العمليات الأخيرة تحول جيش الاحتلال إلى شرطة

لسنواتٍ طويلة مضت، اعتقد المقدر الأمني الصهيوني أن الفعل الأمني المشترك بين أجهزة أمن العدو الصهيوني ووكلائهم في الضفة الغربية قد أنهك منظومة المقاومة الشعبية الفلسطينية بفصائلها المتنوعة، وأصبحت تحت السيطرة بفعل الضربات المتواصلة لعناصر المقاومة، ولأي إمكانية قد يتم من خلالها بناء أرضية ما للمقاومة في الضفة الغربية.
الإشكال كان في تجاوز التوصيات التي يتم تقديمها دائمًا من قبل المقدر الأمني الصهيوني، بضرورة إيجاد حل للصراع الفلسطيني الصهيوني الذي ما إن يهدأ حتى يشتعل بحريق غير متوقع -أو بالمجمل متوقع- كالسماح للمتطرفين بدخول المسجد الأقصى بحجة الزيارة العامة، وهي في حقيقتها تهويد للمسجد الأقصى بشكل متدرج باعتبار أن التدرج في مثل هذه الحالات ينجح بشكل عام.
وعليه، المستوى السياسي الصهيوني الذي يتلقى المعلومات الأمنية المجردة، بالإضافة إلى تحليلات ومقاربات لتلك المعلومات من قبل المستويات الأمنية المتعددة، لا يلقي لها بالًا، كون اليمين الصهيوني الحاكم يهتم بشكل الحكم وآلية السيطرة بعيدًا عن الكيفية التي تضمن ذلك.
المشكلة هنا هي التقدير الأمني الثنائي للأزمات الأمنية التي قد تقع وكيفية علاجها من جهة، ومن جهة أخرى الخطوات السياسية التي تعمل على عدم الوقوع في الأزمات كالتي نعيشها اليوم، وهذه الأخيرة يتم تهميشها دائمًا، فعلى مدار سنوات ماضية تم إطلاق العنان لأيادي المستوطنين المتطرفين في كل مناطق تواجدهم وبالأخص اقتحامات المسجد الأقصى والتمدد الاستيطاني في الضفة الغربية، عن طريق المشاريع الاستيطانية الحكومية، وبالتوازي معها نشاط جماعة فتية التلال الإرهابية، هذا عدا عن الحصار الأمني الضاغط على الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية تحديدًا، وفي الاستهدافات المتواصلة للفلسطينيين في الجنوب الفلسطيني كقطاع غزة، أو تهجير سكان القرى البدوية من بيوتهم وتركهم بلا مأوى أو مصير مجهول في منطقة صحراء النقب.
لتكون المفاجأة التي أربكت المشهد الأمني الصهيوني بخروج ظاهرة الذئاب المنفردة، وهم الفدائيون الذين ينفذون أفعال منفردة بطرق ووسائل مختلفة، دون أن يكونوا جزءًا من التشكيلات التنظيمية المعروفة على الساحة الفلسطينية، كون هذه التشكيلات التنظيمية بوسائلها المتعددة أصبحت ضمن روتين المتابعة الأمنية التي يسهل الكشف عنها ومتابعتها وإحباط فعالياتها من قبل المؤسسة الأمنية الصهيونية.
خلقت حالة الذئاب المنفردة عدة أشباح للمستوى الأمني الصهيوني، وعليه قامت الحكومة بنشر آلاف عناصر الجيش في المدن الصهيونية الكبرى في الداخل المحتل، كإطار أمني عددي مساند لقوات الشرطة والتي تعنى بالأمن الداخلي لجمهور الكيان الصهيوني، بالتزامن مع نشر كتائب عسكرية تتبع للجيش على جدار الفصل مع الضفة الغربية، وزيادة عدد الكتائب داخل الضفة الغربية بالإضافة إلى زيادة عددها في محيط قطاع غزة، كل ذلك لوقف سيل الهجمات ذات الأرضية المشتركة كونها أفعال فردية ذات أهداف جماعية.
المؤسسة الأمنية وبإقحامها للجيش في دور الشرطة عرضت نفسها للكثير من التساؤلات الجوهرية حول مدى فعالية الجهاز الأمني الصهيوني في مواجهة هكذا نوع من الحوادث الأمنية، بالإضافة إلى نجاعة استخدام الجيش كشرطي حارس للبيوت والتجمعات السكنية أو للأسواق والمناطق العامة في البلاد، مع تجربة سابقة تم فيها تحويل الجيش إلى شرطي تقود دائمًا إلى كسر القيمة المعنوية للجندي، بالإضافة إلى تشتيت الجيش من مهامه القتالية إلى مهام حراسة مدنية.
محصلة ذلك ستكون لاحقًا على الجبهات حينما يواجه الجيش الصهيوني قتالًا حقيقيًا أمام فصائل المقاومة في غزة “نموذجًا”، والتي أثبتت براعتها العملياتية الميدانية أمام الجيش ذو الطابع الشرطي اليوم.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أجبره الاحتلال على هدم منزله في العيسوية فجعل منه محرابا
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المقدسي محمود عبد عليان على هدم منزله في حي المدارس بقرية العيسوية بالقدس المحتلة...

المظاهرات تعمّ المدن المغربية للمطالبة برفع الحصار عن غزة
الرباط – المركز الفلسطيني للإعلام طالب آلاف المغاربة، الجمعة، وللأسبوع الـ74 على التوالي برفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات...

حماس: الاحتلال يسعى لكسر إرادة شعبنا بكل السبل وسط غياب الضمير العالمي
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد الرحمن شديد، الجمعة، إن قطاع غزة يواجه اليوم واحدة من أسوأ...

المقاومة تعلن تفجير جرافة وقنبلة برتل لآليات الاحتلال شرق غزة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " سرايا القدس" عن تفجير جرافة عسكرية إسرائيلية وقنبلة من مخلفات الاحتلال...

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...

ايرلندا تدعو “إسرائيل” لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت ايرلندا من استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، وأنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية منذ أكثر من ثمانية...

رغم تضييقات الاحتلال.. عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
القدس- المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها سلطة...