الجمعة 02/مايو/2025

أكثر من مليوني حاج على عرفة.. تجليات وحدة الأمة

أكثر من مليوني حاج على عرفة.. تجليات وحدة الأمة

مكة المكرمة – الركز الفلسطيني للإعلام

القلوب تهوى إلى صعيد عرفات الطاهر، حيث أكثر من مليوني حاج وحاجة يرفعون أكف الضراعة إلى الله عز وجل بالدعاء لتحقيق الأماني، ورفع الكربات، وجبر الخواطر، وطلب المغفرة، والعتق من النيران.

يوم عرفة.. هو اليوم الذي يوافق التاسع من ذي الحجة، وهو الذي يسبق يوم النحر، وقد عظَّم الله -تعالى- مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله أفضل الأيّام .. فيه تتنزّل الرحمات وتجاب فيه الدعوات، ويغفر الله -تعالى- فيه الأخطاء والزلّات، ويُعين فيه أهل العثرات.

تفويج حجاج فلسطين

فقد بدأت طواقم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، المرافقة لبعثة الحج الفلسطينية، بتسيير قوافل الحجاج الفلسطينيين إلى جبل عرفات لتأدية الركن الأعظم من الحج.

وأوضح وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية/ نائب رئيس بعثات الحج الفلسطينية حسام أبو الرب، أنه تم خلال الأيام الماضية التنسيق مع جميع المؤسسات الرسمية السعودية لتسهيل عملية خروج جميع حجاج دولة فلسطين إلى عرفات، وذلك بعد تحديد مكان إقامة الحجاج ومعاينته من قبل الطواقم الهندسية والتأكد من توفر كافة الخدمات المتفق عليها مع مؤسسات الطوافة.

وقال أبو الرب، في تصريحات تابعها المركز الفلسطيني للإعلام، إن طاقم إستقبال الحجاج في عرفات جاهز ومستعد لإستقبال كافة الحجاج وفق خطة تم الإتفاق عليها حتى يتمكن كافة الحجاج من معرفة خيمهم في عرفات.

وبخصوص حافلات نقل الحجاج، أوضح أبو الرب أنه تم ترقيم جميع الحافلات وتوفير مرشد مرافق للحجاج طوال الوقت لكي يسهل عملية رجوع الحجاج إلى حافلاتهم وفق كشوف محددة.

وكان الحجّاج قد بدأوا بالصلاة والدعاء عند جبل عرفات قرب مكة المكرمة منذ فجر اليوم الثلاثاء، في ذروة مناسك الحجّ التي يتوقع أن تسجّل أعدادا قياسية هذا العام في أجواء شديدة الحرارة.

وأمضى الحجّاج وعددهم يناهز المليوني حاج الليل في مخيّمات مكيفة في وادي منى، على بُعد سبعة كيلومترات من المسجد الحرام في مكّة المكرّمة، أقدس مدن المسلمين.

وفي الساعات الأولى من فجر الثلاثاء، توجّهوا إلى منطقة عرفات، وسيبقون طوال اليوم في الموقع نفسه، يصلّون ويبتهلون ويتلون القرآن الكريم، والكثير منهم سيعتلي جبل الرحمة ويجلسون بين صخوره.

وبعد غروب الشمس، يتوجّه الحجّاج إلى مزدلفة، في منتصف الطريق بين عرفات ومنى، ليناموا في الهواء الطلق، قبل بدء رمي الجمرات غدا الأربعاء، أول أيام عيد الأضحى.

يُقام موسم الحجّ هذا العام بدون أي قيود لناحية أعداد الحجاج أو أعمارهم، بعد ثلاث أعوام من تنظيم حج محدود على خلفية تفشي جائحة كوفيد.

وأقامت السلطات السعودية الكثير من المرافق الصحّية والعيادات المتنقّلة وجهّزت سيّارات إسعاف ونشرت 32 ألف مسعف لتلبية احتياجات الحجّاج. وحذرت الحجاج من التعرض “لضربات الشمس”، حيث توقع المركز الوطني للأرصاد أن تتراوح درجات الحرارة في مكة بين 43-45 درجة نهارا خلال موسم الحج.

وغدا الأربعاء، يُشارك الحجّاج في رمي الجمرات، آخر أهمّ المناسك قبل أن يتوجّهوا إلى المسجد الحرام في مكّة لأداء “طواف الوداع” حول الكعبة، في أوّل أيّام عيد الأضحى.

خطبة عرفة

وحثّ عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور يوسف بن سعيد في خطبة عرفة التي ألقاها اليوم، في مسجد نمرة بمشعر عرفات المسلمين على تقوى الله تعالى بطاعته والتزام شرعه وحفظ حدوده ليكونوا من المصلحين الفائزين في الدنيا والآخرة.

وأكد أن من حفظ حدود الله عدم صرف شيء من العبادات لغير الله، مشيرًا إلى أن من كان من أهل التوحيد كان من أهل الهداية، وكانت له النجاة والعاقبة الحميدة.

ولفت النظر إلى أن ما جاء في خطبة النبي، صلى الله عليه وسلم، في الحج: “يا أيها الناس إن ربكم واحدٌ وإن أباكم واحدٌ ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا بلغت، إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا”.

وشدّد على أن اختلاف اللغات والألوان والأعراق ليس مبررًا للاختلاف والنزاع، بل هو آية من آيات الله في الكون، وقال: “إن مما تتابعت النصوص على تأكيده الأمر بالاجتماع والمحبة والتآلف والنهي عن التنازع والتفرق والاختلاف”.

اجتماع الكلمة

وأفاد الشيخ يوسف بن سعيد أن في اجتماع الكلمة صلاح للدين والدنيا وتحقيق للمصالح وزوال للمفاسد، وحصول للتعاون على البر والتقوى، ويُنصر الحق ويُدحر الباطل، ويغتاظ الأعداء وتحبط مساعي الحاقدين والمتربصين.

ولفت الانتباه إلى أنه متى تفرقت الكلمة دخلت الأهواء والضغائن وتضادت الإرادات فسفك الدم الحرام، واستحل المال المعصوم وانتهكت الحرمات، وصعُب على الأمة الرقي في حياتها وعسُر الالتزام بالطاعات، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

وأشار إلى أمر الله للمسلمين عند النزاع بالرجوع للكتاب والسنة، مستدلًا بقوله تعالى: “فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً”.

الانسياق وراء الإشاعات
ونبه إلى أن الشريعة نهت عن عدم الانسياق وراء الإشاعات والأراجيف التي يقصد منها تفريق الصف، وقال: “ومن هنا يُحذر المؤمنون من الحملات المغرضة بمختلف وسائلها وأساليبها الموجهة لتفريق الكلمة، وتأليب بعض المجتمع على بعضه، كما جعل الله عدداً من الطاعات تؤدى بشكل جماعي كما في اجتماعكم اليوم على صعيد عرفات، ومثل اجتماعكم في صلاة الجمعة والجماعة”.

ولفت النظر إلى أن التأكيد جاء بوجوب السمع والطاعة لولاة الأمر لتحقيق مقصد اجتماع الكلمة مستدلًا بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).

التفرغ للذكر والدعاء
ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى التفرغ للذكر والدعاء، حيث قال: “إنكم في موطنٍ شريفٍ وزمانٍ فاضلٍ ترجى فيه مغفرة السيئات وإجابة الدعوات، ولهذا أفطر – صلى الله عليه وسلم – يوم عرفة في حجه؛ ليتفرغ للذكر والدعاء، فأكثروا من دعاء ربكم لأنفسكم ولمن تحبون ولمن لهم عليكم حق وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم، وأن يجمع كلمتهم على الحق”.

وأضاف: ولا تنسوا الدعاء لمن أحسن إليكم، كما في الحديث: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له)، وإن ممن أحسن للمسلمين من يقوم بخدمة الحرمين الشريفين، ويسهر على راحة ضيوف الرحمن، وفي طليعتهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ومـن يعمل معهم، فادعوا الله لهم”.

صيام يوم عرفة
صيام التطوع بشكل عام مستحب، ويتأكّد استحبابه حال موافقته لأيّام فاضلة، ويعدّ يوم عرفة من الأيام الفاضلة التي يُستحبّ الصيام فيها، وقد أجمع الفقهاء على استحباب صيام يوم عرفة لغير الحاج، بينما تعددت آراؤهم في حكم صيام يوم عرفة للحاج على النحو الآتي:

* ذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام يوم عرفة للحاج إن كان الصيام لا يضعفه عن أداء مناسك الحجّ؛ وذلك لفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-.

* وذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى كراهية صوم الحاج يوم عرفة، وقالوا باستحباب الإفطار في يوم عرفة للحاجّ.

وصيام يوم عرفة يكفر صغائر الذنوب والمعاصي التي وقع بها العبد في سنتين؛ الماضية واللاحقة؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).

والمقصود بتكفير السنة القادمة؛ أي أنّ الله -تعالى- يوفّق عبده المؤمن في اجتناب الذنوب والمعاصي التي تحتاج إلى تكفير في سنته القادمة؛ جزاءً له على صيام يوم عرفة.

الدعاء في يوم عرفة
بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء يوم عرفة من أفضل الدعاء وأكثره خيراً؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ).

فالدعاء في يوم عرفة يكون أعظم ثواباً، وأجزل عطاءً وأقرب إجابة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في يوم عرفة من قول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له”؛ لأنّ هذا الدعاء يشتمل على ثناء الله -تعالى- وتوحيده، مما يجعله سبباً في نزول رحمة الله -تعالى- وخيره على عباده الموحّدين، كما أنّ فيه شهادة التوحيد، وأفضل الدعاء قول: “الحمد لله”؛ لأن حمد الله -تعالى- على نعمه يتضمّن معنى الشكر الذي يكون سبباً في زيادة النعم.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الدعاء في القرآن الكريم يأتي بمعنيين:

* المعنى الأوّل دعاء العبادة؛ كقوله -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).

* والثاني يأتي بمعنى دعاء المسألة، كما قال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)؛ فكلّ داعٍ لله -تعالى- هو عابد له، وكذلك كلّ عابد لله -تعالى- فهو داع له وسائل.

ذكر الله تعالى

يستحب للمسلم أن يكثر في يوم عرفة من ذكر الله -تعالى-، ويشتغل بالتكبير والتهليل إلى حين غروب الشمس، ويستحبّ أن يذكر الله -تعالى- بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير”.

وقد كان الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- يذكر الله -تعالى- كثيراً في يوم عرفة فيقول: “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والاولى”.

وقد سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذكر في يوم عرفة بأفضل الدعاء؛ وذلك ليبيّن اختصاص يوم عرفة بهذا الدعاء، وقد يسمّى الثناء دعاءً؛ وذلك لتشاركهما في جلب المنافع، وحصول المقصود بهما.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...