الأسعار.. ارتفاعات جنونية لمواطن مُنهك

يعيش الموظف الحكومي عادل شديد حالة من الذهول وهو يرقب الارتفاعات الجنونية المفاجئة للأسعار والتي لا تتناسب ومستويات الدخل، وقد تآكلت معها مدخولات الأسر المتوسطة والفقيرة.

يعدُّ شديد خلال حديثه لمراسلنا أن الارتفاعات الأخيرة ليست انتقالا من أسعار رخيصة إلى أخرى أعلى، لكنها قفزة كبيرة لأسعار هي مرتفعة في الأساس، ولم تعد تقتصر على الكماليات، بل طالت كل المواد؛ خاصة الأساسية منها.

وفي قفزات متلاحقة في الأسابيع الأخيرة ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 20% تقريبا والمركبات نحو 15%، والملابس والأحذية وغيرها.

يقول تاجر الملابس خليل زكارنة لمراسلنا: الارتفاعات كبيرة بسبب سلسلة التوريد وارتفاع تكاليف النقل التي تسببت بها الجائحة، مثلا قميص من الصين كان ثمنه علينا 25 شيقل، اليوم بـ45 مع حجز مسبق لفترة طويلة.

وأضاف: في النهاية كل شيء سيزيد سعره على المواطن المستهلك، وهذا تسبب بحالة من الركود، فالأسر أعادت ترتيب أولويات الصرف لديها.

يعد عزيز علاونة صاحب سوبر ماركت في حديثه لمراسلنا أن رسائل رفع الأسعار تصل تباعا، فالعدس ارتفع الكيلو من 4 إلى سبعة شيقل، كرتونة السكر بنحو 8 شيقل، والأرز والطحين والمعلبات والمحروقات وكل شيء بشكل مماثل ارتفع بنسب لا تقل عن 15 -20%.

لم يبق شيء لم يصله رفع الأسعار، وهذه ظاهرة شمولية لم يسبق أن مرت بهذه الطريقة، فحتى نقابة أصحاب صالونات الحلاقة أعلنت لائحة تسعيرة جديدة تشمل ارتفاعات كبيرة بنحو 30% على الأسعار، ومبرر ذلك أن المواد التي يستخدمها الحلاقون ارتفعت ارتفاعا حادًّا.

يشير الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم لمراسلنا إلى أن ارتفاع الطلب العالمي على السلع، وارتفاع تكاليف النقل، تسبب بارتفاعات كبيرة على المستوى العالمي في الأسعار التي يتحملها في النهاية المستهلك، حيث تشهد الدول مستويات مختلفة من التضخم الذي يؤدي لتآكل القيمة الشرائية للعملة.

ويعدُّ عبد الكريم أن مجتمعنا يعاني أكثر من غيره، سواء من حيث عدم وجود عملة وطنية، والارتباط مع الغلاف الجمركي الإسرائيلي وفق اتفاقية باريس الاقتصادية، وعدم وجود سياسات حمائية للسلع الأساسية من طرف الحكومة.

يرتبط الأمر بحالة من الغضب الشديد في صفوف المواطنين، فوفق المعلمة المتقاعدة نسرين عبيات لمراسلنا فإن المواطن الفلسطيني يدفع نحو 40% من دخله جمارك وضرائب، وهي من أعلى النسب في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

وتقول: لا تتحمل الحكومة أية تكاليف أو أعباء، هي فقط تضع حصتها من الضرائب والجمارك على أسعار السلع المستوردة ، بينما لا تشجع الإنتاج لأن عوائدها في الاستيراد أكثر، وفي المقابل لم يعد المواطن قادرا على تحمل هكذا ارتفاعات في الأسعار.