الأربعاء 26/يونيو/2024

40 عامًا على مجزرة نادي الحولة.. أحد الناجين يصفها بيوم القيامة

40 عامًا على مجزرة نادي الحولة.. أحد الناجين يصفها بيوم القيامة

لا شك أن السابع من حزيران، منذ 40 عاماً وحتى اليوم، هو يوم حرقة وغصّة لأبناء مخيم البرج الشمالي وفي قلب كل فلسطيني، وهي ذكرى إحدى أفظع المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، ويصفها أبناء المخيم بأنها من أكبر الفظائع في التاريخ الفلسطيني وأكثرها فتكاً بالمدنيين الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ.

تعرض المخيم الواقع شرق مدينة صور جنوب لبنان للقصف الإسرائيلي أكثر من مرة، وكان أولها عام 1974 وتكررت الاعتداءات عليه وخاصة في الاجتياح الإسرائيلي، حيث دمر أكثر من 70% من منازل المخيم، والذي أدى إلى ارتكاب مجزرة نادي الحولة، ومجزرة مغارة علي رميض (أبو خنجر) وملجأ روضة النجدة الاجتماعية إضافة إلى مغارة حي المغاربة.

وقعت المجازر في الأيام الأولى للاجتياح الصهيوني للبنان، وتحديداً في 7 حزيران بين الساعة الخامسة عصراً والثامنة مساءً، وذلك عندما بدأ الصهاينة بقصف عشوائي للمخيم، واستهدف الملاجئ والمغاور بقصف مركّز.

وكان نصيب نادي الحولة أن يُدَّمر بالكامل بمن فيه من أطفال ونساء وشيوخ بواسطة الصواريخ والقنابل الفوسفورية الحارقة التي ظهرت آثارها على الجثث المدنيين المحترقة، ولم ينجُ يومها سوى ثلاث نساء؛ أم العز ولمعة وسعاد التي نجت من مجزرة الملجأ لتقتل في مجزرة صبرا وشاتيلا فيما بعد، أما الباقون فباتوا جثثاً محترقة ومتفحمة.

إحدى الناجيات من المجزرة، لمعة كليب، تروي قصتها قائلة: “كنت في الـ13 من العمر وقت حدوث المجزرة ونجوت بأعجوبة، كنت في زيارة لجدتي وحصل هناك قصف عنيف للمخيم، فتوجهنا إلى الملجأ للاختباء، وهناك حصل القصف على الملجأ وتعرض للقصف عدة مرات، وبعدها لم أعرف شيئاً، كل ما أتذكره أنني مشيت على جثث الموتى والجرحى الذين كانوا يصدرون أنيناً خافتاً، وعندما خرجت لم أميّز شيئاً. توجهت إلى مؤسسة  الإمام الصدر بجانب المخيم، وهناك أسعفني شابان، ولا تزال آثار للحروق في جسدي”.

الشهادة الثانية كانت لمحمد عبد الله الذي فقد زوجته وأطفاله الأربعة، واصفاً حرب الاجتياح بأسوأ الحروب، والوضع أشبه بـ”يوم القيامة”، حيث كل شخص يركض باتجاه مختلف يسأل عن أقربائه وأبنائه وسط القصف والدمار.

يتابع حديثه قائلاً: ركضت إلى النادي وكنت أول الواصلين. شاهدت الضحايا تسبح في دمائها. انتشلت ثلاثة من أولادي، ولم أعثر على الرابع ولا على جثمان زوجتي. نقلت أطفالي إلى مؤسسة جبل عامل وكانت الطرق مدمرة، ولم يكن يوجد وسائل إسعاف في المؤسسة، وما أن طلع الصباح حتى فارق أطفالي الحياة. دفنتهم في قبر جماعي داخل المخيم. 

أما مجزرة مغارة علي رميض “أبو خنجر” فلم ينج منها سوى شخصين هما غسان ووالدته التي سميت باسمه، وتحولت إلى قبر جماعي يسكنه 21 من الضحايا.

تحدث غسان واصفاً الأحداث غائصاً في التفصيلات، كأنما ذاكرتُه الغضّة ما تزال منذ ذلك اليوم فقال: “كنت في الـ13 من عمري حينها، عند القصف اختبأنا في ملجأ قرب دكان أبو رياض بالبداية، وعندما سمعنا أن الملاجئ عرضة للقصف انتقلنا إلى مغارة منزلنا، وما إن شاهدت الطائرات الإسرائيلية شخصاً يدخل المغارة حتى قصفتها فوراً، وهو ما أدى إلى انهيارها وإغلاق مدخلها”.

وأضاف: “بدأت أصرخ وأستغيث، حفرت وأخرجت ساقي من الأنقاض بصعوبة ثم أخرجت ساقي اليسرى، وحينها رأيت فتحة بين الصخور ينفذ منها ضوء خافت، فتصورت أن هناك دنيا أخرى تحت الأرض غير الدنيا التي نعيشها. حاولت أن أمشي وكانت أمي أمامي مغطاة بالتراب فحاولت إبعاد التراب عن صدرها قدر المستطاع، وعندما خرجت رأيت القصف والدمار والهلع كأنها يوم القيامة”.

يقول: “كان أول مشهد وقعت عيني عليه منوة أبو خروب ممدّدة على الشارع وكانت بعين واحدة فاجأها القصف في الشارع وكان يقودها رجل ضرير يدعى (سويد) فتركها ونجا بنفسه، وقد أصيبت بشظية أفقدتها البصر تماماً، ضرير يقود نصف ضريرة في زمن الحرب؛ مشهد سريالي لكنه إنساني وحميم للغاية”.

وأضاف غسان: عندما توقف القصف ترك أهالي المخيم الملاجئ، وتوجهوا نحو البساتين المجاورة، وفي هذه اللحظة شاهدت والدي قادماً، وسألني عن مصير أمي وإخوتي فلم أخبره بشيء، وذهبنا معًا إلى ملجأ قرب مسجد المخيم، وجاء عدد من أبناء المخيم يحملون المعاول وبدؤوا برفع الأنقاض، وأخرجوا أولاً أبو شهاب الذي توفي فيما بعد، ثم أخرجوا زوجة أخي الأكبر سالم (عيدة)، وحملوها إلى المستوصف. طلبت (عيدة) الماء فبللوا شفتيها فقط، ثم ما لبثت أن فارقت الحياة، ومن بعدها أخرجوا أمي ونقلناها إلى استراحة صور حيث كان مركز الصليب الأحمر هناك، ولا تزال تعاني جراء الإصابة حتى هذا اليوم.

أصبحت المغارة الآن داخل حوش بيت آل رميض، وبقي الضحايا يسكنون البيت بأجسادهم وأرواحهم التي ستبقى شاهداً أبديًّا على جريمة “أبطالها” معروفون، ولكن من يستطيع محاسبتهم أو حتى إدانتهم أو شجبهم.

لاجئ ت

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال ينفذ 17 عملية هدم في الضفة والقدس

الاحتلال ينفذ 17 عملية هدم في الضفة والقدس

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامنفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، 17 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب منزل...

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...