الأربعاء 26/يونيو/2024

صعود اليمين المتطرف بـإسرائيل.. مزيدًا من الفاشية والعدوان

صعود اليمين المتطرف بـإسرائيل.. مزيدًا من الفاشية والعدوان

منذ سبعينيات القرن الماضي بدأ صعود اليمين على الساحة الإسرائيلية وأخذ مكانته في الكنيست الإسرائيلي وحكومته منذ انتخابات 2003.

ويشكل صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف تهديداً للفلسطينيين وفرصة في الوقت ذاته لإعادة رصّ الصفوف وتوحيد الجهد الوطني في مواجهة المشروع الصهيوني؛ لاسيما في إطار تلاشي أوهام “اليسار الإسرائيلي”.

وقد حصد معسكر اليمين في الانتخابات الأخيرة 64 مقعدا في الكنيست من أصل 120 مقعدا ما أعطاه القدرة على تشكيل حكومة جديدة برئاسة نتنياهو.

ويرى الصحفي الأمريكي توماس فريدمان أن عودة اليمين المتطرّف إلى الحكم في كيان الاحتلال سيغيّر من وجه هذا الكيان.

وعدّ في مقاله في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تحت عنوان “إسرائيل التي نعرفها ذهبت” أن “الائتلاف الذي يركب على ظهره نتنياهو في عودته للحكم هو الائتلاف الموازي الإسرائيلي للكابوس الأمريكي الذي يتناول سيناريو عودة انتخاب دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024”.

وأوضح أن “ائتلاف نتنياهو حقيقي وهو حلف جامح من زعماء الجمهور الديني والسياسيين المتطرفين قوميا ومنهم بعض المتطرفين اليهود العنصريين الذين يكرهون العرب والذين في السابق عُدّوا خارج المعايير والحدود السياسية الإسرائيلية وكون نتنياهو عمليا لا يستطيع أن يشكل ائتلاف أغلبية دون دعم هؤلاء المتطرفين وبعضهم سيتولى مناصب وزارية في حكومة إسرائيل القادمة”.

سياق طويل
الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي تحدث أن صعود اليمين المتطرف في إسرائيل هو جزء من سياق طويل مستمر منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي أدى إلى انحسار اليسار الإسرائيلي الذي أسس دولة “إسرائيل”.

وقال عرابي في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن “إسرائيل اليوم لا تنقسم بين يمين ويسار وإنما تنقسم بين يمين ووسط في حين أن اليمين يميل إلى الفاشية والعدوانية تجاه الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين عموماً وإن كان التيار القومي الديني يحتفظ بحجمه منذ بدايات صعوده”.

وذكر عرابي أن صعود اليمين يأتي نتيجةً طبيعية بسبب الصراع الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وأيضاً نتيجةً لسياسات الاستيطان؛ لأن الجمهور الأساسي للصهيونية الدينية هم المستوطنون وأيضاً يأتي نتيجةً طبيعية لطبيعة التأسيس والأيديولوجيا التي تدمج بين الدين والدعاية السياسية وتوظيف المقولات التوراتية في الدعايات السياسية متوقعاً المزيد من التطرف والجنوح نحو الفاشية ضد الفلسطينيين.

وحول تأثير صعود اليمين الإسرائيلي على الوضع الفلسطيني أشار إلى أن هذا الصعود سيحرج السلطة الفلسطينية أكثر وسوف يكشف سياساتها أكثر؛ لأنه يؤكد يقيناً أنه لا يوجد أفق إطلاقاً ولا يوجد معنى لاستمرار السلطة في سياساتها.

وتابع: “بالرغم من أن هناك قدرا مشتركا واسعا بين الفرقاء الإسرائيليين بكل تياراتهم وجذورهم الفكرية والسياسية إلا أن النفوذ المتزايد للصهيونية الدينية قد يدفع ربما إسرائيل إلى سياسات أقل عقلانية لا سيما أن هذه التيارات تؤمن باستعجال المواجهة والحرب من أجل نزول المسيح المخلص وبالتالي الاحتمالات مفتوحة بهذا الخصوص”.

أما بالنسبة لحالة المقاومة وتصاعد الحالة الثورية في الضفة الغربية والقدس فأوضح أنها ليست حالة جديدة وإنما حالة مقاومة مستمرة تمر بموجات من المقاومة المتتابعة منذ العام 2015.

ويعتقد عرابي أن حالة المقاومة في الضفة الغربية تتكرس وتأخذ أشكالا متعددة مضيفاً: ليس بالضرورة أن كل أشكال المقاومة سوف تستمر فبعض المجموعات المسلحة قد تتفكك ولكنه لا يعني تراجع حالة المقاومة؛ بدليل أن سلسلة العمليات المؤثرة الأخيرة ليست مرتبطة بأشكال معينة مثل عملية الخليل وأريحا وسلفيت” مشدداً على أن كل هذه العمليات تشكل جزءا من موجات وحالة المقاومة الموجودة في الضفة الغربية.

واستبعد أن تكون حالة الصعود للحالة الثورية الفلسطينية على علاقة بصعود اليمين الإسرائيلي المتطرف مشيراً إلى أنها حالة قائمة بذاتها.

مزيدًا من العدوان
من جهته قال أيمن الرفاتي المختص في الشأن الاسرائيلي: إن صعود اليمين الإسرائيلي سيعني مزيداً من الهمجية والجرائم بحق الفلسطينيين في سياق الحديث عن نية اليمين تغيير قواعد إطلاق النار في الضفة ونيته تغيير الوقائع في الضفة والقدس وهذا الأمر بالتأكيد سيؤدي لتصاعد الفعل المقاومة وسيؤدي لدخول شرائح جديدة من الفلسطينيين لخط المواجهة ما يعني أن الحالة الفلسطينية ستكون خلال المدّة المقبلة أمام تحولات كبيرة وزيادة في وتيرة العمل المقاوم.

وأشار الرفاتي في حديث خاص لمراسلنا إلى أنه منذ بداية عام 2022 انتقلت العمليات المقاومة من العمل الفردي إلى عمل أشبه بالعمل المنظم وتشكيل خلايا عسكرية تركزت في نابلس وجنين ما شكل حالة من القلق الإسرائيلي ودفع بإعلان عدوان عسكري تحت مسمى “كاسر الأمواج” لتحجيم العمل المقاوم والقضاء عليه إلا أن نتائج تلك الحملة كانت عكسية وزادت وتيرة العمل المقاوم وانتقلت لبقع جغرافية أخرى في عديد من الأحيان.

وأكد أن الأسباب والعوامل التي زرعت بذور وبوادر عودة العمل المقاوم إلى الضفة المحتلة خلال العام الحالي تعود للهبات وموجات الانتفاضة في القدس والضفة والداخل خلال المدّة الماضية وخاصة في العام الماضي وبعد معركة سيف القدس و”نفق الحرية” وهو ما رفع من معنويات الفلسطينيين وأعاد الثقة لصفوفهم وأدّى إلى دفع المزيد من الشباب في صفوف المقاومة.

وأضاف: ساهم في ميلاد هذه الظاهرة ضعف السلطة بعد وصول مشروعها السياسي إلى طريق مسدود وعدم تبنيها لمشروع جديد وإلغاء الانتخابات خشية من نتائجها؛ ما أدى إلى المزيد من تآكل شرعيتها وفقدانها ما تبقى من شعبيتها وهيبتها خصوصًا في ظل تحديد سقف أمني اقتصادي للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية دون أي مضمون أو أفق سياسي إضافة إلى تفاقم الخلافات والصراعات على السلطة والمراكز التي ازداد أوارها على خلفية الصراع على خلافة عباس.

ولفت إلى أن خشية السلطة من الانحياز لشعبها وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من مواجهة مع الاحتلال والخشية من عواقب مشاركتها في إخماد هذه الظاهرة بمضاعفة دورها في اعتقال المقاومين وسحب سلاحهم قبل أن تتسع وخصوصًا بعد أن شارك فيها أفراد سابقون وحاليون من الأجهزة الأمنية أوجد فراغًا وجدت الكتائب الجديدة من الضروري محاولة ملئه وهذا استدعى رموزًا جديدة تناسبه مثل فتحي خازم أبو رعد الذي أصبح رمزًا وقائدًا لهذه الظاهرة.

ونبه إلى أن زيادة التطرف الإسرائيلي وتصاعد العدوان بكل أشكاله أدى دورًا بارزًا في خلق الظاهرة فلكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكسٌ في الاتجاه.

وشدّد الرفاتي على أن التطورات الإقليمية والدولية الحاصلة أدت أيضا دورًا في تأجيج المقاومة خصوصًا الحرب الأوكرانية وتداعياتها والسباق بين الحرب والسلام في ملفات عدة مثل: ملف تايوان وترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل” والملف النووي الإسرائيلي.

وتابع: “إسرائيل تحاول توظيف ما يحدث من أحداث عالمية وانشغال العالم بها وتسعى في سباق مع الزمن لفرض المزيد من الحقائق على الأرض في فلسطين؛ لكي يكون الحل الإسرائيلي هو الحل الوحيد المطروح والممكن عمليًّا”.

وقد تستغل الأحزاب اليمينية في دولة الاحتلال حالة الانشغال الدولي لإحداث تغييرات ووقائع جديدة على الأرض في الضفة المحتلة والقدس وهذا الأمر مهدد كثيرًا لتفجير الأوضاع والمواجهات العسكرية؛ وفق الرفاتي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات