الأربعاء 26/يونيو/2024

المصالحة مجمّدة والسلطة تتلقى التعزيز.. المشهد الفلسطيني إلى أين؟

المصالحة مجمّدة والسلطة تتلقى التعزيز.. المشهد الفلسطيني إلى أين؟

عجلة المصالحة الفلسطينية متعثرة في حين حلقة الاتصالات واللقاءات بين قيادات السلطة الفلسطينية والاحتلال تدور خشية فقدان السلطة ما تبقى لها من فتات في المشهد الفلسطيني.

لقاء رئيس السلطة الفلسطينية مع وزير حرب الاحتلال “غانتس” ليس الأول، ولن يكون الأخير، ودائرة العمل من أجل ضخّ الأكسجين في رئتي السلطة يجرى بمعاونة أطراف عربية لنظم تفاصيل مشهد جديد.

من العام الماضي تجمّدت جميع جهود المصالحة الفلسطينية بعد إفشال محمود عباس الاتفاق مع حماس على إقامة انتخابات شاملة متوالية للمؤسسات الوطنية الفلسطينية، وذلك بإلغائه لها.

المصالحة الفلسطينية تعني شراكة وطنية، وهذا بعيد عن مهمات السلطة الفلسطينية المتمسكة بالتنسيق الأمني وامتيازات اقتصادية أضحت محل انتقاد فلسطيني شامل؛ لأنها تتخطى أولويات القضية في هذه المرحلة من الصراع.

قبل أسبوعين جرى اجتماع “عباس-غانتس” وسط استهجان فلسطيني من أجندة وتوقيت اللقاء، وقبل أيام التقى وزير خارجية الاحتلال “لابيد” مع رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج.

 يتصدّر المشهد السياسي برنامجان؛ الأول لحركة فتح صاحبة النفوذ الأكبر في السلطة الفلسطينية والمنظمة ونهجها يعتمد عملية التسوية، وحركة حماس الفائزة بأغلبية مقاعد التشريعي عام 2006 ونهجها المقاومة.

شراكة وخسارة

الحياة السياسية الفلسطينية معطّلة بعد انتهاء ولاية رئيس السلطة الفلسطينية، ومرور 17 عاماً على انتخابات المجلس التشريعي، وعدم تجديد شرعية المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية.

بقية فواعل المشهد الفلسطيني معظمها ليست على الحياد، وباتت مقتنعة بفشل وانحراف مشروع التسوية، وهي تقترب من فكرة المقاومة الشاملة لنظم العلاقة مع احتلال يتنكّر للحقوق الفلسطينية.

ويؤكد المحلل السياسي فايز أبو شمالة أن تغليب السلطة الفلسطينية التي تتزعمها فتح على إنجاح المصالحة هو حساب دمج معادلة الربح والخسارة لإنقاذ نفسها.

ويضيف لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “أي شراكة وطنية من بوابة المصالحة تعدّ تقييدًا لحرية القرار والتصرّف في السلطة الفلسطينية مع الاحتلال قد يقلل ويعطل من التنسيق الأمني وامتيازات اقتصادية لها”.

منذ سنوات تكرر دولة الاحتلال فكرة السلام الاقتصادي وهي تطرد الوفاء بالتزامات التسوية لكن السلطة الفلسطينية بزعامة فتح ناورت كثيراً، وهي تتمسك بآمال التسوية، وتعطّل ميلاد المصالحة.

ويقول المحلل “أبو شمالة”: إن ميلاد المصالحة الآن مستحيل ومنظمة التحرير تخشى أن تؤثر المصالحة على علاقاتها مع الاحتلال؛ لأن العلاقات الوطنية مفروض قيامها على شراكة قبل تنفيذ برنامج وطني بإجماع الكل.

 بلوغ قطار المصالحة محطة النجاة يلزمه تجديد الشرعيات للمؤسسات الوطنية وعام 2021م كادت المصالحة تجاوز مخاضها العسير بالاتفاق على انتخابات للمجلس الوطني والتشريعي والرئاسة بالتوالي، ولكن الجهود أُفشلت في الدقيقة الأخيرة.

ويرى محمد مصلح -الخبير في الشؤون الإسرائيلية- أن أجهزة أمن الاحتلال تناقش مؤخراً فكرة وضع “حماس” السلطة الوطنية في الخلف وهي تؤثر بازدياد على دورها المتراجع في الضفة المحتلة.

واندلعت شرارة عدوان مايو 2021م على غزة من القدس المحتلة التي تتعرض لهجمة تهويد واستيطان، فتصدّرت المشهد حالة غضب وتضامن فلسطينية شاملة على أرض فلسطين التاريخية شعارها المقاومة.

ويتابع المحلل مصلح لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “إسرائيل والسلطة تدركان أهمية تراجع دور السلطة وقوة منظمة التحرير الفلسطينية في التأثير على الرأي العام الفلسطيني، والسلطة تطلب من مصر بعد آخر لقاءاتها مع قيادتها كبح حماس والجهاد في الضفة”.

 تفرّد وإخفاق

على صفيح ساخن ترقد جبهة غزة المحاصرة وهي تتناغم ميدانياً وسياسياً بإجماع شعبي وفصائلي مع الانتفاضة الشعبية بالضفة التي لم تجد السلطة الفلسطينية موطئ قدم فيها.

قيادات الفصائل تكرر من سنوات دعوتها لإنجاح المصالحة وتخطّي كل العقبات؛ لكسر حالة احتكار قيادة السلطة الحالية للقرار الرسمي الفلسطيني، وتأسيس حياة سياسية فاعلة بتجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية.

 ويؤكد المحلل “أبو شمالة” أن التوجه الشعبي للفلسطينيين في الداخل والشتات بات معظمه رافضاً لموقف السلطة المعطّل للشراكة السياسية، في حين يتجه المشهد لحالة استقرار قد تكون غير مرضية لغالبية الفلسطينيين.

القناعة الشعبية تبدي ثقة أعلى بخيار المقاومة الشعبية الشاملة خيارا عمليا في التصدي للاحتلال، وهي تتحين الفرصة لتقول كلمتها من بعد انتخابات فلسطينية تتوّج اتفاق مصالحة طال انتظاره ولم يصل.

ويقول المحلل مصلح: إن السلطة و”إسرائيل” لديهما خشية جديّة من خروج المشهد عن السيطرة بعد فشل قمع الانتفاضة بالضفة وكبح مقاومة متعاظمة في عدة مدن خاصّة جنين.

تعاظم الغضب والمقاومة الشعبية الفلسطينية بالضفة مرتبط بمكان بموقف الفلسطيني في أرض 48 وفق متغيرات يرى المحلل “مصلح” أنها بدأت تظهر قبيل عدوان مايو 2021م، ويتجدد الآن بهبّة النقب المحتل.

السؤال المهم الآن هو: ما مستقبل السلطة؟ لأن الفراغ بالضفة قد تسده حماس في الوعي والمشهد الأمني والسياسي، وهذا جوهر لقاء “عباس-غانتس” الأخير.

ويقول المحلل “مصلح”: “تراجع السلطة التي لم تصل فيها فتح للمصالحة دفع “إسرائيل” لتقديم إغراءات اقتصادية محدودة، والموافقة على تصاريح لمّ الشمل، وربما يزداد تمويل أوروبي ودولي للسلطة لمنحها مزيدا من القوة والإسناد”.

الاحتلال وقيادة السلطة تبتعدان مؤخراً عن المصالحة التي غاب ذكرها وأصدقاء السلطة منشغلون بتعزيز مكانتها؛ لأنهم يتقاطعون في رفضهم تقاسم القرار الفلسطيني بين السلطة وحماس وفصائل أخرى.

الهروب بالكرة نحو دعم السلطة يأتي وفق معادلة إقصاء “حماس” من المعادلة الفلسطينية إلا إذا جنحت موافقة على شروط المجتمع الدولي، وميلاد مصلحة الآن لن يكون في ظل نظم معادلة أمنية وسياسية تريدها دولة الاحتلال دون حضور للمقاومة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال ينفذ 21 عملية هدم في الضفة والقدس

الاحتلال ينفذ 21 عملية هدم في الضفة والقدس

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامنفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، 21 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب منزل...