الجمعة 01/نوفمبر/2024

المدن المختلطة بالداخل.. هدوء مخادع تبدده عنصرية الاحتلال

المدن المختلطة بالداخل.. هدوء مخادع تبدده عنصرية الاحتلال

هذا هو الهدوء الخدّاع الذي تظلّل سحابته مدن فلسطين المختلطة بـ”اللد، يافا، حيفا، الرملة، عكا”، وتبدده ممارسات التفرقة العنصرية الإسرائيلية صباح مساء.

تشكل المدن الفلسطينية الخمس في أرض 48 حالةً فريدة من التعايش القسري بين فلسطيني يحافظ على هويته وسط مجتمع يهودي يزاحمه في حقوقه التاريخية والثقافية منذ سبعة عقود.

انفرط عقد الاستقرار بالمدن المختلطة في مايو الماضي عندما وجد الفلسطينيون هناك أنفسهم في بؤرة الصراع الذي بدأ يعود لأصوله التاريخية بين شعب فلسطيني ومحتل حاول تحريف الهوية مع مرور الزمن.

قبل أيام أعلن الاحتلال أنه بصدد تعزيز وجوده الأمني والعسكري بوحدات إضافية من جنود حرس الحدود لضبط مشهد المواجهة القادم بعد أحداث مايو الماضي.

حالة الاشتباك التي جرت بين الفلسطينيين بمدن فلسطين الخمس المختلطة تقلق أقطاب المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية حول مستقبل الوجود والتعايش الإسرائيلي هناك.

صراع وهوية

نجوم المشكلة سطعوا صراحةً في مايو الماضي بمدينة اللد المحتلة التي عاشت خمسة أيام من الاشتباكات بين العرب واليهود هناك سيطر عليها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن بعد طول عناء.

ليس عبثاً أن يواكب إعلان قيام الاحتلال عام 1948م تأسيس وسائل إعلام مسموعة ومرئية لاحقاً ناطقة بالعربية فتلك وصفة مهمة لاستهداف الثقافة العربية في فلسطين جميعها.

لا تجرى معاملة الفلسطيني من سكان المدن المختلطة كنظيره الإسرائيلي على صعيد المؤسسات البلدية والأمنية والعسكرية ما عزز من حالة الغضب الكامن بانتظار لحظة الانفجار.

ويؤكد ناجي البطة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الفلسطينيين والعرب في الداخل المحتل عام 1948م يعيشون في مدن أغلبيتها عربية مثل النقب والمثلث وأخرى مختلطة بين العرب واليهود مثل “اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا”.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “خطورة الصراع في المدن المختلطة هي في مكاشفة الصراع على خط المواجهة الأول مع الاحتلال. هناك يوحدهم المصير المشترك تحت إطار أقلية مضطهدة”.

ويعاني سكان المدن الفلسطينية المختلطة من تفرقة عنصرية واضطهاد يومي يتجلّى في حرمان الفلسطيني صاحب الأرض من إعادة بناء بيته أو الحصول على حقوق وامتيازات الحياة اليومية والمهنية التي يتمتع بها الإسرائيلي.

وصفة الاحتلال القديمة والمكررة في التعامل مع فلسطينيي المدن المختلطة لا تغادر فضاء ممارسات القمع والعدوان التي فسدت صلاحيتها بنجاح الفلسطيني في الحفاظ على هويته.

ويقول جمال عمرو، الخبير في شئون الاستيطان: إن ما يجري في المدن المختلطة كان ولا يزال ناراً تحت رماد تطفو على السطح متى اندلع فتيل المواجهة المرتقبة في كل وقت وموقع.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حاول الاحتلال غرس ثقافة متناقضة من خلال الإعلام والتعليم والثقافة ليؤسس لمستقبل قادم وفشل بينما لم تؤسس دول عربية فضائية واحدة تتحدث العبرية!”.

 كل شيء في شوارع يافا وحيفا رائحته عربية بدءًا من قهوة الصباح وشرفات المنازل العتيقة وصولاً لشباك الصيادين التي واظبت على ترديد الأهازيج الفلسطينية وهم يجنون رزق المساء.

ونشطت الاحتلال منذ نكبة فلسطين على تحريف الثقافة والهوية العربية بالمدن المختلطة بفرض لغته وقانونه على سكانها الأصليين، وأحاطت مستوطناته عن قصدٍ مدن الأغلبية المحتلة وحتى مدن الضفة والقدس لفرض واقع سياسي وثقافي.

اشتباك متكرر

خصوصية الفلسطيني في مدن فلسطين المختلطة تكمن في أن هويته فلسطينية ومعاناته في الحي والمدرسة والعمل إسرائيلية بامتياز، وما يختلف فيه عن غيره من الفلسطيني هو حالة اقتصادية منتعشة مؤقتًا.

تتلون مشاهد المعاناة في الحياة اليومية لمدن فلسطين المختلطة؛ فمن واقع الحرمان في ممارسة حقوق الحياة اليومية إلى إفساح المجال أمام الجريمة المنظمة يحيا مئات آلاف الفلسطينيين هناك.

ما وقع في حي الشيخ جراح مايو الماضي أعاد سكان المدن الخمس لبؤرة المواجهة داخل مجتمع مختلط استقوى فيه الاحتلال بدفع آلاف الجنود من وحدات حرس الحدود وهواتف رجال “الشاباك” لا تكف عن الرنين والمتابعة.

ويؤكد ناجي البطة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن ما وقع في المدن المختلطة خلال معركة سيف القدس يعد حدثاً استثنائياً من عام 1948م اعتقد الاحتلال فيه أن المجتمع العربي ضعف أمام التجمعات اليهودية.

وظهرت معالم الاحتجاج والاشتباكات في يافا قبل انتقالها لمدن الساحل المختلطة التي فتحت على الاحتلال جبهة واسعة عجز فيها عن قمع ما يجرى في كل زقاق عربي قبل أن يهرع ليسوّق ذريعة التعايش المشترك.

وفي مايو الماضي هاجم المستوطنون مسجد اللد الكبير، وأطلقوا الرصاص الحي على المصلين، وأعلن الاحتلال الإسرائيلي فرض حالة الطوارئ بالمدينة وحظر التجول في ليلاً.

ويضيف الخبير البطة: “اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال الاشتباكات لإدخال وحدات جيش جديدة لقمع المواجهات، وارتبك مشهد المجتمع، والآن يستعدون وينشط الشاباك بعد قراءته مؤشرات خطيرة تنذر بمواجهة قادمة”.

ونقلت وسائل الإعلام صوراً لاعتداء المستوطنين على مواطنين عرب قتلوا وأصابوا فيها العشرات قبل أن يستنفر المجتمع العربي بالمدن المختلطة للرد على عدوان المستوطنين المحميين ببنادق الجيش الإسرائيلي.

معظم من خرجوا لشوارع المواجهة من العرب ولدوا في زمن الاحتلال ويتحدثون العبرية بطلاقة، لكن مشاهد الاحتجاج والتصدي كانت صادمة للاحتلال بعد فشل فرض ثقافة الهزيمة وتحريف الهوية.

ويقول جمال عمرو، الخبير في شؤون الاستيطان: إن قوة الفلسطيني في المدن المختلطة تتجسد في وحدته خلف قيادة عربية تعبّر عن مطالبه وتتكلم في مقاعد “الكنيست”.

ويتابع: “الجمهور العربي عامةً وفي المدن المختلطة خاصّةً لديه قيادة بديلة وتمثيل برلماني ويمارسون إحياء مناسبات وطنية جماهيريًّا، ومستعدون دوماً للدفاع عن هويتهم كما وقع في مايو الماضي”.

وكان وزير الاحتلال “ليبرمان” عبّر مراراً عن خشيته من مستقبل الصراع في أرض 48 حين أكد رفضه منح الفلسطيني دولة في أرض 1967؛ مشيراً أن المستقبل سيحمل لهم دولة ثانية في أرض 48 التي يشكلون 21% من سكانها.

ورغم عودة الهدوء لمدن فلسطين المختلطة منذ أشهر إلا أن أجهزة الاحتلال الأمنية والعسكرية ماضية في ملاحقة كل من شارك في الاحتجاجات ومحاسبته بالسجن والغرامة لردعه مستقبلاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اعتقال المرابطة المقدسية سحر النتشة

اعتقال المرابطة المقدسية سحر النتشة

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الخميس، المرابطة المقدسية سحر النتشة من منزلها في بيت حنينا شمال القدس...

هكذا حاول الاحتلال تجنيد عملاءٍ له في غزة

هكذا حاول الاحتلال تجنيد عملاءٍ له في غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت منصة "المجد الأمني" التابعة للمقاومة في قطاع غزة، عن منصات مشبوهة جديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملت أسماء...