السبت 29/يونيو/2024

وحدة الوعي والمصير وقود المقاومة الفلسطينية

وحدة الوعي والمصير وقود المقاومة الفلسطينية

من جوقة واحدة تعزف المقاومة الشعبية لحنًا فلسطينيًّا فوق رقعة فلسطين التاريخية حين يبدأ العزف في النقب ويتردد صداه في شمال فلسطين المحتلة رغم أنف الاحتلال. 

انتهاكات “إسرائيل” في برامج التهويد والاستيطان لم تصل بالصراع على الأرض والإنسان سوى لتأكيد قناعة الفلسطيني في كامل أماكن وجوده أن مصيره واحد وهويته فلسطينية.

ثمة رابط حيوي بين موجة المقاومة المتجددة في ساحات الضفة المحتلة وأرض 48 تتوجها حالة الوعي من مآلات انتهاكات “إسرائيل” العنصرية تجاه الفلسطيني وأرضه ومقدساته.

منذ أسابيع تحذر أجهزة أمن الاحتلال من تكرار عمليات المقاومة في الداخل المحتل والضفة والقدس؛ لكن شكل العمليات الفردية الواقعة غالباً لن تتغلب عليها “إسرائيل” إلا إذا ولجت لرأس كل فلسطيني اتخذ قراره من إرادته.

وحدة الوعي

صحيح أن شارة الإطلاق هذه المرة لم تبدأ من القدس، ولم يشعلها فتيل قذيفة من غزة ردًّا على تطور ميداني في الضفة، لكن الجبهات الفلسطينية الداخلية متفقة على غير ميعاد، ودون خطة، بضرورة الدفاع الواجب عن كرامة وحقوق الفلسطيني.

تكامل أدوار المقاومة في الجولة الحالية من الصراع لم تترجمها خطة معلنة أو سريّة، لكنها تقاطعت نحو عدوان احتلالي ينهش من حياتها اليومية وحقوقها الإنسانية في كل مكان.

ويقول محمد مصلح، الخبير في الشؤون الإسرائيلية: إن الرابط الأهم في تجدد عمليات المقاومة في عدة مناطق من فلسطين المحتلة هو رابط معنوي، وحالة وعي ضخت معركة سيف القدس الأكسجين النقي في رئتيها.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “معركة سيف القدس أوجدت حالة وعي أعادت الفلسطيني لطبيعة المعركة الحقيقية، في حين سياسات إسرائيل لم تفهم حتى الآن أن القدس خط أحمر يوحِّد الكل الفلسطيني”.

انتهاكات حكومات المستوطنين في “إسرائيل” التي تخنق الحياة الفلسطينية في غزة والضفة المحتلة وعرب 48، أوصدت الخيارات كافة أمام الحلول السياسية مع وجود تسوية متعثرة، وجعلت ظهر الفلسطيني للجدار.

ويقرأ اللواء يوسف شرقاوي، الخبير في الشؤون العسكرية، رابط العمل المقاوم في شتى مناطق فلسطين المحتلة من الجنوب إلى الشمال بأنه أحد تداعيات معركة سيف القدس 2021م التي جمعت بين غزة والضفة وأرض 48.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “وحدة الفلسطيني الآن تقهر العنصرية الإسرائيلية، وتتحلى بارتفاع وتيرة التحدي بين الاحتلال والشبان الفلسطينيين، وعمليات المقاومة تترجم ارتفاع عامل التحدي”.

تفهم “إسرائيل” أن العمل المنظم لا يظهر في موجة عمليات المقاومة دون أن تعترف أن المسببات والدوافع قائمة من ممارساتها العنصرية في النقب والضفة وغزة وأرض 48؛ لذا تراوح بين القمع والعجز.

حافز حيويّ

خاصرة “إسرائيل” الطريّة تكمن في جبهتها الداخلية الهشة التي تفهم أجهزتها الأمنية أنها عاجزة عن الصمود مع عودة المقاومة الشعبية والكفاح المسلح لشوارع المجتمع الإسرائيلي ومدنه وحافلاته.

تاريخيا، انتصرت الشعوب المحتلة وحركات التحرر على المستوطن والمحتل القادم من خلف البحار بأدوات مقاومة متواضعة لم تتفوق على قدرة المحتل العسكرية والأمنية المتقدمة.

ويشير الخبير مصلح إلى أن الكفاح المسلح يُعد عامل وحدة وإجماع بين أطياف الحركات والسياسات الفلسطينية كافة التي تؤمن بالمقاومة الشعبية والعمل المسلح إحدى أدواتها الفاعلة.

ويضيف: “القدس توحد وتحطم الأسوار كافة، والآن هناك وعي قومي وديني ينعكس على توزع علميات المقاومة فوق رقعة فلسطين التاريخية من الجنوب حتى الشمال دون تنسيق مسبق، فالجغرافيا توحد الصفّ”.

وتدرك “إسرائيل” عجزها عن مواجهة مقاومة عارمة إذا عمت فلسطين في مناطق مترامية، وهنا لن يُجدي التنسيق الأمني ولا القمم السياسية الأخيرة في صراع له أبعاد ترتبط بمشهد إقليمي ودولي دون شك.

ورغم انشغال “إسرائيل” في لقاءاتها السياسية والقمم الأخيرة بملف إيران، إلا أن فلسطين بكامل تطوراتها، حسب رؤية الخبير مصلح، تضع نفسها بقوة فوق الطاولة كأولوية لا يمكن تجاوزها.

ويرجح الخبير شرقاوي خيار التكامل في العمل المقاوم وسيلةً أفضل للتأثير على الاحتلال والتصدي لعدوانه لكن حالة الانسجام الفلسطينية الواقعة الآن في وحدة المصير والمعاناة من العنصرية تمنح المقاومة وقوداً كبيراً.

ويتابع: “تريد إسرائيل الوصول بالفلسطيني لحالة الإذعان لكن الشباب الفلسطيني محبط من السلطة الفلسطينية، ويعاني من عنصرية إسرائيل، لذا تهدف مقاومته إلى صيانة المستقبل”.

ولا يرجح المراقبون للمشهد الأمني والميداني الفلسطيني أن تهدأ المقاومة الشعبية والكفاح المسلح في الأيام المقبلة التي تقرب الفلسطينيين من شهر رمضان المبارك محطةً حيويةً سنويةً في تجدد موجة مقاومة مرتقبة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات