الانتقاد الأوروبي للاحتلال ينطلق من مصالحهم وليس مبادئهم

يأتي إلغاء الاتحاد الأوروبي لمشاركة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بن غفير في الاحتفال بيومه السنوي سلوكًا طبيعيًّا للموقف الأوروبي التقليدي من السياسة الاحتلالية في فلسطين المحتلة، ولا سيما بعد صعود حكومة اليمين في الشهور الأخيرة، وبالرغم من ذلك فإن الحكومات الأوروبية التي تدين منذ عقود سياسة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، تتصرف في الواقع وفقًا لمصالحها، وتعطيه الضوء الأخضر لمواصلة انتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان.
صحيح أن سفارة الاتحاد الأوروبي في تل أبيب أعلنت أنها ستلغي الحفل برمّته بسبب إصرار بن غفير على التحدث فيه، بسبب عدم الرغبة بتوفير منصة لمن يتعارض مع قيمها، لكن القرار يظهر مرة أخرى النفاق الأوروبي عندما يتعلق الأمر بسياستها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأن الاتحاد الأوروبي انتظر أسبوعًا على أمل أن ترسل حكومة بنيامين نتنياهو وزيرًا آخر بدلًا من بن غفير.
هذا يعني أن الاتحاد الأوروبي كان مستعدًا لاستقبال وزير آخر من أكثر الحكومات يمينيةً في تاريخ الاحتلال للتحدث بهذه الفعالية، وفي هذه الحالة كان بإمكان الدبلوماسيين الأوروبيين السماح بالفعل بمشاركة بن غفير، مع تغطية رؤوسهم في أثناء خطابه، مع العلم أنه قبل يوم من ذلك الاحتفال الأوروبي، فقد دمّر الاحتلال مدرسة في جب الديب، القرية البدوية الصغيرة قرب بيت لحم بالضفة الغربية التي بُنيت بأموال أوروبية.
قوبل الهدم الإسرائيلي للمدرسة بإدانات أوروبية، باعتباره غير قانوني وفقًا للقانون الدولي، ودعوة الاحتلال لوقف عمليات الهدم والإخلاء، لأنها ستؤدي لزيادة معاناة الفلسطينيين، وخطر اندلاع التوترات في المنطقة، لكن هذه الإدانات الأوروبية المتكررة باتت لا تعد ولا تحصى ضد سياسات الاحتلال، لكن ما لا يمكن العثور عليه في أي منها غياب أي تلميح لإجراءات أوروبية ستتخذ ضد الاحتلال إذا استمر باتباع هذه السياسة، أو العقوبات التي ستفرض عليه ردًّا عليها.
هذا يعني أن هناك فجوة هائلة بين قوة الإدانات الأوروبية المصاغة بكلمات قاسية، والواقع الذي يستمر فيه الاحتلال بلا عواقب، ما يكشف عن مصالح سياسية مفضوحة، وسياسة واقعية بعيدًا عن المبادئ والمثل التي يدّعيها الأوروبيون، بدليل أن الدول الأوروبية تعمل في إطار علاقاتها الأمنية والاستخباراتية والسياسية والاقتصادية مع الاحتلال، وتتأثر بالولايات المتحدة.
يمكن الافتراض اليوم أنه في ضوء اتفاقيات التطبيع، وانخراط الاتحاد الأوروبي فيها، فهو يبدو أكثر خوفًا من اندلاع حرب إقليمية قد تلحق محرقة باقتصاده، ويبدو أنه ليس لديه مشكلة في التسامح مع الوضع الراهن لنظام الفصل العنصري وجرائم الحرب الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، ما يجعل المواقف الأوروبية منطلقة أساسًا وفقًا لمصالحها الاقتصادية، وليس من منطلق الالتزام بحقوق الإنسان.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تقرير: التدمير الإسرائيلي للقطاع الزراعي يستهدف إبادة الفلسطينيين واستئصال وجودهم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ أكتوبر 2023، استهدف بشكل...

هيئة الأسرى: إهمال طبي متعمد وقمع متواصل للأسرى في عوفر
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن إدارة سجن "عوفر" الاحتلالي تواصل اقتحام غرف الأسرى، وقمعهم، تزامنا مع إهمالهم...

الاحتلال هدم 600 منزلاً في جنين ويوسع عمليات تجريف المخيم
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 106 أيام عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، مع توسيع عمليات التجريف والتدمير داخل...

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....