للذين أصابتهم عَضّة القَرْح!

دعني أُعِنْك على فهم السياق الحيويّ لهذه الآية، وانظر أين أنتَ فيها: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ).
انتهى الفصل الأول من معركة أحد بمشهد انتصار قريش، وقد أصيب رسول الله ﷺ ، وشاع خبر مقتله، وارتقى العشرات من الصحابة، وأصيب الكثير منهم بجراحات دامية، وقُروح صعبة، وكادت أن تنهار معنويات الناس حتى خرجت فئة من الصحابة من المعركة ظانّين أن رسول الله ﷺ قد مات.
انسحبت قريش من أحد، وبدؤوا مسيرهم إلى مكة، فوصلهم نبأ نجاة رسول الله ﷺ، فقال بعضهم يتلاومون ويُراجِعون قائمة أهدافهم المرصودة لهذه الحرب “قتلُ محمد وتشريد أصحابه وسبي نسائهم”: (لا محمّداً قَتلتُم، ولا الكواعبَ رَدَفْتم، بئسما صنعتم!)، وقال آخرون: (ما صنعنا شيئاً! أصبنا أشرافهم، ثم رجعنا قبل أن نستأصِلهم قبل أن يكون لهم كرٌّ وفَرٌّ).
فوصلت المعلومات لرسول الله ﷺ، وترقّب أن يعودوا أدراجهم، ويستهدفوا المدينة، فأعلن التعبئة وسط الجروح والقروح، وقال: مَن يذهب في أثرهم؟ بلْ أمر ألا يذهب معه إلا مَن حضر المعركة بالأمس من الثابتين، فانتدب لملاحقة قريش سبعون من الصحابة الذين قادهم رسول الله ﷺ حتى حمراء الأسد.
وشحَن رسول الله ﷺ نفوس هؤلاء المقروحين الثابتين بوعدٍ مشفوع باليمين فيما سيحلّ على قريش إذا لقوهم: “والذي نفسي بِيده، لقد سُوِّمَت لهم حجارةٌ لو صُبِّحوا بها لكانوا كأمْسِ الذاهِب” -أي أنّ الله سيجعل عليهم علامات هلاكهم واحداً واحداً حتى يكونوا عدماً- وتحرّق الأجناد للقاء قريش بمِثل النيران يومين.
وتيقّنت قريش أن رسول الله ﷺ قد استجمع قوته، وظنوا أنه جاءه مدد، “وقد حَرِبوا”، وقال بعضهم لبعض: نَرْجِع من قابلٍ! -أي في السنة المقبلة- ، ولمّا تأكد رسول الله ﷺ من أنهم اتخذوا طريق العودة وسلكوه عاد مع أصحابه الذين أثقلتهم القروح في صورة عزّ أقفل بها مشهد الهزيمة، وحوّل النهاية إلى نصر معنويّ.
وفي الآية مستويات ودرجات: فهناك درجة من أصيب بالقرح ومسّه فصبر على قدر الله ورضي بقضائه؛ وهناك درجة من أصابه القُرْح بعد القَرْح، ونالت منه الجراح وعضّة السلاح، فتحاملوا على أنفسهم، واستجابوا لمرجعياتهم، وامتثلوا للأمر، والتزموا بالنفير؛ وهناك درجة مَن أحسن في ذلك النفير، واتقى الله فيه حق تُقاه، فلم يتردّد للحظة في يقينه وكأنّ شيئاً لم يُصبه من قبلُ… ولكلٍ درجات مما عملوا، ولمُحسِنهم الأجر العظيم من أول الصبر والرضا إلى فوريّة الاستجابة إلى إحسان الأداء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أبو سلمية: نفاضل بين الجرحى والمرضى والمنظومة الصحية شبه منهارة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، محمد أبو سلمية، إن الأطباء في المستشفى يفاضلون بين المرضى والجرحى. وأضاف أبو...

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...

القسام تبث مقطع فيديو لانطلاق سلسلة عمليات أبواب الجحيم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام مساء اليوم الأربعاء مشاهد مصورة ضمن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" شرق مدينة رفح....