قلق إسرائيلي من عجز السلطة عن استعادة السيطرة على الخليل

في الوقت الذي تسعى فيه سلطات الاحتلال إلى وقف سلسلة العمليات الفلسطينية المسلحة، الفردية والمنظمة، التي تشهدها الضفة الغربية، فإنها تبدي قلقها من تراجع سيطرة السلطة الفلسطينية على عدد من المناطق بالضفة، لا سيما مدينة الخليل، التي تعدُّ أحد معاقل حماس القوية، وتشهد تدهورا في سيطرة السلطة، مع ظهور المجموعات المسلحة والنفوذ العشائري مع تراجع سطوة السلطة وأجهزتها الأمنية.
تتمثل المخاوف الإسرائيلية مما تشهده مدن الضفة الغربية من زيادة إطلاق نار في الشوارع، وداخل مراكز التسوق، وتصاعد مظاهرات ضد غلاء المعيشة، وتزايد الاحتجاجات ضد الفوضى التي تتسبب بها السلطة الفلسطينية، صحيح أنها تسعى لفرض سيطرتها من جديد فيها، لكن المدن الفلسطينية عموما، والخليل خصوصا لها قوانينها الخاصة.
دانا بن شمعون، الكاتبة في موقع “زمن إسرائيل”، ذكرت في مقالها أن “الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تراقب عن كثب جهود قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لوقف حالة الفوضى المستعرة في مدينة الخليل المضطربة، وأصبحت ساحة قتال في الأسابيع الأخيرة، من خلال تكثيف عمل كبار ضباط الأمن وهم: زياد هب الريح وزير الداخلية الجديد، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة، وزكريا صلاح من جهاز الاستخبارات العسكرية”.
وأضاف أن “التقارير التي تتلقاها أجهزة الأمن الإسرائيلية من الميدان تفيد بأن مدينة الخليل ما زالت تتغلب على السلطة الفلسطينية في طابعها القبلي والعشائري، فسكانها ينتمون لعشائر كبيرة، صحيح أن هناك مدنا أخرى في الضفة الغربية تشهد صراعات عشائرية، لكنها في الخليل أكثر ترسخًا وأقوى، وليس من السهل إيجاد حلول لها، مما يجعل القصة أكثر تعقيدًا، لأن التحقيقات الأمنية الإسرائيلية مع المعتقلين الفلسطينيين تكشف أن نفس العشيرة فيها عائلات تنتمي إلى فتح، وأخرى موالية لحماس، وثالثة لحزب التحرير، وهناك من يعملون لحسابهم الخاص وموالون لأنفسهم”.
تتحدث المحافل الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية أن تزامن هذه التوترات الداخلية في الضفة الغربية مع زيادة الحديث عن خلافة محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية، يزيد العبء الأمني على دولة الاحتلال، خاصة وأن النيران تشتعل في أكثر من موقع فلسطيني في وضح النهار، وفي وقت متزامن، وانتشرت مقاطع فيديو توثقها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يجعل من تبادل إطلاق النار داخل المجمعات التجارية تصعيدًا خطيرًا في معارك الشوارع الدائرة.
ذات التقديرات الإسرائيلية تزعم أن السلطة الفلسطينية تخاف ظاهريا من العشائر، ولذلك ربما امتنعت حتى الآن عن مواجهتها، ربما لأن العديد ممن يخدمون في قوات أمن عباس ينتمون أيضاً بالتوازي لهذه العائلات المتناحرة، بعضهم موال لعباس، وآخرون لجبريل الرجوب وشخصيات أخرى، وهذا يجعل من الصعب على السلطة الفلسطينية القضاء على هذه المظاهر، ولا يوجد أمامها عنوان واحد واضح للعمل ضده.
في الوقت ذاته، هناك من بين المسلحين المتسببين بفوضى السلاح في الضفة الغربية معارضون لعباس، وتمكنوا من إخراج الناس إلى الشوارع، وسرعان ما تحولت إلى مظاهرات ضد السلطة الفلسطينية، عبروا عن استياء الكثيرين من أدائها، ونسبوا إليها مزاعم الفساد، مما دفع قوات الأمن الفلسطينية للاختفاء من الشوارع خلال المظاهرات، مع أنها ذات القوات التي انتشرت على نطاق واسع في رام الله الصيف الماضي، وقمعت بالقوة احتجاجا اندلع على خلفية قتل الناشط السياسي نزار بنات.
تتبادل أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية تقديرات مفادها أن الوضع في مدن الضفة الغربية عموما، والخليل خصوصا، بات متفجرا، لأن منظومة العشيرة إشكالية وحساسة، ولا تترك لإسرائيل والسلطة الفلسطينية مساحة كبيرة للمناورة، ولذلك فهما تتفهمان الخطر، وتخشيان أن تؤدي المظاهرات والعنف المتزايد لدفع مزيد من الاحتجاجات ضد السلطة الفلسطينية، والقلق أن يمتد ما يجري في الخليل لأماكن أخرى في الضفة، وهنا يكمن الاختبار الكبير للسلطة الفلسطينية التي تخشى فقدان قواعد دعمها في جنين ونابلس والخليل.
يشار إلى أن هناك قناعة إسرائيلية مفادها أن قدرة أبو مازن على القضاء على الفوضى في الخليل محدودة، لأن أهلها يعدُّونه ضعيفا، ولا سيطرة له على ما يحدث، مما يطرح التساؤل الإسرائيلي حول إمكانية أن تلعب الخليل دور الدومينو، بحيث تنتقل أحداثها الأمنية إلى وسط الضفة الغربية وشمالها، رغم أن السلطة الفلسطينية لا تستبعد هذا السيناريو، لكن قدرة أبو مازن ستكون أكثر صعوبة، وبشكل مضاعف.
عربي21
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قاض أميركي يأمر بالإفراج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي
المركز الفلسطيني للإعلام أمر قاض فدرالي أميركي، اليوم الأربعاء، أمرا بالإفراج عن محسن مهداوي، الطالب الفلسطيني الذي اعتُقل هذا الشهر أثناء حضوره...

حماس تدعو إلى مواصلة الحراك العالمي تضامناً مع غزة وضدّ العدوان الصهيوني
المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى مواصلة الحراك الجماهيري العالمي،...

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...

حرائق كبيرة في إسرائيل والسلطة تعرض المساعدة
المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت حرائق كبيرة في كيان الاحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، وفشلت السلطات المحتلة في السيطرة عليه، في حين عرضت السلطة...

الاحتلال يصيب طفلاً في جنين وينصب بوابات حديدية جنوبي الأقصى
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل، اليوم الأربعاء، برصاص قوات جيش الاحتلال في جنين شمالي الضفة الغربية، فيما نصب الاحتلال حواجز عسكرية في...

أوكسفام وشبكة المنظمات الأهلية: مخازن المواد الغذائية نفدت تماما
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت منظمة "أوكسفام"، وشبكة المنظمات الأهلية في غزة تزايد الأوضاع الإنسانية في القطاع صعوبة بشكل كبير منذ 2 مارس/آذار...

إغلاق مدارس الأونروا في القدس يهدد حق 800 طفل بالتعليم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إغلاق سلطات الاحتلال مدارس المؤسسة الأممية في...