عاجل

السبت 22/يونيو/2024

نفق الحرية.. دعاية الاحتلال تتسلى بالوهم

نفق الحرية.. دعاية الاحتلال تتسلى بالوهم

تتسلى “إسرائيل” بالوهم حين تزين فشلها الأمني في انتزاع ستة أسرى فلسطينيين حريتهم رغماً عن كامل إجراءاتها الأمنية في سجن “جلبوع”.

منذ اللحظة الأولى لنجاح الأسرى في الفكاك من قضبان السجن، تمارس “إسرائيل” دعاية ممنهجة حاولت تغطية فشلها الذريع بتضخيم الواقعة، وتارةً أخرى بث روح الفرقة بين أبناء الشعب الفلسطيني.

وكررت المؤسسات الإعلامية “الإسرائيلية” دورها المعتاد في خدمة الرواية الأمنية المضللة التي وصفت ما وقع بأنه، خطّة محكمة لقي فيها الأسرى من ساعدهم في الخارج، لتبرير الفشل.

وسجن “جلبوع” شاهد على عدة محاولات لانتزاع الحرية أولها عام 1958م وأخرى عام 1991م ثم 2014م والتي استشهد فيها 11 مقاوما وقتل فيها جنديان إسرائيليان.

طوال أيام قلبت وحدات جيش الاحتلال “الإسرائيلي” وشرطته وجهازه الأمني “الشاباك” كل حجر في الداخل المحتل، وعلى مداخل الضفة الغربية، حتى عثرت على أربعة أسرى انقطعت بهم السبل.

وركزت دعاية الاحتلال على نشر صور للأسرى المعاد اعتقالهم في حالة انكسار؛ للنيل من ارتفاع المشهد المعنوي لآلاف الأسرى خلف القضبان، والشعب الفلسطيني في الخارج.


تضليل وتشوية

كل المساحيق في الدعاية “الإسرائيلية” لا تفي بإعادة ماء الوجه للمؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال، لكن المهمة الدعائية في التضليل والتشويه، وبث روح الفتنة حاضرة ومستمرة.

في كيان الاحتلال يناقشون باستفاضة منذ عدوان لبنان عام 2006م تراجع قوة الردع مع جيش ظهر للمرة الأولى أنه يُقهر في حرب أكتوبر عام 1973م.

يؤكد د. إبراهيم حبيب، المحلل السياسي، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية اعتمدت منذ اللحظة الأولى لانتزاع أسرى جلبوع حريتهم على تضخيم الحدث لتقليل الضرر المعنوي أمام “الإسرائيليين”.


د. إبراهيم حبيب

بعد إعادة اعتقال الأسرى الأربعة، تأكد متابعو وسائل الإعلام العبرية التي نشرت تفاصيل مضللة عن قصد، أن الرواية “الإسرائيلية” فارقت معظم الحقيقة في ملف “نفق الحرية”.

ويضيف المحلل حبيب لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حاولت إسرائيل تقليل ضرر معنوي وقع لصورتها الذهنية أمام شعبها بنشر رواية أن الفرار كان مرتبا له في الخارج لتهويل الأمر”.

الدعاية الإسرائيلية في تهويل نجاح حرية الأسرى، هدفها تبرير فشلها في حفظ أمن وإدارة سجن “جلبوع”، وقد حملت المكتب الهندسي مسئولية نشر مخطط المبنى مسبقاً، للتهرب من المسئولية.

استدراج ردود أفعال
يقول د. محمود العجرمي المحلل السياسي، إن الدعاية “الإسرائيلية” نشرت معلومات مضللة لاستدراج ردود أفعال فلسطينية لنيل تقاطعات تسعفها في الوصول لطرف خيط.


د.محمود عجرمي

وفشلت دعاية الاحتلال في كسب شيء من الفلسطينيين بجميع مستوياتهم، بل فشل إعلامها الجاهز دوماً لخدمة مؤسستها الأمنية في تقزيم فشلها الأمني، وتحوّل المشهد لحالة دعم شعبية جددت طرح معاناة الأسرى.

وأشار عدد من قادة المؤسسات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، على رأسهم رئيس الحكومة “بينيت” أن ما جرى في “جلبوع” إخفاق وترهل في السجون.

روح الفرقة

المخزون الاستراتيجي الفلسطيني في الصراع يقع في أراضي 48 التي يشكل سكانها من الفلسطينيين 21% من تعداد سكان كيان الاحتلال، يتعرضون لتفرقة عنصرية وجريمة منظمة.


أهالي الناصرة يحيّون الأسرى الأربعة

التقى الفلسطينيون في قضية أسرى جلبوع على وحدة الدم والقضية، وأضحوا أيقونة حريّة وبطولة تكلم بها الصغير والكبير، بدءًا من غزة والضفة، وحتى شمال الداخل المحتل.

وكعادتها حركت “إسرائيل” حجرها المفضل فوق رقعة الصراع من نافذة بثّ روح الفتنة والفرقة بين أبناء الضفة والداخل المحتل.

ويرى المحلل حبيب أن الدعاية “الإسرائيلية” التي اعتمدت التضليل فشلت، وأنها ركزت على استخدام أسلوب الحرب النفسية لترميم صورتها المتضررة بعد الفشل.

ويتابع: “صدَّرت فشلها بخطة ضرب النسيج الاجتماعي بين الفلسطينيين في غزة والضفة وعرب 48، زاعمة أن أفرادًا من فلسطينيي 48 ساهموا في إعادة اعتقال أربعة أسرى”.

الدعوة “الإسرائيلية” كانت مفتوحة لنيل جائزة لصاحب أي معلومة يدلي بها عن الأسرى خاصّة في الوسط العربي، وهو أمر مقصود يجري بنهج مضلل.

وكانت مدن الداخل المحتل شهدت خلال عدوان غزة مايو الماضي حالةً من الغضب بعد تصاعد العدوان على غزة وحي الشيخ جراح، الأمر الذي أوقف جيش الاحتلال وأمنه على ساق واحدة.

ويشير المحلل العجرمي، أن الشرطة والأمن الإسرائيلي دعا عرب 48 للإبلاغ عن مكان الأسرى، وذهب أبعد من ذلك حين أسند إعادة اعتقالهم لعائلة من الناصرة وَشَت بهم.

ويضيف: “ركز إعلام الاحتلال على عرب 48 العاملين في جهاز الشرطة والشاباك والجيش، وخاصّة من الدروز لضرب نسيج الفلسطينيين الاجتماعي”.

وتعددت ردود الفعل الفلسطينية التي كانت معظمها قد التقطت هدف الدعاية “الإسرائيلية” في بث الفتنة وتحولت لحالة اشتباك واحتجاج جماهيري داعمة لقضية الأسرى.

إعادة الاعتقال

رغم أن فوهة النفق الضيق الذي حفره أسرى جلبوع بأظافرهم، وسعت طريقهم للحرية، إلا أن ظروفا موضوعية وأمنية في الخارج لم تحتضن حريتهم، وأعاد الاحتلال اعتقالهم.

وكانت “إسرائيل” نشرت معلومات مضللة عن وجهة الأسرى، مشيرةً أن بعضهم وصل لحدود دول عربية بعد أن تفرقوا لثلاثة أقسام، بينما كانت تعمل أجهزتها لانتظار معلومة ذهبية قبل القبض عليهم.

الكاميرات “الإسرائيلية” في إعلام الاحتلال التي تعمل وفق وجهة المؤسسة الأمنية، حاولت تصدير الفشل وهي تنشر صور الأسرى مكبلين في حالة انكسار لخفض الروح المعنوية للفلسطيني.

ويؤكد المحلل حبيب أن خطاب “أبو عبيدة” الناطق باسم كتائب القسام الذي جاء بعد وقت قليل من إعادة اعتقال الأسرى الأربعة، نجح في مدّ نجاحهم بزخم معنوي، ووعدهم بأنهم على رأس أي صفقة حرية.

ويقلل المحلل العجرمي من صورة النجاح المزيفة التي حاولت “إسرائيل” الظهور بها وهي تعيد اعتقال الأسرى، فقد اعتقلوا في ظروف موضوعية وقد تحرك الأسرى في مناطق انقطع تواصلهم عنها لسنوات طوال.

إعادة اعتقال الأسرى الأربعة، وبقاء اثنين في الخارج، لا يبدد مفصل القضية في انتزاع 6 أسرى حريتهم وهم يخترقون كامل التحصينات في السجن بطريقة تجسيد المستحيل.



واستخدمت “إسرائيل” وحدات نخبتها في الشرطة والجيش مستعينة بكامل وسائلها التكنولوجية الحربية والأمنية من طائرات بدون طيار ومروحيات ومراقبة اتصالات حتى وصلت لأربعة منهم.

ويضيف المحلل العجرمي: “الإخفاق المتكرر في إسرائيل بملفات عدة تبعه سقوط قيادات سياسية كبيرة بدءًا من تشكيل اللجان ورحيل قيادات الفشل مثل ما وقع بعد حرب 1973م ولجنة فينوغراد 2006م وهكذا حتى عام 2018م”.

وغادر قادة حكومات ووزراء حلبة السياسة في العقدين الماضيين بعد فشلهم أمام إرادة الفلسطيني المقاوم بغزة والضفة في كل عدوان، أبرزهم “أولمرت” عام 2008م و”باراك” 2012م و “يعلون وجانتس” 2014م و”نتنياهو” 2018م.

وجاء دور “بينيت” الآن كرئيس حكومة يواجه تحدّيا متكررا بدأ قبل أيام بعد مقتل قناص “إسرائيلي” على حدود غزة، وتلاه نجاح أسرى “جلبوع”، وتراكم الفشل بانتظاره أمام تصاعد الإصرار الشعبي على نيل الحرية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يقتحم جنين والمقاومة تتصدى

الاحتلال يقتحم جنين والمقاومة تتصدى

جنين- المركز الفلسطيني للإعلام اقتحمت قواتُ الاحتلال الصهيوني - صباح السبت- مخيم جنين ومدينة قلقيلية، في الضفة الغربية المحتلة وسط إطلاق نار كثيفٍ...