مقدمة نظرية عاجلة في إدارة ملف صراعهم الداخليّ

كلما ازداد قلق كبراء كيانهم وخوف كهنة سياسييهم عرفنا أن الصراع الداخلي قد بدأ مرحلته التاريخية الثانية وهي مرحلة الشرخ الظاهر الذي يعقب مرحلة التآكل الذاتي الخفيّ، وبين المرحلتين تداخلٌ وامتدادٌ، فليس نهاية الأول بداية الثاني بل هما متصلان متعانقان.
وربما ظهر للناس أن هدف الصراع هو رئيس وزراء كيانهم وحلفه اليمينيّ، فطرفٌ يريد إسقاطه وطرفٌ آخر يريد إبقاءه فإن حقيقة الصراع باتت أن التآكل الداخلي الذي كان تحليلاً وتنظيراً وحساباتٍ متقلبة أصبح اليوم شرخاً عميقاً راسخاً لن تنتهي ظاهرته بتمكين النتن ياهو أو إزاحته، بل إن ذلك هو عنوان شرخ المرحلة فحسب.
إن الصراع الداخلي كان بمثابة القاتل الصامت الذي يأكل من عظم الجميع منذ عقود، ورغم أنهم كانوا يرونه إلا أنهم أخّروا التعامل معه لأنهم لم يعترفوا به، فتناسوه عمداً، أو تجاهلوه تغافلاً مقصوداً ولم يجعلوه في حساباتهم، فتعمّق واستطال على مرأى منهم.
وقد بلغ السوسُ الفكريّ والفلسفيّ مبلغاً لا يمكن تدارك ما خرّبه نَخرُه، وذلك لأن هذا السوس بدأ عمله من الداخل وليس من الخارج، وبينما كانت صورة الأسنان لامعة صافية فإنها كانت تسودّ وتتجوّف مع مرور الزمن.
وكلما تعمق النخر والتآكل ازدادت الأزمة رغم وضوح تشخيصها، ويمكن أن ترى وضوح الشرخ الفارق بين الأحزاب المتعاكسة التي كانت تختفي وراء المرايا العاكسة المتداخلة، فمنظومة القضاء مهددة ومتّهمة، والتفسخ الاجتماعي ظاهرة فرضت نفسها، والهجرة المعاكسة حاصلة وموضوعة في الحساب المجتمعيّ، وإرهاصات الحرب الأهلية تتحول إلى حوادث على الأرض تجرّر المبررات لكل طرف، وتشقُّقُ الجيش بات تحذيراً سياسياً على أعلى المستويات، والفساد يضرب أطنابه بعمق باسم الخوف من الآخر الذي يريد أن يطردهم، والإعلام التجاريّ يتغذَى من هذا كلّه ويغذِّي.
استناداً إلى هذا التشخيص الاجتماعي فلا تستمعوا لمن يحرّضكم على التوقف عن التأثير في تطورات صراعهم والدعوةِ لتركهم يأكلون بعضهم فإن هذا الظرف التاريخي بطيء قد يدوم عقوداً إذا لم يتدخل أحدٌ بذكاء ومبادرة عاجلة ليسرّع التآكل ويزيد الشقاق بينهم، وهذا يتطلّب أذكى العقول وأفضل الكوادر وأقوى المبادرات وأنْظَمَ الحملات لتحديد مسارات الانقضاض عليهم والشروع فيها بلا هوادة ولا إبطاء.
ونظراً لأن المحيط العربي والفلسطيني في عمومه ما يزال عاجزاً عن المبادرة بشيء، ولم يفطنوا بعد إلى ضرورة التدخّل ولو ببخار ساخن، فإن الصراع الداخلي لدى الكيان سيصحح أوضاعه تلقائيًّا بروابط صناعية مؤقتة تؤجل السقوط وتطيل عمر النظام المنخور لعدم توفر ضغط خارجيّ يعمل على الهدم بمطارق متتابعة، ولقدرة نظام مؤسساتهم القانونية المعترف بها على الإدارة بالحد الأدنى حتى تجاوُز الأزمة.
وإذا لم نستطع توجيه الضربات الضاغطة إليهم فعلينا أن نشن الحملة الضاغطة على حلفائهم وأصدقائهم من العرب والمسلمين والأحرار لفك الارتباط بهم وإسقاط حساباتهم، والتراجع عن مشاريع التطبيع معهم، ومساعدتهم على النزول من شجرة أحلام الزقوم التي صعدوا لالتقاط ثمرتها المُرّة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ألبانيزي: تجويع الفلسطينيين عار على الضمير العالمي
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام استنكرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي مواصلة الاحتلال...

معظمهم أطفال.. 57 شهيداً ضحايا الجوع في غزة منذ بدء الإبادة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد المكتب الإعلام الحكومي في غزة، بارتفاع عدد الوفيات في القطاع بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيداً، مرجحا ارتفاع عدد...

غانتس يؤكد أطماع إسرائيل بمناطق الدروز في سوريا
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد زعيم حزب "معسكر الدولة" الإسرائيلي المعارض بيني غانتس، أطماع سلطات الاحتلال بالمناطق التي يسكنها الدروز في...

أوروبيون لأجل القدس توثق 30 إصابة و55 حالة اعتقال في القدس خلال إبريل
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام وثقت مؤسسة “أوربيون لأجل القدس” ارتكاب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي 756 انتهاكا خلال شهر أبريل/ نيسان...

حماس تطالب المؤسسات القانونية الدولية بضمان حماية الصحفيين الفلسطينيين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام طالبت حركة حماس المؤسسات الحقوقية والقانونية في العالم بتحمّل مسؤولياتها واستعادة دورها الحقيقي، وعدم الرضوخ لضغوط...

السجن 53 عاماً لأميركي طعن طفلاً فلسطينياً حتى الموت في جريمة كراهية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قضت محكمة أمريكية بسجن جوزيف تشوبا لمدة 53 عاماً، لإدانته بقتل الطفل الفلسطيني الأميركي وديع الفيومي (6 سنوات)،...

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مصادر طبية عن استشهاد طفلة، اليوم السبت، بسبب سوء التغذية وعدم توفر الحليب والمكملات الغذائية جراء الحصار الذي...