود صورتها في المنطقة كما السابق”.

أما المحلل السياسي د. عبدالله الربابعة، فيقول: كل تصريحات بلينكن اليوم هي لتجريم حماس وحشد الرأي العالمي ضدهم؛ مع يقينه بعدم قبول اسرائيل لهذا المقترح حتى لو وافقت حماس.

والأمر الأهم بالنسبة للربايعة أنّ أمريكا وبلينكن وأمثالهم لم يعتادوا على وجود طرف عربي مسلم يتفاوض معه بقسوة.

من جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة في منشور له على منصة إكس أنّ “حماس” تخرّب برنامج نوم بلينكن، لافتا إلى أنّ القصة تعكس هستيريا الصفقة التي تستحوذ عليه وعلى سيّده (هو لكيانه الأم، وسيّده للانتخابات)!

وقال الزعاترة: نقلت CNN عن مسؤول رفيع في وزارته أنه “ظلّ مستيقظا حتى وقت متأخر من ليلة الثلاثاء في الأردن، لمراجعة رد حماس الذي تلقاه شخصيا من رئيس المخابرات المصرية”.

وشدد المحلل السياسي على أنّ هذيان “بلينكن” اليوم.. حتى قادة “الكيان” لا يتورّطون فيه!! لم لا؟!

ويتابع بالقول: فهو “الابن البار” الذي يمكن أن يتحمّل عنهم العبء!!

ويعيد الزعاترة سرد التفاصيل قائلا: لن يتذكّر “بلينكن” أولها من مقترح باريس قبل شهور، والذي تمّت صياغته بحضور مدير “الموساد” ثم رفضه نتنياهو.

ويضيف: ثم المُقترح الذي عُرِض على “حماس” بعلم مدير الـ”سي آي إيه” الذي كان في القاهرة حينها، ووافقت عليه، ورفضه نتنياهو أيضا.

ويتابع: ثم جاءت الورقة الإسرائيلية التي كانت تختلف عن كلام “بايدن”.

وأشار إلى أنّ “حماس” رحبت بكلام “بايدن” ورفضه نتنياهو علنا.

وأضاف قائلا: ثم استخف “بلينكن” بكلام رئيسه، ومعه بقية العصابة الصهيونية والمتصهْينة، وتمسّكوا فقط بالورقة الإسرائيلية التي لم يعلن نتنياهو الموافقة عليها، بل أعلن “بلينكن” ذلك نيابة عنه، “على سبيل الإحراج”، بتعبير “يديعوت”!

وشدد الزعاترة على أنّ الورقة تختلف عن كلام “بايدن” في الجوهر. أعني في قضية وقف إطلاق النار الدائم، وروحها واضحة لكل ذي عقل، أي الاكتفاء بالمرحلة الأولى فقط، ثم استئناف الحرب، ودعك من الاستخفاف الذي حملته في ملف التبادل، حيث يريد الغزاة “فيتو” على أسماء أسرانا الذي تطالب بهم “حماس”!

ويستدرك: أما كلامه عن عدم وجود فارق كبير بين الورقة المذكورة، وتلك التي وافقت عليها “حماس”، فهذا يُقال له: فليعُد إلى ذات الورقة الأولى، وموافقة “حماس” عليها موجودة، وهكذا ينتهي الجدال.

وخلص الزعاترة إلى أنّ “حماس” ليست مضطرة للخضوع لهواجس “بايدن” الانتخابية، ولا لأحلام “بلينكن” في خدمة كيانه على غرار “كيسنجر”.. وشتان بين الشخصيتين، ثم بين المرحلتين وتفاصيلهما أيضا.

بدوره يقول الناشط مصطفى بخوش، في تدوينة له على فيسبوك: من مقتضيات دور الوساطة في الصراع أن يكون الوسيط محايدا ويقف على مسافة واحدة من المتصارعين ليلعب دور المسهل في تقريب وجهات النظر واقتراح حلول وعليه وبسبب تحيز السياسة الأمريكية وانتقائيتها لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون وسيطا للسلام ومسهلا للحوار بل أزعم انها طرف مباشر في الحرب. ويكفي ان نتابع تصريحات بلينكن من اول زيارة له لاسرائيل بعد 7 أكتوبر حين صرح أنه لم يأتِ لإسرائيل كونه وزيرا لخارجية الولايات المتحدة فقط ولكن بصفته “يهوديا فرّ جده من القتل” لنكتشف ذلك.

الكاتب والمحلل السياسي داود سليمان في مقالة له نشرتها الجزيرة نت، يؤكد أنّه ومنذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تدرك حماس ومعها المقاومة في غزة أن الولايات المتحدة ليست وسيطا وأنها هي طرف رئيس في الحرب، لذا فإن التعامل معها كوسيط يشبه كثيرا السير في حقل الألغام ومحاولة تفادي ما ينصبه الولايات المتحدة وإسرائيل من فخاخ في المفاوضات، كما يقول العديد من المحللين السياسيين.

ويتابع سليمان بالقول: فلم ترفض الحركة أي مقترح قدم لها، بل قالت إنها ترحب بما يقدم بإيجابية وتتعامل مع الموقف بأنه أمر تفاوضي، وترى حماس ومعها المقاومة أنهم لم يخضعوا في ميدان القتال فلماذا عليهم الانحناء في ميدان السياسة والقبول بالضغوط التي تمارس عليهم.

وينوه إلى أنّ ذلك هو ما أكدت عليه حماس بأنها تعاملت “بإيجابية ومسؤولية مع المقترح الأخير وكل مقترحات وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين”.

ويستدرك سليمان بالقول: لذا فقد كانت حماس والمقاومة تتريثان في ردودهما على أي مقترحات تقدم لهما وتقدمان تعديلات وإضافات على ما يقدم، إذ تتعاملان مع المفاوضات بحذر يجنبهما الوقوع في أي تأويلات لما يتم التوصل إليه. كما تدرك حماس أن ما لم تحققه إسرائيل وأميركا في الميدان تريدان أن تحققاه في السياسة، الأمر الذي ترفضه المقاومة جملة وتفصيلا.

وينوه الكاتب إلى أنّ المقاومة تستند في مفاوضاتها على قوتها في الميدان وما أنجزته خلال 9 أشهر من الحرب وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة، كما تستند إلى أن مطالبها مشروعة لتحقيق ما يصبو إليه الشعب الفلسطيني ولو مرحليا. إذ ترى حماس أنها أبدت “الإيجابية المطلوبة للوصول إلى اتفاق شامل ومُرض يقوم على مطالب شعبنا العادلة” وفق بيان صدر عنها في أعقاب اتهام بلينكن لها بتعطيل الاتفاق.

ويستدرك بالقول: لذا فقد طالبت حماس -وفقا لما ذكرته قناة كان الإسرائيلية في ردها على المقترحات الإسرائيلية التي عرضها بايدن- ضم الصين وروسيا وتركيا كضامنين للاتفاق.

ويتابع حديثه بالقول: وفي سعيها لإظهار جديتها في التفاوض، فقد دعت حماس بلينكن وإدارة بايدن إلى “الضغط على حكومة الاحتلال المصرة على استكمال مهمة القتل والإبادة”.

ومن جانب آخر يرى سليمان أنّ ما تواجهه إسرائيل -ومعها الولايات المتحدة- في التفاوض مع حماس والمقاومة لم تعتده واشنطن وتل أبيب في مفاوضات الأخيرة مع الفلسطينيين خاصة منذ اتفاق أوسلو، إذ كان ما يعرض يتم القبول به وكان يساعد في ذلك الضغوط التي تمارسها بعض الدول العربية على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في حينها.

ويختم الكاتب بالقول: لذا فمن غير المستبعد أن يستمر الشد والجذب في مفاوضات الهدنة حتى يقول الميدان كلمته مجددا، وتدرك الحكومة الإسرائيلية أن الفضاء الممكن أمامها هو وقف إطلاق النار بشكل نهائي لوقف الحرب والحيلولة دون امتدادها إلى لبنان، ودخول إسرائيل في دائرة يصعب الخروج منها لمحاولة العودة لما قبل معركة طوفان الأقصى.

خلاصة القول بما أعلنته حركة حماس في بياناتها ومواقفها أنها وكل فصائل المقاومة تضع نصب عينها مصالح شعبنا وأهلنا في قطاع غزة بالدرجة الأولى، وأولويتها الأولى وقف العدوان، وإعادة الاعمار، حتى يستعيد أهل القطاع جزءًا من حياتهم الطبيعية التي تحتاج لسنوات في وقف دائم للعدوان.

لم يعد من شك أنّ أمريكا ستواصل ممارسة سياسة الانحياز الأعمى لإسرائيل التي انتهجتها منذ بداية استعمارها لفلسطين، فهي كيانٌ مستعمرٌ لا ترى حقا للفلسطيني في مقاومة محتله، بينما تعطي الحق للكيان المحتل بممارسة عدوانه على شعبنا.

وكل ما سبق الحديث عنه من انحياز أمريكي، يمكن اختصاره بنافلة القول: على بلينكن أن يتذكر تصريحاته في بداية الحرب تلك التي أعلن فيها انحيازه الكامل لإسرائيل وقال: “أنا ممتن لأن أكون هنا في إسرائيل.. وأتيت كيهودي”، فهل بعد هذا الانحياز الإجرامي للإبادة والعدوان على غزة من انحياز؟.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات