السبت 28/سبتمبر/2024

بلدة بيت أمر.. رأس حربة في مواجهة الاحتلال بالضفة

بلدة بيت أمر.. رأس حربة في مواجهة الاحتلال بالضفة

لم تتأخر بلدة بيت أمر يوماً عن تصدّر المشهد لتكون أبرز البلدات التي تشكل رأس حربة في مواجهة الاحتلال تقدم نموذجاً متطوراً في العمل المقاوم؛ حيث قدّمت خلال المدّة الأخيرة ثلة من الشهداء وأبرز العمليات البطولية.

ولا تغيب أعين وأطماع الاحتلال عن البلدة الواقعة في مدينة الخليل المحتلة حيث لا يكاد يمر يوم دون أن يتصدر اسمها المواقع والنشرات الإخبارية ولا يكاد يمر يوم حتى تتعرض هذه البلدة لهجمة من الاحتلال الصهيوني سواء بسلب جزءٍ من أرضها أو اعتقال عددٍ من أبنائها إضافة لاعتداءات المستوطنين المستمرة من دهسٍ وإطلاقٍ للنار بهدف ترويع أهلها ودفعهم للتراجع عما يقومون به للمطالبة باسترجاع أراضيهم المسلوبة.

موقع بيت أُمر

تقع بلدة بيت أمر على الشارع الرئيس الواصل بين مدينة الخليل ومدينة القدس حيث تبعد 10 كيلومترات إلى الشمال من مدينة الخليل و15 كم إلى الجنوب من مدينة بيت لحم ويبلغ عدد سكانها نحو عشرين ألف نسمة وتشتهر بالزراعة وأهم زراعاتها العنب والتفاح واللوزيات والخضار.

وترتفع البلدة أكثر من 950 مترًا عن مستوى سطح البحر وتبلغ مساحة أراضيها نحو 32 ألف دونم وهذه النسبة تشكل 2.25% من مساحة محافظة الخليل وقد سلب الاحتلال مساحات واسعة من أراضي البلدة لإقامة المستوطنات.

بيت أمّر والاستيطان

تتعرض بلدة بيت أمر لهجمة متواصلة من الاحتلال ومستوطنيه؛ بهدف السيطرة على بقية أراضيها التي التهم الجدار الفاصل والمستوطنات المحيطة بها جزءًا كبيرًا منها.

المواطن عبد الفتاح صبارنة (43 عامًا) قال لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: إن البلدة محاطة بالمستوطنات حيث يحدها من الشمال مستوطنتا “أفرات” و”غوش عتصيون” والتي التهمت ما يقارب 30% من أراضيها بالإضافة إلى جدار الفصل الذي ابتلع مساحاتٍ ليست بالصغيرة من كرومها.

كما توجد مستوطنة “بيت عين” بالجهة الشمالية الشرقية للبلدة ومن الجنوب مستوطنة “كرمي تسور” التي ابتلعت من أراضيها الكثير.

وأضاف صبارنة أن البلدة تعاني من مداهمات جيش الاحتلال المتكررة؛ حيث تتعرض البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء والمنازل والمحال التجارية في كثير من الأحيان للتخريب كما تتعرض الأراضي الزراعية للتجريف وتعاني البلدة من استمرارية زحف المستوطنات المحيطة نحوها واستمرارية سلب الأراضي.

من ناحيته؛ ذكر أحد نشطاء اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان أن المغتصبين القاطنين بالمستوطنات المحيطة ببلدة بيت أمر يستهدفون أراضي المواطنين بالتخريب؛ عبر حرق الأشجار وإلقاء المخلفات من النفايات ووصل الأمر في بعض الحالات إلى التخلص من مياه الصرف الصحي في هذه الأراضي وأشار الناشط أن هناك نحو 800 دونم من الأراضي المدمرة على طول جدار الفصل العنصري بالإضافة إلى 7200 دونم من الأراضي المعزولة خلف هذا الجدار.

وأضاف: “الشارع الالتفافي المارّ بجوار البلدة أصبح مسرحًا لاعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال؛ حيث تقع حوادث دهس أو إطلاق نار باستمرار وسقط عدد من الشهداء والجرحى نتيجة هذه الاعتداءات فضلا عن الضرر الذي ألحقه هذا الشارع بالمزارعين؛ حيث بلغت مساحة الأراضي المسلوبة نحو 800 دونم”.

