مدينة القدس ومدينة ماريوبول

“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، هكذا قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.
وبالعودة إلى عنوان المقال فقد يسأل سائل: ما العلاقة بين القدس الإسلامية العربية وماريوبول الأوكرانية؟
القدسُ مدينةٌ غنيةٌ عن التعريف، ومن لم يعرفها، فليراجع إيمانه، فهي في أبسط تعاريفها آية وردت في كتاب الله، ولها من القداسة ما يصعب حصره في مقال، أما مدينة ماريوبول مدينة أوكرانية سمع بها كثيرون -وأنا منهم- حينما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية فقط، وربما إن جاز القول إن للحروب فوائد فيكون منها معرفة أسماء المدن التي يقع فيها القتال.
ومؤخراً وقعت ماريوبول في قبضة القوات الروسية واكتشف فيها الروس مبنىً سريًّا تحت الأرض بعمق 30 مترا وطوابق متعددة وهو مقر سري لمنظمة حلف شمال الأطلسي لإنتاج الأسلحة البيولوجية ضمن نظام حماية عالية جداً.
فمدينة ماريوبول، وما إن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية حتى تداعى لها الغرب بكل قواه العسكرية والمالية والسياسية والأمنية والاقتصادية والإعلامية، وفرض عقوبات على روسيا لم نسمع بها سابقاً، وكأنه تجسيدٌ واقعيٌ وتطبيقٌ عمليٌ لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام، فهي منه وهو منها، وهذا التداعي لنجدة أوكرانيا؛ لكي لا يأكلها الدب الروسي وتصبح نسياً منسيًّا، وحتى لا يُقلّبُ الغرب كفيه ويقعد ملوماً محسوراً.
إن التداعي الغربي لنصرة أوكرانيا افتقدناه وما نزال نفتقده فيما يتعلق بالقدس، رغم أن القدس أكثر طهارة وقدسية وتئن من وطأة الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يقارب مئة عام ولم يحرك الغرب ساكناً لنصرتها إلا بالشعارات التي ما قتلت ذبابة ولا فجرت دبابة، بل التعيير عن القلق ومطالبة الطرفين بضبط النفس هو سيد التصريحات، وكأنهم يرددون ما قاله أبو طالب لأبرهة الحبشي حين ذهب يطلب منه إعادة إبله له، فقال قولته المشهورة التي ولدت السلبية عند كثيرين جدًّا: (أنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه).
أما الأنظمة العربية التي التزمت الصمت في الحرب الروسية الأوكرانية خوفاً وطمعاً فقد دعا أغلبها الله سراً بأن ينصر ربيبتهم أمريكا، فتداعى بعضهم جهراً في مدينة النقب الفلسطينية ليؤكدوا لأمريكا وإسرائيل (إنا معكم) فتشابكت أيديهم بأيدي الغزاة دون حياءٍ أو خجلٍ، وكأنها رسالة من أمريكا لروسيا بأن صمت الأنظمة العربية ليس حياداً، فالأنظمة العربية المهمة، وإن كانت لم تعلن موقفها صراحة فهي في الجيبة “الزغنونة”.
وأختم القول: في الوقت الذي تتعرض مدينة القدس لأبشع أنواع الظلم الصهيوني، يغفل العالم أعينه عنها، في حين يفتح أعينه على ما يحدث في أوكرانيا، وكأن الإنسان الفلسطيني لا يستحق الاهتمام كما الإنسان الأوكراني، وهذا يدفعنا للقول بضرورة العمل الجاد لسحب الثقة من مبادئ الغرب التي شبعنا منها نظريًّا، والإيمان المطلق بالمثل الشعبي “ما حك جلدك مثل ظفرك”، وأنه “لا يأتي من الغرب ما يسر القلب”.
فلسطين أون لاين
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

عائلات أسرى الاحتلال تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو
المركز الفلسطيني للإعلام طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، اليوم السبت، بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، محذرة من تصعيد القتال في القطاع كونه...

حماس تدين العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان
المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدوانَ الصهيوني الغاشم والمتواصل على الأراضي السورية واللبنانية، في تحدٍّ سافرٍ لكلّ...

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...