إنعاش التسوية لا ينجح سوى بدعم السلطة الفلسطينية

المسافات تتباعد عاماً بعد آخر مع مشروع “التسوية” الذي أخفق للعقد الثالث تواليًا بين السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي لم يجن تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية واستعادة حقوقه ولا تقدماً اقتصاديا يواري سوأة الإخفاق السياسي.
تعيش الضفة والقدس المحتلة عملية تهويد متصاعدة، ويحيا قطاع غزة تحت حصار وعدوان متواصل دفعت القناعة الشعبية نحو محاولة تصحيح المسار وتفعيل خيار المقاومة الشعبية في ساحات فلسطين التاريخية.
قبل أيام كشفت صحيفة عربية عن وثيقة سرية، لاتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة الأمريكية، والسلطة الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي، بعد زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية والإسرائيلية هادي عمرو للمنطقة.
الوثيقة وقعت منتصف تموز الماضي، وتذكر فرض الإدارة الأمريكية رقابة مشددة على وسائل الإعلام الفلسطينية، ومناهج التعليم، وتفعيل لجنة التحريض الثلاثية؛ الأمريكية الإسرائيلية الفلسطينية.
إنعاش السلطة الفلسطينية
الإدارة الأمريكية تحاول غرس حقنة تشجيع في وريد السلطة بعد فضحية اغتيال الناشط السياسي نزار بنات، وفشل عدوان الاحتلال الأخير، وتقارير مؤسسات حقوقية ودولية كشفت ارتكاب الاحتلال جرائم حرب وعدوان.
الحراك في ساحات الداخل الفلسطيني المحتلة عام 1948، قبل عدوان غزة وخلاله أشعل أضواءً حمراء حول مستقبل الصراع الذي يعود رويداً رويداً لمربعه الأول في إطار انسداد أفق “التسوية” خلال إدارة “ترمب” وحتى اللحظة الراهنة.
ويؤكد المحلل السياسي تيسير محيسن أن الوثيقة تتعلق عمومًا بمسار التسوية الذي أنتج مشروع السلطة وتبنى بناءها، والآن لا يزال حاضراً لدى الإدارة الامريكية والاحتلال.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “مشروع السلطة مهم، وجرى تنفيذ جزء كبير منه، ولا تزال هناك أدوار مرتقبة لتأديتها. السلطة نفذت كل دورها من أوسلو حتى الآن في العلاقة والواقع الأمني مع الاحتلال وضبط الاشتباك بالضفة”.
الدور الوظيفي الذي تؤديه السلطة في العلاقة مع الاحتلال يدفع الأطراف الراعية والداعمة لها مثل الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لضمان استمرارها وتعزيزها رغم إخفاقاتها وفشلها وارتباك علاقتها مع الفلسطينيين.
صدمت جرأة وقوة المقاومة بغزة دولة الاحتلال وأصدقاءها في العدوان الأخير وهي تتصدى لقصف مدنيين وأبراج سكنية وفتحت المقاومة الشعبية حالياً 250 نقطة اشتباك تصدياً للاستيطان والعدوان، وهبّ فلسطينيو الداخل لمواجهة عدوان عنصري متصاعد.
ويربط المحلل السياسي محمود العجرمي جوهر الوثيقة والحراك السياسي والدبلوماسي الجاري بتطورات جارية في الداخل الفلسطيني المحتل وغزة والضفة وملف إعمار غزة وتشديد حصارها مجدداً.
وكانت “إسرائيل” والسلطة ودول جوار مهمة في الصراع شهدت سلسلة زيارات ولقاءات سياسية وأمنية تقدمها وزير خارجية الولايات المتحدة “بلينكن” ورئيس المخابرات الأمريكية وشخصيات أخرى.
ويتابع المحلل العجرمي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يحاولون تفريغ انتصار المقاومة بعد العدوان الأخير وانكشاف ظهر السلطة خاصة في الضفة والقدس”.
قوية وآمنة
الموت السريري الذي أقعد عملية التسوية زاد من قناعة الشعب الفلسطيني بفعالية المقاومة الشعبية التي بدأت تأخذ ألواناً متجددة في غزة والضفة والقدس المحتلة بشكل يتزامن مع أفول نجم السلطة المتهاوية.
قبل أسابيع جرى تعطيل الانتخابات الفلسطينية، وتصاعد عدوان الاحتلال وممارساته العنصرية، وسخنت ساحات فلسطين التاريخية دفعة واحدة ما أعاد الاحتلال وحلفاءها لخيار إعادة إحياء السلطة وشرعتنها مجدداً.
الحديث عن لجنة مشتركة تكافح ما أسمته الوثيقة بالتحريض والتدخل في مناهج التعليم ورقابة مشددة على وسائل الإعلام هو محاولة لتحييد الضغط الشعبي والجماهيري للتأثير على مشروع سلطة فقد البوصلة ويؤدي مهمة وظيفية محددة.
ويرى المحلل محيسن أن السلطة تمضي بواقع تصوغه أجهزة مخابرات أمريكية وإسرائيلية، وفي أروقة السلطة تهمين قيادة أجهزتها الأمنية على قراراتها وتعمل للحفاظ على استقرار العلاقة مع الاحتلال بتنسيق أمني كامل.
ويتابع: “يحاولون تخليص الأجواء في الإعلام والتعليم من التعاطي مع إفرازات المقاومة، وفي ذلك يدخل تعاملهم مع أسر الشهداء والأسرى وملاحقة المؤسسات الخيرية لمحاصرة ثقافة وطنية متصاعدة وهدم إي إنجاز وطني تحقق”.
في زمن التطبيع العربي والرقابة على محتوى الإعلام والتعليم يحاولون صياغة وعيٍ يتقبل ويشرع وجود الاحتلال ،وهذا لن يجرى ولو بالحد الأدنى إلا بالترتيب من مؤسسات سياسية رسمية عربية وفلسطينية تتعاطى مع العقول قبل الميدان.
تتكرر منذ مدّة ليست قصيرة مسألة وصف دولة الاحتلال بدولة “أبارتهايد”، والحديث عن ممارسات عنصرية، وقد جرى ذلك على لسان دول ومؤسسات مهمة في المجتمع الدولي، وهذا يراكم تضرر صورة الاحتلال “الأخلاقية” في علاقاتها الدولية.
ويقول المحلل العجرمي: إن أنظمة عربية مطبّعة و”إسرائيل” وأمريكا تخشى غياب دور السلطة الفلسطينية وفقدان دورها الوظيفي، ما سينعكس حتماً على واقع الاحتلال والإشارة أن إدارة الديمقراطيين في البيت الأبيض مهتمة تاريخاً بـ”إسرائيل”.
بقاء دولة الاحتلال قوية وآمنة هو إستراتيجية أمريكية، والرئيس “بايدن” أمضى 40 عاماً في الكونجرس كان ولا يزال -حسب رؤية المحلل العجرمي- سنداً للاحتلال، وتربط حزبه علاقة وثيقة بالجالية ورأس المال اليهودي في أمريكا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...