الأحد 20/أكتوبر/2024

القاتل إسرائيلي.. والإطفائي السلطة برام الله!

القاتل إسرائيلي.. والإطفائي السلطة برام الله!

لا أحد يرفع حواجبه دهشةً من سلوك السلطة الفلسطينية وهي تعاون الاحتلال في تجاوز أزماته المتكررة؛ فالعلاقة بينهما تولي كل شيء اهتماماً سوى المزاج الشعبي الفلسطيني.

تجاهلاً للغضب الفلسطيني بعد ساعات من جريمة اغتيال جيش الاحتلال 4 شبان فلسطينيين في جنين، هرعت آليات السلطة الفلسطينية لإغاثة “إسرائيل” في إطفاء حريق جبال مدينة القدس المحتلة.

تمضي سياسة السلطة الفلسطينية في التنسيق الأمني والعلاقة مع مؤسسات حكومة الاحتلال،معاكسةً للمزاج والتوجه الشعبي والوطني الفلسطيني الذي يعاني صباح مساء من عدوان وتهويد الضفة والقدس المحتلة.

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية، قدمت شكرها للسلطة الفلسطينية لمشاركتها في إطفاء حرائق غابات مدينة القدس المحتلة، وقدم وزير الخارجية “يائير لابيد”، شكره للسلطة على تلك المشاركة.

ووافقت “إسرائيل” على عرض السلطة الفلسطينية بالمساعدة في إخماد حرائق جبال القدس المحتلة، قبل أن يشارك الدفاع المدني الفلسطيني بـ 4 فرق إطفاء (20 إطفائيا و4 سيارات إطفاء).

تحاول قيادة السلطة الفلسطينية الحفاظ على علاقة حسنة مع قيادة الاحتلال في ظل فشل مشروع التسوية المتعثّر من سنوات، وازدياد القناعة الجماهيرية باتخاذ أسلوب المقاومة الشعبية وسيلة وحيدة في محاولة استرداد الحقوق الفلسطينية.

إرضاء غير مبرر

منذ أسابيع، تنشط دبلوماسية وأمن الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية في عقد لقاءات مع قيادة السلطة الفلسطينية أملاً في إحياء عملية التسوية بعد إدراكهم خطورة تنامي خيار المقاومة الشعبية في مقارعة الاحتلال بغزة والضفة.

وتجري لقاءات على مستويات رفيعة بين السلطة والولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” يشارك فيها قادة أجهزة مخابرات، وممثلون عن وزارات الخارجية لإجهاض القناعة الشعبية بفشل مشروع السلطة المتهاوي.

ويؤكد مصطفى صواف، المحلل السياسي الفلسطيني، أن سلوك السلطة في معاونة الاحتلال بإطفاء حريق القدس بعد ساعات من قتل الاحتلال 4 فلسطينيين، لا يُعد سوى “عمالة” لا يستقيم مع المنطق أو الواقع.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “فجراً يقتل الاحتلال 4 فلسطينيين، وفي المساء تساعد السلطة الاحتلال في إطفاء الحريق، تناقض في الفكر والسياسة، والأولى أن يضع عباس موقفاً من إرهاب الاحتلال”.

الحرص الشديد من السلطة على كسب ودّ الاحتلال له ما يبرره؛ فهي لا تملك خيارات أخرى في التعامل مع الاحتلال استناداً لرؤية وطنية أو شعبية كفرت  بصدق الاحتلال وأسقطت هي إيمانها من دبلوماسيتها وسياستها.

تستحق جولة العدوان في مايو الماضي تأمل المشهد على مكث؛ فتزامن الحراك الشعبي في ساحات غزة والضفة والداخل المحتل، أثبت فقدان الشعب عامةً أمله في مشروع تسوية فشلت السلطة في تسويقه من ربع قرن.

ويرى د. تيسير محيسن، المحلل السياسي، أن سلوك السلطة في معاونة الاحتلال في ظل ارتكاب الاحتلال عدوانا بحق الفلسطينيين، ليس الأول، فهي تعمل من سنوات طويلة معاكسةً لثقة ومزاج الجمهور الفلسطيني.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حتى لو لم يتصاعد غضب الشعب من السلطة على سلوكها المتكرر، فهذا يزيد الفجوة في الموقف الشعبي والسياسي والأمني في الرؤية الفلسطينية منها”.

بدائل واقعية

الهدوء الخداع في مدن الضفة والقدس المحتلة فتيله قصير، فما تلبث حكومة الاحتلال إلا وتخترقه كل أسبوع بالإعلان عن مشاريع استيطان أو اقتحام لباحات الأقصى، وكثيراً ما تمارس الجريمة المنظمة باقتحام وقتل واعتقال في مدن الضفة.

الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية يفتقد عوامل القوة، فلا يحظى بدعم شعبي أو فصائلي، بل يعيش حالة انتكاسة بعد تعطيل الانتخابات الفلسطينية منذ أسابيع، ولم يجد له موطأ قدم في قناعة الجمهور الذي بدأ يؤمن أكثر بصدق المقاومة التي تَعِدُ وتفي.

ويشير المحلل الصواف، أن قيادة ومحافظ جنين التابع للسلطة الفلسطينية، كان على علم بعملية اقتحام البلدة التي أودت بحياة 4 فلسطينيين، وأنه سحب قواته لإفراغ ساحة المواجهة في مشهد تكرره السلطة منذ سنوات طويلة.

تعيش السلطة حالة فشل أمام الجمهور الفلسطيني، فقد أخفقت في مشروعها السياسي، وتعاني من أزمات اقتصادية، وتخضع في الوقت ذاته لمحاولة إنعاش من الإدارة الأمريكية و”إسرائيل”. كما يصف المحلل الصواف.

الحراك الشعبي المتصاعد في الأسابيع الماضية في جنين ونابلس والخليل والقدس، ونجاح أسلوب المقاومة الشعبية كما ضربت بلدة “بيتا” في جبل صبيح مثلاً، أثبتت أن الكف قد ينجح في معاندة المخرز، وأن الانفجار ساعته قريبة.

ويقول المحلل محيسن، إن السلطة وهي تعاون “إسرائيل” في حريق القدس، تحاول الاستمرار في إثبات ولائها لحليفتها “إسرائيل” وإنجاح علاقتها الأمنية حتى ولو على حساب الدم الفلسطيني.

ويتابع: “الفلسطيني يدافع عن شرف وطنه، والسلطة في وادٍ آخر، وأحياناً تظهر كطرف محايد، ومن استشهد قبل ساعات ليس فلسطينيا. هذه عقيدة أمنية ومنتج من مخابرات إسرائيل وأمريكا، وتعمل كوكيل”.

ويرجح مراقبون للمشهد الفلسطيني، أن يؤدي فشل السلطة في الحفاظ على القيم الوطنية، وإرضاء الاحتلال، في ظل تصاعد إيمان الجماهير بخيار المقاومة الشعبية؛ إلى تغيير في واقع الضفة، متى نضجت الإرادة وارتفعت عوامل التضحية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات