الإثنين 12/مايو/2025

الأرض المحروقة: مؤشر الفشل الإسرائيلي

د. إياد إبراهيم شقورة

دخلت عملية “طوفان الأقصى” يومها الثالث وقد تحقق خلالها الكثير من الإنجازات لصالح المقاومة الفلسطينية والذي ظهر في “تطوير الهجوم” الذي رافقته أهداف جديدة تمثلت في عمليات التمركز في بعض المغتصبات الصهيونية إضافة إلى جملة من العمليات المباغتة والخاطفة برا وبحرا والتي أثمرت العديد من القتلى والجرحى والأهم الأسرى في صفوف الجيش الإسرائيلي. هذا التواجد لعناصر القسام في المغتصبات الصهيونية بات مؤثرا وبشكلّ واضحٍ على اتخاذ القرار بشأن ساعة الصفر فيما يخص البدء في عمليةٍ بريةٍ ضد غزة.

هذا الوضع الميداني الذي شكّل أزمةً حقيقية للقيادة الإسرائيلية جعلها تلجأ إلى سياسة الأرض المحروقة أو ما يسمى بقانون “هانيبعال” والذي يقوم على تدميرٍ عشوائي دون تمييز. وقد شهد اليوم الثالث تكريساً لهذه السياسة من خلال سلسلةٍ من الغارات المتواصلة والعنيفة على أهدافٍ حكومية كوزارة الأوقاف ومؤسسات مدنية حيوية كشركة الاتصالات ولم تسلم المؤسسات التعليمية والصحية كالجامعة الإسلامية ومستشفى بيت حانون من هذا القصف الذي أودى بحياة العشرات من المدنيين جلّهم من النساء والأطفال وكبار السن. هذا الأمر الذي يشير بوضوح إلى حجم التخبط الذي تعيشه قيادة الكيان مما جعلها تصرح بأنها ستستمر في عملياتها حتى ولو مسّ ذلك بحياة الرهائن الإسرائيليين، وهذا يؤكد التحليلات التي تقول بأنّ أحد أهداف هذا القصف العنيف هو التخلص من أكبر عدد من أسرى الكيان لدى المقاومة في محاولةٍ واضحة للتخفيف من حدة الضغط الواقع عليها والتقليل من شأن ما أنجزته المقاومة في هذا الملف على وجه التحديد.

وأمّا فيما يخص الحزام الناري في المناطق الحدودية وتحديداً في بيت حانون والشجاعية، فقد يبدو الأمر مختلفاً عمّا ذكرناه سابقا ذلك أنّ العدو الصهيوني يقدّر بأنّ تلك المناطق الحدودية القريبة من السياج الفاصل هي بمثابة نقاط انطلاقٍ للهجمات على المغتصبات الصهيونية سواءً من فوق الأرض أو حتى عبر الأنفاق الهجومية التي تستخدمها المقاومة والتي يعتقد بأنّ لها دورا بارزا في عملية استبدال القوات المقاتلة والانسحاب بعد إنهاء المهمات المنجزة. كذلك فإنه ومن وجهة نظري، قد تكون تلك المناطق الحدودية المحروقة حاضرةً على أجندة المفاوض الإسرائيلي كأحد بنود الاتفاق المتوقع ممثلةً شريطاُ أمنياً فارغاً أو مأهولا بقواتٍ دولية لخلق حالةٍ مشابهة كما هو حاصلٌ مع حزب الله في الجنوب اللبناني بعد الانسحاب الصهيوني من أراضيه.

هذا التصعيد غير المسبوق الذي تمارسه إسرائيل إضافة إلى قطع الماء والكهرباء عن غزة، والتهديد بعدم إدخال الوقود وحتى منع المساعدات التي قد تأتي عبر معبر رفح التجاري وذلك من خلال القصف الذي استهدف المنطقة المحيطة بصالة المعبر ممّا دفع الجانب المصري إلى إغلاق معبر رفح البري أمام المسافرين وكذلك أمام حركة البضائع والمساعدات إنما يهدف إلى ترميم صورة الجيش الذي لا يقهر أمام المجتمع الإسرائيلي أولا، وأمام خصوم نتنياهو السياسيين ثانيا، وأمام العالم الذي يتعامل مع إسرائيل كدولةٍ نووية هي الأهم في الشرق الأوسط. هذه الغطرسة قد تتصاعد في الساعات القادمة مع ما تلقاه إسرائيل من دعم أمريكي دون قيد أو شرط، وتأييد مستنكر من بعض دول التطبيع كالإمارات، وستستمر محاولات الشاباك المهزوم والجيش المذعور الجادة في البحث عن صيد ثمين تنتهي معه الجولة ويخرجون من خلاله بصورة النصر المزعوم.

وبالتأكيد فإنّ المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام سياسة القتل الجماعي الممنهج للمدنيين وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها والذي قد يتم عبر اتخاذ قراراتٍ مفاجئة وغير مسبوقة في الردّ خاصة وأنّ هذه المعركة ومنذ بدايتها كانت حافلة بما لم يكن معهوداً من قبل بل وكان صادماً بكل المقاييس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات