أيها الواقفون على ثغر الموت!

1. اعلموا أن آجالكم مكتوبة محددة، وأنّ قضاء الله واقعٌ لا محالة، وإذا جاء أجلُنا فلا يُزاد في عمر أحدِنا ولا يُنقَص، ولا نَستقدِم ساعةً عليه ولا نَستأخر ساعةً عنه، وغايةُ ما نستطيعه أن نستحضر الرضا بقضاء الله وقدرِه عند حلول الأجل علينا أو على من حولنا.

2. واعلموا أنّ صبْرَ أحدِنا على فقْدِ مَن حوله سيلقَى فيه عند الله أجراً مفتوحاً يرضيه الله به، ويُعْظمه بما لا تحتسبون: (إنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب).

3. واعلموا أن أحدنا يأتيه الموت فجأةً أو مرضاً أو كارثةً أو حادثة، فنحزن لفراقه، ونتلمّس له أيّ مناسبةٍ كريمة ألمّتْ به، وأيَّ شاهدٍ صغيرٍ على كرامته لنستبشرَ بمآله عند ربه؛ وأمّا أنتم فإن كل صاعد منكم إلى السماء هو الشاهد المشهود عند ربّه، وأنتم الوافدون الكرام في ضيافة الكريم الرحمن في جنّة الأحياء المنتظَرين.

4. وتعلمون كيف أن زلزالاً أصاب أهلنا في تركيا وسوريا قُبضت فيه أرواح أكثر من خمسين ألفاً، وتهدّمت المرافق والمنازل على رؤوس أصحابها، وكيف أن الجائحة التي ضربت أهلنا في درنة ليبيا فقدنا فيها أكثر من عشرين ألفاً منهم، وتغيّرت معالم مدينتهم المنكوبة، وكيف أنّ الآلاف قد نُكبوا في زلزال المغرب، وكل هذا الدمار والموت كان في دقائق معدودة، وقد اختار الله لنا رحيلاً إليه في شأن يحبّه ويأمرنا به من مجالدة الأعداء والصبر عند اللقاء فلا تفوّتوا عظيم ما ينتظركم، واصبروا، وصابروا، وارتحِلوا إلى الله في رضاً وطمأنينةٍ وسكينةِ روحٍ.

5. واعلموا أنّ اللهَ عادلٌ منتقم، وأنّ عدلَه نافذٌ، وانتقامَه قادم، وأخْذَه شديدٌ، فثِقوا بربكم، واجأروا إليه، فإن رحمته حاضرةٌ أيضاً !

6. واعلموا أن الله إذا استقدَم أرواحَنا إليه، فإننا قد أنهينا أعمالَنا في الدنيا فلا حزن يصيبنا ولا خوفَ من مصيرنا الذي وعدَنا الله إياه بصبرنا وإيماننا إن شاء؛ وأنّ اللهَ سيتولَى مَن تركناهم وراءنا صغاراً أو كباراً، وأنّهم بعد ساعات قليلة من رحيلنا سيسلّمون بأقدار الله فينا، وسيواصلون الدعاء لنا، والاقتداءَ بصالح أعمالنا، وتمضي بهم حياتهم في دار البلاء هذه، فلا تكتئبوا ولا تُحبَطوا !

7. وإذا منحنا الله ساعةً أخرى فلنجعلها في سبيله، مقبلين غير مدبرين، صابرين محتسِبين!