في بيوت شهداء التوجيهي .. غصّة وفخر بـالشهادة الأكرم

بمزيج من الغصّة والتسليم بقضاء الله، والفخر بأبنائهم، تفاعل أهالي ثلاثة طلبة نالوا “الشهادة الأكرم” مع ظهور نتائج الثانوية العامة.

حنان خضور، وكامل علاونة، ومعتصم عطا الله، ثلاثة طلبة من الضفة الغربية، كانوا يدرسون الثانوية العامة، ويتجهزون مع ذويهم ليوم الحصاد والفرحة، إلّا أن رصاص الاحتلال سبق إليهم؛ ليرتقوا شهداء، ويفوزوا بالشهادة الأكرم.

وكعادة الشعب الفلسطيني في الاحتفاء بأبطاله والتضامن مع ذويهم، سارع عديدون إلى زيارة ذوي الشهداء، والوقوف إلى جانبهم، والتخفيف من وقع هذا اليوم عليهم؛ حيث يستذكرون أبناءهم الراحلين.

كنا نتمنى أن يكونوا بيننا ونحتفل بنجاحهم وتفوقهم، ولكنه الاحتلال المجرم، وهم ليسوا خسارة في وطنهم، ومضوا في تجارتهم الرابحة.. هذا لسان حال أهالي الشهداء الميامين الذين سبق إليهم رصاص الاحتلال ليضع حدًّا لأرواحهم البريئة، ويقضي على أحلامهم وتطلعات آبائهم لمستقبلهم.

حنان .. من الدرس إلى الشهادة
حنان الخضور (18 عامًا) استشهدت في 19 نيسان/إبريل الماضي، برصاص قوات الاحتلال أثناء عودتها من درس خصوصي للثانوية العامة.

حنان كانت في زيارة إلى الحيّ الشرقيّ لمدينة جنين؛ للالتحاق بدرس خصوصيّ هناك. كانت المواجهات على أشدها مع قوات الاحتلال التي اقتحمت المدينة لمحاولة اعتقال والد الشهيد رعد خازم. عجز الاحتلال قاده لاستهداف السيارات المارة، وفي إحداها كانت حنان عائدة إلى منزلها بقرية فقوعة، قضاء جنين، لتصاب في بطنها بجروح خطيرة رحلت على إثرها شهيدةً خلال ساعات.

معتصم: طموحات وأحلام بددها رصاص الاحتلال
معتصم عطا الله كان متوقعاً كما حنان أن يعود هذا اليوم حاملًا شهادته إلى قرية حرملة شرق بيت لحم، ولكنه رحل في 8 مايو/ أيار الماضي، شهيدًا بعد إصابته بعدة رصاصات من قوات الاحتلال.

معتصم المحب للمقاومة، والذي زين صفحته على فيسبوك بقلب أخضر وصورة لمقاومين يرتدون عصبة كتائب القسام، صلى قبل استشهاده المغرب جماعة في المسجد، فهو فتى القرية الذي عرف بالتزامه وحسن خلقه، وحبه لوطنه وتأثره بالاعتداء على المسجد الأقصى المبارك.

الشهيد معتصم عطا الله
بعد أدائه الصلاة وحسب ما أبلغت به العائلة، توجه برفقة عدد من الشبان إلى مستوطنة “تكواع”؛ حيث استشهد بعد إصابته برصاص الاحتلال في رأسه.

وقال والد الشهيد، في تصريحات صحفية تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام“: ربيناه صغيرًا، وكنا ننتظر تخرجه في الثانوية. كان طموحًا، وكنا نبني عليه آمالا كبيرة، وننتظر التحاقه بالجامعة ليدرس ويتخرج، وينفع نفسه ووطنه، ولكن إرادة الله نافذة.. والاحتلال المجرم استهدفه ليرحل شهيدًا وينال الشهادة الأكرم”.

أما والدة الشهيد، فقالت: “إن معتصم كان يدرس في القسم الأدبي، محبًّا للعلم، ونشيطًا، ونسأل الله أن يصبّرنا على فراقه”.

كامل .. رحيل مؤلم خلال الامتحانات
أما الطالب الثالث كامل علاونة فاستشهد في 4 تموز/يوليو الجاري، متأثرا بجروح أصيب بها خلال مواجهات مع جنود الاحتلال الإسرائيلي، قبل ذلك بيوم واحد عند مدخل بلدته جبع قرب مدينة جنين (شمالي الضفة الغربية).

واخترق الرصاص الحي المتفجر بطن كامل ويده، وأصاب كبده مباشرة؛ فأدى لنزيف حاد لم تفلح معه عمليتان جراحيتان وأكثر من 20 ساعة من العلاج المتواصل في غرفة العناية الحثيثة، حتى أعلن استشهاده.

وجاء استشهاد كامل بعد 19 عامًا من استشهاد شقيقه الذي حمل اسمه في حالة متكررة من حياة شعبنا، مع وجود احتلال مجرم يمارس القتل بحق شعبنا منذ أكثر من 7 عقود.

“كامل الأول” فارس قسامي اجتاز امتحان الثانوية، استشهد في 26 يونيو/حزيران 2003 مشتبكا بالسلاح مع الاحتلال، أما كامل الثاني فرحل شهيدًا تزامنا مع ذكرى شقيقه مشتبكا بالحجارة، في الأيام الأخيرة من امتحانات الثانوية العامة التي تبقى منها اختبار أو اثنان.

فاطمة علاونة -والدة الشهيدين- تجرَّعت الحسرة مرتين؛ فهي لم تنسَ نجلها الأول ابن القسام البطل، وكانت السنوات المتعاقبة وأحداثها كفيلة بأن تشعل نار صدرها حزنا على ولدها وشوقا إليه، ليأتي خبر نجلها سميِّه ويوقد نار ألم الفقد مجددًا.