تكية المحكمة بغزة.. مبادرة مسجدية لإطعام الفقراء في رمضان

بعد أدائهم صلاة الظهر بمسجدهم، يبدأ فريق العمل التطوعي في تكية مسجد المحكمة، بتحضير الأواني والمعدات الخاصة بالطبخ للبدء في إعداد وجبة طعام جديدة لتقديمها لفقراء الحي قبيل حلول أذان المغرب في كل يوم على مدار أيام شهر رمضان المبارك.

تكية المحكمة هي مبادرة أطلقتها أسرة مسجد المحكمة القائم على الطرف الغربي لحي الشجاعية، والذي يعرف بأنه أحد أكبر أحياء قطاع غزة كثافةً بالسكان.

وتعمل التكية -كما يقول مندوبها عماد الخضري لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“- بجهودٍ ذاتية تطوعية بحتة، تقوم على مبدأ المساعدات النقدية والعينية من أهل الخير والتجار المحيطين بالمسجد من أجل تقديم وجبة طعام يومية لفقراء المنطقة.

ومنذ انطلاقها قبل أربع سنوات كانت التكية تتخذ مربعاً من الشارع المحاذي لمسجد المحكمة، من أجل الإعداد لعملية الطبخ، ولكن مع إعادة إعمار المسجد الذي دمرته الطائرات الحربية الصهيونية خلال عدوان عام 2014، اتخذت التكية زاوية محددة من المسجد لتكون مكاناً أفضل للطبخ وحفظ الأواني وغسلها وإعادة تنظيفها.

ولا يزال الطموح بأن تحصل التكية على مكانٍ أوسع وأكبر ومعدات أكثر من أجل تقديم خدمة الطعام لأكبر عدد من فقراء المنطقة، كما يقول القائمون عليها.

السنة الرابعة
ويؤكد الخضري أنّ التكية مستمرة في عملها للسنة الرابعة تواليًا؛ حيث يبدأ عملها من أول يوم في شهر رمضان وتمتد حتى آخر يوم فيه.

ويقدم الطعام للفقراء على شكل وجبات في أوانيهم الخاصة ولا يجرى تعبئتها في أوانٍ مخصصة.

ويشير مندوب التكية إلى أنّ أهالي المنطقة من الفقراء اعتادوا على التكية بوضوح في ظل استمرارها بتقديم خدماتها رغم كل الصعوبات والعراقيل التي تواجهها.

ويبين أنّه خلال اليوم الأول من شهر رمضان لهذا العام كان الفريق القائم على التكية لم يجهز بعد لإعداد الطعام بسبب عدم توفر الميزانية اللازمة، وهو ما عاد بشعور بالاستياء لدى الفقراء الذين لم يتوفر لهم الإفطار في أول أيام الشهر الفضيل.

ويؤكد المتحدث أنّ التكية تقدم خدمة الطعام لأكثر من 200 أسرة فلسطينية تسكن في حي الشجاعية.

وبين أنّهم يعلمون جيداً أنّ الكميات لا تكفي، بسبب الأعداد الكبيرة من الفقراء في الحي الأكثر اكتظاظاً بالسكان، والذين يعاني غالبيتهم من الفقر المدقع وقلة ذات اليد، وبسبب غلاء الأسعار على غالبية المواد الغذائية عامةً.

تطور وصعوبات
ويؤكد الخضري أنّ التكية منذ انطلاقها كانت تعتمد على طبخ الأكلات المختلفة بعيداً عن استخدام اللحوم فيها، لكنها مع تطور عملها ومحاولتها تقديم خدمة أفضل للفقراء أصبحت تعتمد طبخ الأكلات التي يتخللها لحم، فأصبحت غالبية الوجبات تعتمد على الأرز بأشكاله وأنواعه بالإضافة إلى اللحم، في غالبية أيام الشهر الفضيل.

ويشير إلى أنّ أسرًا بأكملها باتت تعتمد اعتماداً شبه يوميّ على وجبة الطعام التي تقدمها لهم التكية في سياق الأوضاع المعيشية الصعبة، وهو ما يضع فريق العمل العامل أمام تحديات صعبة بعدم حرمان أي أسرة محتاجة في المنطقة.

ويتحدث مندوب التكية أنّ التكية تقدم وجبة من الطعام للفريق العامل والذي يتكون من عشرة أشخاص تقديراً لجهودهم في هذا العمل التطوعي، ويضيف: “في حين كان هناك نقص في تقديم الوجبات للفقراء يتبرع عدد من أفراد الفريق بوجباتهم لتلك الأسر المحتاجة”.

ويؤكد الخضري أنّ التكية تواجه صعوبات كبيرة خاصة فيما يتعلق بموضوع الدعم المادي والمالي، مبيناً أنّهم بدؤوا العمل في رمضان لهذا العام رغم عدم وصول أي مساعدات إلا من متبرعٍ واحد، مبيناً أنهم قرروا الاستدانة من أجل عدم حرمان الفقراء في المنطقة والذين ينتظرون عمل التكية مع حلول الشهر الفضيل.

ويوضح أنّ فريق عمل التكية مصمم على استمرار عمل التكية لاعتماد فقراء المنطقة عليها، حتى لو كلفهم ذلك الدفع من جيوبهم الخاصة.

لكنه يأمل أن يكون هناك دعم ماديّ وعينيّ وماليّ ليس فقط من أجل استمرار التكية بل من أجل توسيع عملها وشمولها أكبر عدد من فقراء الحي.