اجتماع العقبة.. تواطؤ أمني وطعنة بالظَّهر

في الوقت الذي تتجه فيه حكومة الاحتلال لأن تصبح أكثر تطرفًا وعنفًا وعنصرية بالتمادي في ممارساتها الجائرة بحق الشعب الفلسطيني بحصار غزة والتطهير العرقي الممنهج في القدس والنقب والأغوار والإعدامات الميدانية وحرق المنازل بمن فيها تأتي طعنة غادرة في خاصرة الشعب الفلسطيني المنتفض بمشاركة السلطة في اجتماع العقبة الأمني في الأردن بقرار فردي من جانب محمود عباس وهو قرار منافٍ لتوجهات الشعب الفلسطيني وللهبة الجماهيرية الشعبية التي تتصاعد في أرجاء الضفة المحتلة كان آخرها مجزرة نابلس وقد استشهد فيها أحد عشر شهيدًا الأربعاء الماضي.
انعقاد اجتماع العقبة الحالي 2023 في ظل وجود عباس تعيد إلى الأذهان اجتماعًا مشابهًا حصل منذ عقدين في 2003 في مدينة العقبة بوجود ياسر عرفات وكان عنوانه العودة إلى المفاوضات بين الجانبين ولكن في جوهرها إيقاف انتفاضة الأقصى التي كانت نيرانها مستعرة في وجه الاحتلال وقد شارك فيها عباس حينها بحضور ملك الأردن ورئيس الولايات المتحدة ورئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت أريئيل شارون لكن الذي لم يدعى هو عرفات الذي كان محاصرًا في المقاطعة وبالفعل أوقفت الانتفاضة مقابل وعود إسرائيلية وأمريكية مبطنة ابتلعتها السلطة ولم تنل منها شيئًا ويبقى التنسيق الأمني عاملًا مساعدًا للاحتلال إلى هذا اليوم.
واليوم يعاد مسلسل اجتماع العقبة السابق وليس كما يعلن ويقال أن الهدف من اللقاء الأمني البحث هو تطبيق التفاهم الذي توصل إليه قبل أسبوع رئيس الشباك هنغبي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ الذي في إطاره تراجعت السلطة عن تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن يدين قرار (إسرائيل) بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات مقابل وعود قوبلت بتنفيذ مجزرة نابلس وإنما الهدف الحقيقي من هذا اللقاء الأمني هو ضرب المقاومة المسلحة في جنين ونابلس (شمالي الضفة) وكبح جماحها قبل حلول شهر رمضان وتمكين السلطة من أجل تفادي انتفاضة ثالثة وهذا ما أكده الإعلام العبري بأن مسؤولي السلطة الفلسطينية سيطالبون في اجتماع العقبة بتمويل لتجنيد عشرة آلاف جندي جديد في الأجهزة الأمنية وتدريب خمسة آلاف آخرين والسماح بدخول الأسلحة والمعدات لهم وإقامة غرفة تنسيق فلسطينية إسرائيلية أمريكية مشتركة لمنع جيش الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ عمليات في الضفة الغربية وإسناد هذه المهام للسلطة بالتنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال.
فعلى مدار العقود السابقة من المفاوضات والوعود لم تلتزم (إسرائيل) بأي منها فكيف ستُنفذ مخرجات هذا الاجتماع في ظل الحكومة الحالية المتطرفة بوقف الاستيطان فالحكومات السابقة في (إسرائيل) لم توقف الاستيطان وأما الحديث عن وعود إسرائيلية جديدة للسلطة فستكون مَثيلة لسابقاتها من الوعود الخادعة لتفادي التصعيد في شهر رمضان لأن (إسرائيل) تريد الهدوء في هذا الشهر لتمرير مخططاتها التهويدية وبالتالي هذه القمّة لخدمة (إسرائيل) أكثر مما هي لخدمة الفلسطينيين وستتعامل معها بانتقائية ودون جدية ودون أن تُلزم نفسها بصيغة واضحة لإبقاء الوضع على ما هو عليه على أمل أن يمرَّ شهر رمضان بهدوء وبعدها لكل حادث حديث كأن يُقال: تقليص الاقتحامات وهذا يخضع للتفسير دون إشارة واضحة إلى وقف الاقتحامات فقد أكدت قناة 12 العبرية بأن (إسرائيل) رفضت الاستجابة لطلب السلطة وقف الإجراءات الأحادية إذ هدد وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت بمواصلة العمليات في الأراضي الفلسطينية لأن هناك مشروعًا احتلاليًا سيستمر في تنفيذه مهما كلفه الثمن وبالتحديد أن الحكومة الحالية لا تؤمن بأي عملية تسوية مع السلطة.
الاحتلال يتعامل مع القضية الفلسطينية كملف أمني لا علاقة له بالواقع السياسي والحقوق وكل ما سينتج عن القمة من توصيات هي فقط لتعزيز أمن الاحتلال والمستوطنين وإرجاع الهدوء وكسر شوكة المقاومة وعدم السماح لها بالتمدد والانتشار لتتحول إلى انتفاضة ثالثة فجاءت القمة لإيجاد حلول أمنية قبل الوصول إلى السيناريو الأسوأ المتوقع في رمضان وبلورة معادلة تحسين الوضع الاقتصادي مقابل الأمن والهدوء ومن جانب آخر فإن هذا اللقاء الأمني في مدينة العقبة عولت عليه حكومة الاحتلال لتحسين صورتها وتجميلها أمام الرأي العام المحلي والعالمي.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

بعد ساعات من ولادة طفلته.. استشهاد صحفي بمجزرة إسرائيلية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الصحفي الفلسطيني يحيى صبيح، اليوم الأربعاء، في مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال بقصفه مطعماً شعبياً غربي مدينة غزة،...

25 شهيداً وعشرات الجرحى في مجزرة إسرائيلية استهدفت مطعمًا بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، عصر اليوم الأربعاء مجزرة دامية غربي مدينة غزة أسفرت عن 25 شهيداً وعشرات الجرحى، وسط...

الاحتلال يرتكب 4 مجازر دامية في غزة استهدفت مدرستين وسوقًا شعبيًا ومطعمًا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي 4 مجازر دموية خلال 24 ساعة آخرها قصف مطعم مكتظ، وقبلها...

القسام يوقع قوة صهيونية من 10 جنود بين قتيل وجريح في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري، لحركة حماس، تنفيذ كمين لقوة صهيونية راجلة من 10 جنود وإيقاعها بين قتيل وجريح في...

38 شهيدًا و145 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، وصول 38 شهيدا، منهم 4 شهداء انتشال، و145 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال 24 ساعة...

مخطط إسرائيلي لإقامة أحياء استيطانية في قلقيلية وبيت لحم
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عن مخطط تعمل عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل بناء مجموعة من الأحياء...

تقرير إسرائيلي: 3 آلاف قنبلة لم تنفجر في غزة إعادة تدويرها يثير المخاوف
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد تقرير إسرائيلي بأن نحو 3 آلاف من القنابل التي أسقطها جيش الاحتلال على قطاع غزة خلال حرب الإبادة المتواصلة، لم...