الإعمار وأسرى الاحتلال.. ملفّان انقطع رابطهما بفعل المقاومة

لم تنجح كل محاولات الاحتلال الصهيوني الأخيرة والتي أعقبت معركة “سيف القدس” بربط ملفي الأسرى والإعمار ببعضهما، ليعلن مؤخرًا عن تراجعه عن هذا الأمر ومنحِ قطاع غزة عددًا من التسهيلات بما فيها إدخال مواد الإعمار وتغيير آلية إدخال المواد التي كان معمولاً بها من قبل.
وخلال سبعة عشر عامًا من الحصار فشلت “إسرائيل” في ضرب حاضنة المقاومة الفلسطينية من جهة، وفي منع تطور قدراتها، وهو ما دفع الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة بينيت إلى اتخاذ سلسلة من القرارات كان أبرزها تخفيف حالة الحصار المفروض على القطاع، وبلورة مواقف ورؤى جديدة تجاه غزة.
تراجع الاحتلال
وقبل أيام، أفاد مصدر فلسطيني مطلع، أنّ “إسرائيل” انسحبت من شرط إنهاء موضوع صفقة تبادل الأسرى مقابل رفع القيود عن قطاع غزة وإعادة تأهيله.
ووفقاً للمصدر الذي نقلت عنه إحدى الصحف المحلية الفلسطينية، أنّ “حكومة الاحتلال تراجعت مؤخرًا، عن شرطها إنهاء ملف أسراها الأربعة المحتجزين لدى حركة (حماس) مقابل رفع الحصار والقيود التي فرضتها على قطاع غزة عشية عدوانها الأخير، والسماح بعملية الإعمار”.
وأضاف أن “الأيام الأخيرة شهدت رفعًا واسعًا وملموسًا للقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع، ومن أبرزها السماح بإدخال مواد البناء ومواد أخرى كان الاحتلال يمنع إدخالها للقطاع، وهو ما أدى إلى حالة الهدوء غير المسبوقة التي تشهدها حدود القطاع خلال الستة أيام الأخيرة”.
وأشار إلى أنه “رغم حالة الرضا النسبية لدى الفصائل عن التخفيف الأخير، إلا أنها تعدُّ أن هدفها الرئيس يتمثل في رفع كامل للحصار، ووقف كل الاعتداءات على الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، وصولاً لإنهاء الانقسام وإنهاء الاحتلال”.
وعزا المصدر ذاته استجابة “إسرائيل” وتراجعها عن شرطها، إلى “الضغوط الكبيرة التي مارستها الفصائل عبر الفعاليات المقاومة، بالإضافة إلى رسائل التهديد التي وصلته عبر الوسطاء”.
لا يمكن الربط
“ما فشل فيه نتنياهو لا يمكن أن يحققه بينيت” هذا ما ذهب إليه المحلل السياسي والأكاديمي إبراهيم حبيب، مبينًا أنّ الاحتلال بات يدرك أنّه لا يمكن للمقاومة أن تسمح بالربط بين ملفي الأسرى والإعمار بعد ثبات وتحدٍّ دامٍ أكثر من 16 عامًا من الحصار.
وأوضح حبيب لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” ما كان يريده بينيت هو الظهور بمظهر القوي الذي يمكن أن يقلب القواعد ويغير الأمور، لكنه في الحقيقة فشل بما فشل فيه نتنياهو على مدار سنواتٍ طويلة من الصراع.
وأضاف: “قضية الأسرى هي القضية الأولى للمقاومة، والطريق واضح ومعروف، وهو تنفيذ صفقة أسرى بمعايير محددة وواضحة”.
ويعزو المحلل السياسي، تراجع الاحتلال عن ربط فك الحصار والتسهيلات لقطاع غزة بملف الأسرى إلى قناعته بفشل الربط، وخاصة بعد تصعيد المقاومة على طول الحدود الشرقية للقطاع بالأدوات الخشنة، ما أربك حسابات حكومة الاحتلال لما يسببه هذا التصعيد من إرباك لسكان غلاف القطاع، فاضطر الوسيط المصري للتدخل خوفًا من تجدد المواجهة المسلحة مع الاحتلال، في وقت لا يريد الشارع الإسرائيلي الذهاب إلى معركة مع المقاومة في غزة.
وتوقع المحلل حبيب، أن الحراك في ملف أسرى الاحتلال لدى المقاومة الفلسطينية لا زال قائمًا، ويمكن أن يؤدي إلى إبرام صفقة قريبًا، وقال: “أعتقد أن حركة حماس قدمت خارطة طريق للصفقة وباتت الكرة الآن في ملعب الحكومة الصهيونية”.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ومسؤول ملف الأسرى بالحركة، زاهر جبارين، قال: إن حركته قدمت للوسطاء خارطة طريق واضحة لصفقة تبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن الكرة الآن في ملعب الاحتلال.
وأكد جبارين أن قيادة حماس تتابع موضوع الأسرى على مدار سنوات، ويولي الجناح العسكري للحركة ملف الأسرى اهتمامًا خاصًّا، مبينًا أنه على سُلّم أولويات الحركة وحاضر في اجتماعاتها، كما أن من أولوياتها أصحاب الأحكام العالية.
ونبه جبارين بأن الاحتلال حاول أكثر من مرة ربط ما يجري في غزة والتقدم في عملية الإعمار بملف أسراه في القطاع، مشددًا على أن حماس وقيادة المقاومة أفشلت ذلك بعد أن رفضته رفضًا قاطعًا، وأبلغت كل الوسطاء باستحالة ربط الملفين ببعضهما.
ضعف حكومة الاحتلال
المحلل السياسي مصطفى الصواف، نبه إلى حالة ضعف تعتري الحكومة الصهيونية بالأساس، وهناك قلق داخلي إسرائيلي من انهيار هذه الحكومة، مبينًا أن بينيت يحاول استدراك نفسه بمنع انهيار هذه الحكومة بشتى السبل، وبالتالي هو يذهب إلى تخفيف آثار الاحتقان مع قطاع غزة بالقدر الذي يمكن أن يطيل عمر حكومته.
ويضيف الصواف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ “كل محاولات الاحتلال فشلت حتى اليوم بالربط بين ملفي الإعمار والأسرى”، مبينًا أنّ المقاومة رفضت على مدار سنوات طويلة هذا الربط، ولا يمكن أن توافق عليه بأي حالٍ من الأحوال بعد هذه السنوات.
وما يتعلق بصفقة التبادل، يشير المحلل السياسي، إلى أنّ مفاوضات صفقة التبادل قائمة منذ سنوات، لكن الاحتلال لا يريد أن يتقدم بتنازل ولا يريد الاستجابة لمطالب المقاومة، ويتراجع في كل مرة، رغم وجود ضغوط أمريكية ومصرية لإتمام الصفقة، ولكنها غير مجدية.
وتحتفظ “حماس” بأربعة جنود صهاينة، منهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي) والآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

استشهاد الصحفي نور الدين عبده بقصف إسرائيلي على غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الصحفي نور الدين مطر عبده، صباح اليوم الأربعاء، جراء قصف إسرائيلي خلال تغطيته المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في...
مصر وقطر تؤكدان استمرار جهودهما في الوساطة بشأن غزة للوصول إلى التهدئة الشاملة
المركز الفلسطيني للإعلام أكدت جمهورية مصر العربية ودولة قطر، في بيان مشترك اليوم الأربعاء، استمرار وتنسيق جهودهما في ملف الوساطة من أجل التوصل إلى...

الهيئات الإسلامية في القدس: حفريات الاحتلال قرب الأقصى انتهاك صارخ وخطير
المركز الفلسطيني للإعلام استنكرت الهيئات الإسلامية في مدينة القدس في بيان أعمال الحفر والتوسعة التي أجرتها طواقم بلدية الاحتلال الإسرائيلي في "حوش...

شهيد بقصف الاحتلال مركبة بصيدا جنوب لبنان
المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني، صباح اليوم الأربعاء، في قصف طائرات الاحتلال الحربية، مركبة في مدنية صيدا جنوب لبنان. وأفادت الوكالة...

تفجير حقل ألغام .. القسام يوقع قوة صهيونية بين قتيل وجريح شرقي خانيونس
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الأربعاء، تفجير حقل ألغام في قوة صهيونية شرقي خانيونس، وإيقاعها...

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...