استشهاد الأسيرة سعدية يدق ناقوس الخطر

شكل استشهاد سعدية فرج الله في سجن الدامون صفعة جديدة للقانون الدولي الإنساني، ولكل الأعراف والمواثيق الدولية على رأسها اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية الأسرى المرضى، التي كفلت القواعد النموذجية لمعاملة السجناء الأسرى والأسيرات وتلقيهم العلاج الطبي المناسب لوضعهم الصحي، وأيضًا اتفاق روما الذي كفل حق الأسيرات والأسرى بالمعاملة الإنسانية في المعتقل وفي العيش بظروف خالية من المخاطر.
فسلطات الاحتلال الإسرائيلية تضرب عرض الحائط بكل هذه القوانين والاتفاقيات ولم تلتزم بأي منها، فالشهيدة سعدية رغم كبر سنها (68 عامًا) لم يرأف الاحتلال بوضعها الحرج ولا بمرضها المزمن، وتعمد في إهمال علاجها ولم يحسن معاملتها كامرأة مسنة وتركها تعاني المرض حتى استشهادها السبت الماضي.
الشهيدة سعدية ليست الأولى في تاريخ شهداء الحركة الأسيرة، بل إن هناك أسرى فلسطينيين قد استشهدوا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي خاصة الأسرى المرضى منذ عام ١٩٦٧، وعددهم 230، منهم أكثر من سبعين استشهدوا بسبب الإهمال الطبي والتعذيب وسياسة الابتزاز والتنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي للأسرى، وانتهاك لكل حقوقهم ما يؤدي أيضًا إلى تفاقم حالاتهم المرضية وتدهور صحتهم وقد تتعمد ما يسمى بإدارة السجون عدم توفير الأدوية أو تماطل وتتأخر في نقل الأسرى إلى المشافي أو لا تقوم هذه الإدارة بعمل الفحوصات الطبية اللازمة للأسرى من الإصابات التي تعرضوا لها أثناء لحظات الاعتقال أو خلال التحقيق أو نتيجة لتعرضهم لقمع الوحدات الخاصة لإدارة السجون.
سلطات الاحتلال الإسرائيلية تتحمل مسؤولية استشهاد المسنة سعدية، بسبب الإهمال الطبي والإمعان في تعذيب الأسرى، كما أن إصرار سلطات الاحتلال على رفض المعاملة الإنسانية للأسرى المرضى كانت نتيجته استشهاد المسنة المريضة، وهذا إنذار يدق ناقوس الخطر عند بقية الأسرى خاصة الأسرى المرضى المهملين طبيًّا، وقد يتفاقم وضعهم سوءًا في ظل انتشار أوبئة وأمراض معدية دون تقديم إدارة السجون الوقاية والعلاج اللازم.
ينقلني هذا الموضوع إلى موضوع مشابه وذي صلة، وهو التعاون الأمني بين الاحتلال والسلطة، فلعل أغلب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال لم يكن اعتقالهم مسألة عفوية، فهذا أمر مفروغ منه، بأن الاحتلال يجد من يعينه على الوصول للمناضلين بسهولة إما لاعتقالهم أو لتصفيتهم وذلك بفضل التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، التي هي بالمناسبة تؤدي نفس الدور بشنها حملة اعتقالات سياسية طالت الطلاب والصحفيين وأصحاب الرأي، ونشطاء على خلفية انتمائهم لحركتي حماس أو الجهاد الإسلامي، أو أعضاء متمردين من حركة فتح مناهضين للسلطة الفلسطينية، وتقوم بتعذيبهم، كما هو الحال في سجن أريحا الذي يضرب به المثل في التعذيب والتنكيل ويطلق عليه عدة مسميات مثل “مسلخ أريحا” أو “خليج غوانتانامو” التابع للسلطة، وقد ينتهي الأمر بالموت كما حدث مع الناشط نزار بنات في العام الماضي.
وفقًا لـ”الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فقد تم تقديم ٢٥٢ شكوى تعذيب في سجون السلطة الفلسطينية عام ٢٠٢١، وعدد حوادث التعذيب أكثر من ذلك، لأن الكثيرين ممن تعرضوا لها لا يتقدمون بشكوى، وهنا يستوقفني السؤال التالي: متى كانت السجون مقابر للشرفاء والمناضلين؟ فلمن يشكو الفلسطيني همّه، ولسان حاله يقول: “إن لم تستحِ فاصنع ما شئت”؟
فلسطين أون لاين
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...

قتلى وجرحى بتفجير القسام مبنى بقوة من لواء غولاني في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...

الاحتلال يحول الصحافي الفلسطيني علي السمودي إلى الاعتقال الإداري
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، الصحافي الفلسطيني علي السمودي من جنين، شمالي الضفة الغربية،...

“موت ودمار لا يمكن تصوره”.. منظمة دولية تطلق نداءً لوقف النار في غزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت "منظمة أوكسفام الدولية"، نداءً مفتوحًا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، محذّرة من استمرار الكارثة...