مسيرة أسبوعية

وينفذ سكان بلدة بيت أمر مسيرة أسبوعية؛ رفضًا للاستيطان وللجدار الفاصل والذي اقتلع جزءًا كبيرًا من أراضيها ويشارك متضامنون أجانب في هذه المسيرات التي تتوجه إلى الأراضي المسلوبة وعادة ما يواجه جيش الاحتلال المسيرة بالقمع ويطلق الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع تجاه المشاركين بها ليقع كثيرٌ منهم بين مصابٍ بالاختناق أو رضوضٍ وكسورٍ أو حتى معتقلا في السجون.

المزارع رفعت الزعاقيق (38 عامًا) من سكان بيت أمر قال لمراسلنا إنه يشارك باستمرار في المسيرة الأسبوعية مطالبا باستعادة أرضه التي ابتلع الجدار الفاصل أكثر من 20 دونمًا منها.

وذكر الزعاقيق بأنّ هناك مواطنين آخرين كانت خسارتهم أكبر وسلب الاحتلال مساحة كبيرة من أراضيهم وأنه لن يمل أو يتعب من المشاركة في هذه المسيرات؛ لأن نفَسه وبقية أبناء البلدة أطول من نفَس الاحتلال وهم أصحاب الأرض الحقيقيون وأن مصير هذا الجدار والمستوطنات هو الهدم وأن الأرض سترجع لهم طال الزمان أم قصر.

بيت أمر والانتفاضة

كانت بيت أمر من أولى المناطق في الضفة المحتلة التي استخدم فيها الاحتلال الطائرات العمودية وراجمات الحجارة لتفريق الحشود والمواجهات الشديدة.

وبحسب كتاب (بيت أمر الأصالة والحضارة) لمؤلفه محمد يوسف ابريغيث الصادر عام 1995 قدمت بيت أمر (10) من أبنائها شهداء خلال الانتفاضة الأولى وكانت فاتحة الشهداء فيها بانضمام ثلاثة شبان في يوم واحد إلى قوافل شهداء الانتفاضة بتاريخ 7 شباط 1988.

وسجّلت بيت أمر خلال الانتفاضة 297 مواجهة وذلك منذ العام 1988 وحتى العام 1994 وإصابة 296 مواطنا في حين اعتقل 785 من أبناء البلدة وإذا ما استثنينا الأطفال والنساء فإن نسبة الاعتقالات بلغت 38% من أبناء بيت أمر التي بلغ عدد سكانها في تلك المرحلة تسعة آلاف نسمة.

وتعد بيت أمر التي يعيش فيها اليوم ما يقارب العشرين ألف نسمة واحدة من أكثر بلدات الضفة عامةً ومحافظة الخليل خاصةً اهتماما بالزراعة وتقديرا للتراب وتبلغ مساحة البلدة 32 ألف دونم وتشتهر بزراعة العنب والبرقوق.

القتال بالسلاح

شهدت بلدة بيت أمر خلال ديسمبر الماضي عمليتي إطلاق نار تجاه قوات الاحتلال وقد انتشر مقطع فيديو يوثق العملية الثانية وهو ما يعد تطورا في العمل المقاوم بالبلدة التي عرفت بأنها كانت رأس حربة في المواجهات مع قوات الاحتلال في الأشهر الأخيرة.

عمليات إطلاق النار في بيت أمر جاءت بعد ساعات من وقوع عملية إطلاق نار بين غوش عتصيون والخليل بعد ساعات عديدة نفذها مقاومون فلسطينيون مستهدفين قوة عسكرية في محيط مستوطنة “كرمي تسور” وهي مستوطنة قريبة من بلدة بيت أمر.

هذه العمليات أثارت مخاوف أجهزة الاحتلال الأمنية التي تشير التقارير الإسرائيلية إلى خشيتها من انتقال العمل المسلح من الشمال إلى الوسط والجنوب لكن ما يخشاه الاحتلال يبدو أنه يحدث بالفعل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات