الحراثة بالحصان.. مهنة موسمية يستغلها الشقيقان خالد وسالم

رغم سنه الصغيرة الذي لم تبلغ العشرين عاما؛ يحترف الشاب خالد التعامل مع حصانه فخبرته التي اكتسبها من والده كفته لأداء هذه المهمة الشاقة وأهَّلته للتواصل مع الحصان.

خالد عبد العال وشقيقه سالم شابان اكتسبا عن والدهما مهنة الحراثة على الحصان فباتت مصدر رزق لهما ولعائلتهما خلال العام.

فمن منطقة “خربة العدس” بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة يخرج الشابان على كارّة يجرها حصانهما الأبيض إلى مدينة خانيونس بعد التواصل معهما لحراثة أكثر من أرض في المدينة.

عبارات التواصل
وما أن يصل إلى الأرض المراد حراثتها وتقليبها حتى تصدح حنجره خالد الذي يقود دفة المحراث بعبارات التواصل مع حصانه الذي يعرف نبرة صوته ويتجاوب معه خلالها.

وبحذر يسير خالد خلف دابته ويوازن قيادتها وينهرها بلطف ولا يستخدم عصاه إلا للتلويح بالخوف والتهديد لتسير بانتظام فأي خطأ قد يثيرها وبالتالي ترطمه برجليها وترميه أرضا أو تكسر الأشجار الموجودة داخل المكان.

وبين أشجار الزيتون تبدأ عملية الحراثة بسكة واحدة يبدأ بغرزها في باطن الأرض لتسير على شكل خطوط وخلال كل مدّة يرتاح خالد وحصانه ويسلم بعدها الدفة لشقيقه سالم.

وتحرث الأرض مرتين خلال العام؛ فالأولى تسمى “كسرة” حيث تكسر الأرض بها وتقلب والثانية تعرف “بالتثنية” وبها تقلب الأرض ثانية والمرتان بين أواخر يناير/كانون الآخِر وأواخر أبريل/نيسان.

ومع كل بدايةٍ ينهر الشاب خالد حصانه الذي يعلو صوت شهيقه وزفيره ذهابا وإيابا ليسرع في إنجاز المهمة قبل مغيب الشمس ليتمكنوا من العودة إلى منزلهم ويستريحوا من عناء يوم شاق تصبب خلاله العرق بكثرة.

ويقول الشاب خالد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “نحن بطبيعتنا مزارعون وبدأت أتعلم الحراثة من والدي حتى بدأت بإتقان المهنة والتعامل مع المحراث بمهارة”.

ويلفت إلى أن المحراث اليدوي يحتاج إلى مهارة وخبرة إضافة إلى حاجته إلى القدرة على التحكم في الحصان الذي يسير أمامه.

قلع البطاطا
ويذكر الشاب أنه يعمل في قلع البطاطا من الأرض حيث يقلبها لتسهيل جنيها على المزارعين بأقل جهد وأسرع وقت.

ويشير إلى أنه يجني من حراثة دونم الأرض 50 شيكلا لافتا إلى أن هذا المبلغ متعارف عليه بين أغلب العاملين في هذا المجال.

ومع دخول فصل الشتاء يسارع المزارعون في فلسطين لحراثة أراضيهم وذلك في فترات استقرار الأجواء.

وتعدّ الحراثة عملية أساسية تؤدي إلى تفكيك وتنعيم وتفتيت وأحيانًا قلب التربة ويتوقف نجاح عمليات خدمة التربة وخدمة المحصول على مدى ضبط وإتقان عملية الحراثة لخلق تربة زراعية جيدة يكون بناؤها جيدًا وتحتوي على نسبة معقولة من المسامية.

ومن فوائد الحراثة: كسر الطبقات الصلبة غير المنفّذة تحت سطح التربة والقضاء على الحشائش وتساعد على تهوية التربة كما يساعد تفكيك التربة على احتفاظ التربة بالماء وأيضا إلى تجانس توزيع الأسمدة وتعريض الجراثيم والحشرات لأشعة الشمس والقضاء عليها وتسهيل العمليات الزراعية اللاحقة.

وبفارغ الصبر ينتظر الحرَّاثون -أمثال الشاب عبد العال- هذا الموسم؛ فالجميع يستعدون لحراثة أراضيهم واستغلال أيام الصحو (توقف المطر).

وقديمًا كان المحراث مصنوعًا من الخشب ثم أصبح معدنيًّا وما يزال موجودًا حتى يومنا هذا ويطلق عليه أيضًا اسم “العود” ويتكون من عدة أجزاء وهي: (النير والكابوسة والسكة والوصلة وإرياح والبرك والذكر والناطح والكردانة والقلادة والمنساس).