الخميس 01/مايو/2025

مخيم جنين .. عش الدبابير وحاضنة الثورة

مخيم جنين .. عش الدبابير وحاضنة الثورة

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام

أطفاله يرضعون الثورة والبسالة، وسكانه يتنفسون الكرامة والإرادة، وبين أزقته الضيقة آفاق تتسع لتحتض أكبر حالة وحدوية بين المقاومة في الضفة الغربية، هكذا يبدو مخيم جنين الذي تحول إلى رمز للمقاومة والوحدة والتصدي لعنجهية الاحتلال الصهيوني.

إلى الغرب من مدينة جنين، أقيم مخيم جنين عام 1953؛ ليطل على سهل مرج بن عامر من جهة الشمال؛ ويحده من الجنوب قرية برقين، وتحيط به المرتفعات، ويمر به وادي الجدي من المنطقة الغربية.

عقدة المخيم

وعلى مدار عقود حاول الاحتلال بعنجهيته ودمويته، فك عقدة المخيم؛ ولكن هذا المحتل يمنى بالفشل، ويعود المخيم كطائر الفينيق أكثر قوة وإرادة، وهذا هو المتوقع والمرتقب بعد العملية العسكرية العدوانية الواسعة التي بدأها العدو الصهيوني فجر اليوم الاثنين.

وبعد تهديدات متكررة، وعمليات عدوانية متكررة، أعلن الاحتلال عمليته العسكرية الجديدة على المخيم مستخدمًا الطائرات الحربية والمسيرة والدبابات والآليات المصفحة، موقعًا العديد من الشهداء والجرحى، وسط حالة من المقاومة الباسلة.

ويقع المخيم على مساحة حوالي 473 دونماً، وبلغ عدد سكانه عام 1967م حوالي 5019 نسمة؛ وفي عام 2007 وصل 10,371 نسمة، في حين تظهر أحدث إحصائية للسكان وفق الأونروا 16 ألف نسمة.

عدوان جديد

ووفق وسائل إعلام عبرية؛ فإن العملية العسكرية الحالية في جنين هي الكبرى منذ ما يسمى عملية “السور الواقي” عام 2002، مشيرة إلى أن تلك القوات من وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي.

وأضافت أن نحو ألف جندي يشاركون في العملية بينهم المستعربون وسلاح الجو والمدفعية، وقالت إنه يتوقع أن تستمر يومين لكن تبعاتها قد تمتد لجبهات أخرى.

كما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن الجيش نشر بطاريات القبة الحديدية، تحسبا لأي قصف صاروخي ردا على عملية جنين.

وينحدر أصل سكان المخيم من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل. وبسبب قرب المخيم من القرى الأصلية لسكانه، فإن العديدين من سكانه لا يزالون يحافظون على روابط وثيقة بأقاربهم داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948.

ويعمل العديد من سكان المخيم في القطاع الزراعي في المناطق المحيطة بجنين. ومثله مثل باقي المخيمات في الضفة الغربية.

ارتباط متجذر بالمقاومة

ارتباط جنين بالمقاومة متجذر وتاريخي، ففي عام 1935 احتضن أحراش يعبد القائد عز الدين القسَّام، ومجموعاته العسكرية، وتحوّلت جنين مع القسام إلى مصدر الثورة بعد أن قاد مقاومتها للاحتلال البريطاني الذي وضع يده عليها في سبتمبر/ أيلول 1918.

ودافع أهل جنين بشراسة عن أراضيهم عندما قتلت العصابات الصهيونية آلاف الفلسطينيين واحتلت منازلهم في نكبة 1948، وعادت إلى الإدارة الأردنية بعد ذلك بعام واحد.

ومنذ انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000 تصدر مخيم جنين عناوين الأخبار، كونه محضن الأبطال المقاومين، وسرعان ما حمل المخيم رمزية خاصة بعدما نفذت قوات الاحتلال في 11 نيسان/ إبريل 2002 عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، أسمتها في حينه “السور الواقي” ركزت على استهداف المخيم جنين.

وفي حينه دارت على رحاه معركة شرسة على مدار 10 أيام، اقترفت خلالها القوات الصهيونية مجزرة بشعة استشهد خلالها أكثر من 58 مواطنًا، في حين قتل 23 جنديا صهيونيا خلال عمليات التصدي للعدوان، منهم 14 جنديا قضوا في يوم واحد، وانتهت المعركة بتدمير الاحتلال 150 بناية في المخيم بالكامل، ومسحه هندسيا بالجرافات.

لملمة الجراح

وسرعان ما عاد المخيم من جنين، يلملم جراحه، ليبقى كما كان قلعة للأحرار والثوار، ويؤدي دوره في صناعة الوعي للأجيال، ومع مرور السنوات تصدر المشهد من جديد بانطلاق العديد من الأبطال من بين أزقته ليلقنوا الاحتلال الدرس ويثأروا للشهداء والأقصى.

وهو ما يظهر من خلال العمليات البطولية التي سجلت في الآونة الأخيرة والتي نفذها الأبطال، رعد حازم (28 عاماً) وضياء حمارشة (30 عاماً) حيث لم يتجاوز الواحد منهم العشرة أعوام إبان معركة جنين وحصارها الكبير قبل عشرين عاماً.

وخلال آخر عامين، عاد المخيم بشكل أبرز كحاضنة للجيل الجديد المقاوم، وشهد تأسيس العديد من كتائب المقاومة، لكتائب القسام وسرايا القدس، وكتائب شهداء الأقصى، وسط حالة غير مسبوقة من الوحدة الميدانية في الضفة الغربية.

وأمام هذه الحالة أطلق الاحتلال على مخيم جنين اسم “عش الدبابير” بعد أن أصبح هاجسا لهم بفضل قربه من مدن الداخل المحتل ومشاركة عدد كبير من أبنائها في العمل الفدائي، لينضم إلى قائمة أسماء أخرى منها محضن الأبطال، وقلعة الثوار، وجنين القسام.

وتصدر المخيم قائمة العطاء بالشهداء خلال الأعوام السابقة، ففي العام الماضي استشهد ما لا يقل عن 58 مواطنًا من جنين، الجزء الأكبر منهم من المخيم.

التحام الجماهير بالمقاومين

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية الدكتور جمال حويل، مؤلف كتاب “معركة مخيم جنين الكبرى 2002.. التاريخ الحي” يقول في تصريحات سابقة: إن في المخيم نواة صلبة من المقاومين يلتحمون مع الجماهير ولديهم حاضنة شعبية قوية.

ويؤكد أن عتاد المخيم متواضع وسلاحه خفيف فإن اللحمة مع الجماهير شكّلت جبهة يصعب اختراقها، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يوصف بأنه “الرابع في العالم وأقوى جيوش المنطقة يعجز أمام أناس مؤمنين بالله ثم بالوحدة، وبقهر الجندي الذي يقول إنه لا يقهر، ومتوحدين خلف البندقية”.

ويرى حويل في ذلك أداة مواجهة قوية لعقيدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيريه المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

تطور التكتيكات

ونجح المقاومون في جنين، من تطوير تكتيكاتهم العسكرية، فإلى جانب عشرات الأسلحة الخفيفة والرشاشة، كثفوا في الآونة الأخيرة من استخدام العبوات الناسفة ونجحوا مؤخرًا في إيقاع قوة صهيونية في كمين للعبوات الناسفة التي أعطبت 7 آليات للاحتلال وأصابت 8 جنود.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن الهدف من العدوان الإسرائيلي الحالي تدفيع جنين ثمنا باهظا، وبدء مرحلة جديدة بالاستهداف الجوي والقصف المتكرر دون نزول بري خوفا من تحطيم آليات العدو، ومحاولة الاستفراد بجنين وحصارها عن باقي الضفة.

ووفق تقدير المدهون؛ فإن هذا العدوان سيأتي بنتائج عكسية، وسيزيد من تنفيذ العمليات ورد الصاع صاعين، مشيرًا في تغريدات له على تويتر تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن جنين تعظم من حضورها وتدك الاحتلال وتواجهه بإباء، وتطور الأداء الميداني والهجومي مع كل غدر وقصف وعدوان، ويتراجع العدو أمام وحدة وصلابة مقاومتنا.

عصية على الكسر

وأكد الناطق باسم حركة “حماس” حازم قاسم أن العدوان الواسع على جنين القسام لن يحقق أهدافه وسيفشل العدو الصهيوني، مشيرًا إلى أن حكومة العدو الفاشية المتطرفة وعلى رأسها نتنياهو المجرم يتحملون كافة المسؤولية عما يجري من عدوان ضد جنين.

وشدد قاسم، في تصريح له على أن جنين أثبتت على مر التاريخ أنها عصية على الكسر ولديها قدرة عظيمة على الصمود في وجه العدو، باعثاً بالتحية إلى المقاومة في جنين التي تخوض هذه المعركة بكل بسالة وبطولة أمام العدوان الصهيوني الهمجي.

وأكد أن الاحتلال لن يستطيع أن يحسم المعركة ضد المقاومة وشعبنا الذي سيواصل نضاله وقتاله حتى تحقيق أهدافه بالحرية والاستقلال.

وأشار الناطق باسم حركة حماس إلى أن جنين ومعها كل مدن فلسطين التاريخية ستواصل ثورتها وانتفاضتها بالرغم من جرائم الاحتلال، مؤكدا أن إرادة الصمود لدى شعبنا هي أقوى من الآلة العسكرية للاحتلال.

ويبقى مخيم جنين عنوان الثورة والتحدي ومحضن الأبطال يعود كل مرة ليلقن الاحتلال دروس البطولة والتحدي حتى التحرير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق

دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...