مخيم غزة للاجئين في الأردن.. جحيم الصيف لا تبرده المراوح

إذا مررت ذات مساءٍ في فصل الصيف، بمخيم غزة للاجئين الفلسطينين، شمالي العاصمة الأردنية عمّان، فمن الطبيعي أن يشد انتباهك مشهد جلوس سكان المخيم في ممرات الشوارع الضيقة أمام منازلهم بعد العصر؛ هروبًا من حرارة الأجواء الخانقة.
“حليمة” وطفولة تتعلم بغرفة متهالكة
“حليمة” إحدى اللاجئات بالمخيم، من مواليد سنة 1959، ولم تعش من عمرها في مدينة جباليا سوى ثماني سنوات عندما كانت طفلة، التقينا بها أمام منزلها، واستقبلتنا بحفاوة بالغة كباقي أبناء المخيم، تقول لـ”قدس برس”: إنها “تضطر لتشغيل المروحة المعلقة بألواح الزينكو التي جعلتها سقفا لبيتها، والنوم تحت المروحة مباشرة، مع أنها لا تغني ولا تسمن شيئا”، على حد تعبيرها.
واستدركت بحمد الله على أحوالها “البائسة”، لافتة إلى أنها “تفر من حرارة منزلها إلى خارجه، وتفضل الجلوس في الظلام، على أن تشعل الضوء الوحيد في منزلها، كي لا تزيد فاتورة الكهرباء الباهظة حسب مقدرتها المتواضعة، فهي تكلفها 11 دولارًا شهريًّا”.
وفي مكان آخر من مخيم غزة؛ استضافنا شاب في منزله لتناول كأس من الشاي، فسمعنا صوتًا لمجموعة من الأطفال، كأنهم يتعلمون في غرفة صفية، وشرح لنا الشاب ما يجرى بقوله: إن “شقيقته الجامعية محرومة من الالتحاق بسلك التعليم، ومن باب التطوع تدرّسهم لتعوضهم عما فاتهم من دروس جراء التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا”.
وببراءتهم المعهودة، عبّر الأطفال الذي اجتمعوا في غرفة متهالكة عن معاناتهم من شدة الحر في فصل الصيف، وقالوا إنهم يواجهون حرارة الجو بتخفيف ملابسهم، ورش الماء عليهم من أهلهم، والغطس في البراميل أحيانا.
بين برد قارس وحرارة لاهبة
وتتواصل معاناة اللاجئين في مخيم غزة على مدار العام؛ فهم بين برد قارس شتاءً، وحرارة لاهبة صيفًا، وفق الناشط الاجتماعي سليمان أبو عمرة، أحد سكان المخيم.
ويعزو “أبو عمرة” ذلك، “لوقوع المخيم في منطقة منخفضة محاطة ببعض الجبال”، مشيرًا إلى ما تحدثه سقوف ألواح “الأسبست والزينكو” الحديدية من امتصاص لحرارة الشمس وتخزينها في كثير من المنازل، التي لا يقوى قاطنوها على استبدالها بسقوف من الباطون الإسمنتي، جراء البطالة والفقر الشديد.
ويضيف أبو عمرة لـ”قدس برس”، أن “منازل المخيم متلاصقة من حيث بناؤها، وبلا تهويات بين المنزل والآخر، ولضيق ذات اليد فإن الأُسر تزدحم، ما يزيد درجات الحرارة، حيث تقطن أكثر من أسرة في مساحة صغيرة توصف بالنمرة، مقدارها 96 مترًا مربعًا، فتأخذ شكل البناء العامودي”.
مشاحنات من الجلوس بالشوارع
من جهته، بيّن محمد الكردي -أحد سكان المخيم- أن “وسائل التبريد المتاحة تنحصر في المراوح الكهربائية، والنوم على الأسطح، لمن يعلو منزله سقف من الباطون، كما يحاول أبناء المخيم التبريد من خلال رش الماء على الأرض، وتغطيس أبنائهم في براميل وهم في ثيابهم، أو خلع ملابسهم في النهار”.
ونبّه الكردي في حديثه لـ”قدس برس” إلى أن جلوس قاطني المخيم في ممرات الشوارع وأبواب المنازل، يؤدي إلى حالة إزعاج كبيرة يوميًّا، بالإضافة إلى ما تتسبب به من مشكلات أخرى كالمشاحنات والمشاجرات بين الجيران، نتيجة الاحتكاك المستمر في ممرات الشوارع الضيقة.
وقال أحد سائقي السيارات الخاصة العاملة بالأجرة في المخيم: إننا “نعاني من الرطوبة المرتفعة والحرارة الشديدة، التي يزيدها انقطاع المياه، فهي تصلنا كل شهرين مرة واحدة، وتأتي بضخها ضعيفة، ما يضطرنا لشراء المياه من صهاريج لمرتين أو ثلاثة شهريا، والصهريج الواحد يكلفنا 20 دولارا”.
وأضاف السائق -الذي طلب من “قدس برس” عدم ذكر اسمه- أن “البطالة أساس كل حر وقهر في المخيم، فلو كنا نعمل لالتجأنا لشراء مكيفات، فأنا كنت أعمل مدرسًا بديلًا في مدارس وكالة أونروا لتشغيل اللاجئين، وتوقف عملي مع بداية جائحة كورونا، وأعمل حاليًّا على سيارة خاصة، إلا أن ما أحصله من ذلك لا يكفي لمتطلبات طعام أسرتي”.
ولفت إلى معاناة أبناء المخيم في الصيف، قائلا: “نستخدم المراوح التي تحرك الهواء الساخن في الغرفة، فتبقى الحرارة موجودة؛ ولا تقوم هذه المراوح إلا بعملية تجفيف العرق فقط”.
وأضاف أن “ارتفاع أسعار الكهرباء يمنعنا من تشغيل أكثر من مروحة؛ لأن الفاتورة تتضاعف”، متابعًا: “أما بالنسبة لكبار السن المصابين بأمراض مزمنة، فإننا نخفّض حرارة أجسادهم بالكمادات الباردة، فهذه هي الوسيلة المتاحة لدينا”.
مشكلات المخيم الرئيسة
وبحسب وثائق وكالة أنروا التابعة للأمم المتحدة؛ فإن مخيم جرش المعروف محليًّا بمخيم غزة، أنشئ كمخيم للطوارئ في عام 1968 بهدف إيواء 11500 لاجئ ونازح فلسطيني غادروا قطاع غزة نتيجة للحرب العربية مع الاحتلال الصهيوني عام 1967.
وتبلغ مساحة المخيم 0.75 كيلومترمربع، ويقع على بعد خمسة كيلومترات من الآثار الرومانية الشهيرة في مدينة جرش، ويقطنه أكثر من 23 ألف لاجئ، وفي بداية تأسيسه كان يتكون من 1500 خيمة، استبدلت لاحقا بمساكن جدرانها إسمنتية، وكثير منها بسقوف من ألواح الزنك والإسبست.
وتتركز مشكلات المخيم الرئيسة، بالاكتظاظ السكاني، والبطالة المرتفعة، والفقر الشديد، وحرمان قاطنيه من العمل في الأعمال التي تتطلب توفر رقم وطني أردني، فضلا عن عدم قدرتهم تسجيل على أي ممتلكات بأسمائهم، وبحسب أونروا فإن حوالي ثلاثة من كل أربعة مساكن لا تصلح للسكن بسبب مشكلات بنيوية، تتسبب ببعض الأمراض السرطانية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

استشهاد الشاب عمر أبو ليل برصاص الاحتلال عقب محاصرة منزل في مخيم بلاطة
نابلس- المركز الفلسطيني للإعلاماستشهد الشاب عمر أبو ليل، صباح اليوم الجمعة، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب محاصرة منزل في مخيم بلاطة شرق مدينة...

الصليب الأحمر: الاستجابة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار التام
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الاستجابة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار التام، جراء حرب الإبادة الجماعية التي...

الاحتلال يحاصر منزلا في مخيم بلاطة ويصعّد عدوانه شرق نابلس
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، منزلا على مدخل مخيم بلاطة، وذلك في سياق تصعيد عدوانها في...

عدوان إسرائيلي يستهدف سفينة أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قصفت طائرة إسرائيلية مسيرة الليلة الماضية، إحدى سفن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، قرب مالطا، مما أدى إلى اندلاع حريق...

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي - الجمعة- عدوانًا على سوريا، واستهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق، في تصعيد لسياسة...

استشهاد شاب برصاص الاحتلال في بيتا جنوب نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الشاب علاء شوكد أحمد اخضير، مساء اليوم الخميس، إثر إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدة...

القسام يعلن عن كمين محكم لقوات الاحتلال في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الخميس، مسؤوليتها عن تنفيذ عملية مركبة ضد قوات الاحتلال الصهيوني في...