الخميس 01/مايو/2025

ماذا حققت زيارة مشعل للبنان؟

أحمد الحاج

بداية وقبل تقييم أية زيارة تقوم بها شخصية اعتبارية إلى لبنان لا بدّ وإدراك أن هذا البلد المنقسم حدّ التوتر الدائم، يُظهر انقسامه أكثر مع قدوم أي ضيف. كما أن الصراع الدولي والإقليمي مع أية زيارة، من خلال الصحافة المنقسمة أيضاً بانقسامات المنطقة والعالم. وليس الأمر جديداً، وإن بدا بعد عام 2005 أكثر حدّة بغياب الضابط الإقليمي واشتداد الصراع بين المحاور. وهنا تحضر عبارة جمال عبد الناصر “صحافة لبنان مرآة العالم” بالتوازي مع حضور كلمة رئيس الجمهورية الأسبق شارل الحلو (1964-1970) بجموع الصحافيين اللبنانيين “أهلاً وسهلاً ببلدكم الثاني لبنان”. 

من هذه الزاوية يمكن النظر إلى أي هجوم أو نقد متجاوِز لحدود اللياقة استهدف زيارة رئيس حركة (حماس) في الخارج خالد مشعل والوفد المرافق. لكن بالعموم استطاعت الحركة استيعاب هذا الهجوم، ولم تُستدرج إلى مستنقع سجالي يسجل نقاطاً في الخطابة على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني وحاجته إلى الاستقرار والتهدئة. وهذه نقطة جداً مهمة، وتُحسب لصالح (حماس).

النقطة الثانية تدخل في السياق العاطفي والوجداني، لكنها تنعكس على مجالات أخرى. فالفلسطينيون في لبنان يعيشون حالة شبه انكسار غير خافية، مستمرة ومتصلة منذ عام 1982، مع خروج معظم المقاتلين الفلسطينيين، وتتالي الاستهداف السياسي والأمني والاقتصادي للمخيمات والتجمعات الفلسطينية، والكل الفلسطيني في لبنان. لذلك فإن زيارة مسؤول فلسطيني بحجم خالد مشعل، بتاريخه، وتضحياته، تشكّل تعويضاً لهم، أو بعضاً من تعويض، عن مصاب ونزف. 

فحركة (حماس) يراها الفلسطينيون في لبنان، إضافة إلى دورها الأساس في المقاومة، تعويضاً عن اليتم السياسي الذي يعيشونه، وقد كانت معبّرة صرخة رجل مسن خلال زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية لمخيم عين الحلوة “أبو العبد إنت أبونا”، وقتها بكى هنية لأنه فهم المغزى. وزيارة مشعل أحد أهدافها إشعار الفلسطينيين في لبنان بأن (حماس) وكل الفلسطينيين في الداخل والخارج هم إلى جانبهم. وقد أتت زيارة مشعل متزامنة مع إطلاق الحركة لحملة “حماس حدّك.. يد تقاوم ويد تغيث”، والتي تشمل إغاثة آلاف الأسر الفلسطينية المحتاجة في لبنان. وهناك وعود جدية بتوسيعها.

قُبيل الزيارة انفجرت أحداث مخيم البرج الشمالي، التي كان يمكن أن تتوسع لتشمل 11 مخيماً آخر. وتشير المصادر إلى أن مشعل أصر حينها على الزيارة ليحقق هدف التهدئة المتوازي مع هدف تحقيق العدالة. فعمل على مسارات عديدة لتحقيق هدف التهدئة من خلال: 1- إشاعة خطاب رفض الاحتراب الداخلي وهو ما لاقى صدى في الشارع الفلسطيني الغاضب مما جرى 2- الاتصالات الميدانية لضبط الأمور 3- اللقاء بعوائل الشهداء و”جبر خاطرهم”. كل تلك المساعي استحقت الثناء العلني من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين، وغادر مشعل لبنان وقد ساد الهدوء المخيمات، بخلاف عندما أتى وكان التوتر مهيمناً.

هدف مهم حققته زيارة مشعل تمثّل بلقاءات عديدة عقدها مع المئات من قادة الحركة ومسؤوليها في لبنان، واطلاعه على التفاصيل الدقيقة لعمل الحركة في لبنان. صحيح أنه يلتقي بعدد من القادة بشكل دوري، لكن اللقاء في الميدان مختلف ولو نسبياً، خاصة عندما يكون مع عدد كبير. ولا يخفى كذلك لقاءات مشعل مع عدد من الوفود الجماهيرية والأهلية والحزبية والعلمائية في لبنان، ولا شك أن ذلك يُسهم في التعبئة العامة لصالح مشروع المقاومة في فلسطين.

قصارى القول إن زيارة رئيس حركة (حماس) في الخارج خالد مشعل إلى لبنان حققت معظم أهدافها بالحدّ الأدنى، وهو ما انعكس إيجاباً في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن المأمول أن ينعكس نتائج إيجابية أكثر في المستقبل القريب، حسبما يرى عارفون.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش، اليوم الخميس، أن 91% من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية"...