20 عامًا على استشهاد الجمالين.. رفيقيْ المسيرة والشهادة
شعلتا جبل النار، والرائدان المؤسسان في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في مدينة نابلس، والقائدان اللذان أظهر إبعاد مرج الزهور معدنهما الأصيل، والمفكران والخطيبان المفوهان.. رفيقا المسيرة واللحظات الأخيرة.. إنهما الشهيدان جمال سليم وجمال منصور.
ويوافق الحادي والثلاثون من يوليو من كل عام ذكرى استشهاد الجمالين اللذين رسما الطريق نحو حرية فلسطين والمسجد الأقصى بالدم والشهادة.
الجمالان اللذان تمر اليوم الذكرى العشرون لاستشهادهما، ترجّلا بعد سنين من العطاء في مسيرة الحق والقوة والحرية، إثر قصف إسرائيلي لمركز للدراسات كانا فيه، فرسما جمال النهايات بالشهادة، كما رسما جمال البدايات بالبذل والتضحية.
جمال منصور
وُلد جمال منصور في مخيم بلاطة القريب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية في 25/2/1960، وعاش طفولته في منزل شيَّدته وكالة الغوث، وفي مدارسها أتمّ الابتدائية والإعدادية، ومنها إلى الثانوية، فالجامعية في جامعة النجاح حيث حصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة والعلوم الإدارية.
وبينما منعه الاحتلال من السفر إلى الخارج لإكمال تعليمه في الدراسات العليا “لأسباب أمنية”، تزوج عام 1996 وأنجب ثلاثة أطفال، وعمل محاسبًا في عدة وظائف حتى انتقل إلى العمل الإغاثي، فافتتح فرع نابلس للّجنة الإغاثة الإسلامية لإغاثة الأيتام والفقراء والمحتاجين، وكان مسؤولًا عنها.
كما أسس مكتب نابلس للصحافة والإعلام، ولكن الاحتلال أغلقه، فأسس مكتبًا للأبحاث أغلقته السلطة الفلسطينية بعد اعتقاله في العام 1997م، وكان آخر المؤسسات التي أسسها الشهيد جمال منصور هو المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام.
جيل التأسيس
انضم الشيخ جمال في وقت مبكر من حياته إلى جماعة الإخوان المسلمين؛ إذ يعدّ من جيل التأسيس في حركة حماس، وبرز دوره مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، فترأس الكتلة الإسلامية أوائل الثمانينيات في جامعة النجاح لثلاث دورات، كما أسس مع مجموعة من القيادات الطلابية إطارًا نقابيًّا على مستوى الوطن باسم الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين ومقره القدس.
لمع نجمه في وسائل الإعلام بعد إبعاده إلى جنوب لبنان عام 1992، ثم اختياره متحدثًا باسم حركة حماس في الضفة الغربية، فرئيسًا للوفد الذي ذهب للحوار مع السلطة الفلسطينية قبل اغتياله.
الاعتقال والإبعاد
اعتقل منصور خلال مدة دراسته وفي أثناء الانتفاضة الأولى أربع عشرة مرة، معظمها كان اعتقالًا إداريًّا، حيث اعتقل عام 1995م وخضع للتحقيق ثلاثة أشهر ونصفًا متواصلة في سجن عسقلان.
أُبعد إلى مرج الزهور جنوب لبنان مع عدد كبير من أبناء الحركة الإسلامية الذين كانوا معتقلين في سجون الاحتلال عام 1992م، وخلال مدة الإبعاد أصبح جمال منصور عضوًا في اللجنة القيادية للمبعدين، وترأس اللجنة الإعلامية ولجنة العلاقات العامة خلالها.
واعتقل لدى السلطة الفلسطينية خلال حملة شنتها السلطة في عام 1996، حيث أمضى في السجن ثلاثة أشهر، ثم أُطلق سراحه، إلى أن أُعيد اعتقاله هو وعدد كبير من أبناء الحركة عام 1997، وأمضى في سجون السلطة ثلاثة أعوام، ليطلق سراحه في العام 2000.
استطاع جمال منصور ومن خلال سجنه أن يطور نفسه ويكتشف طاقاته ومواهبه، حيث أبدع في الرسم، وهو أول من رسم شعار حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
وألّف جمال منصور العديد من المؤلفات، منها: كتاب التحول الديمقراطي الفلسطيني من وجهة نظر إسلامية، وكذلك كتاب أجنحة المكر الثلاث، وله العديد من المنشورات والدراسات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وكان بارعًا في الكتابة، وتعامل بكتابة التقارير والمقالات لعدد من الصحف والمجلات.
جمال سليم
وُلد جمال سليم في مدينة نابلس بالضفة المحتلة عام 1958، درس الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث، والثانوية في المدرسة الصلاحية في نابلس، ثم سافر إلى الأردن ملتحقًا بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة عام 1982م.
عاد إلى فلسطين ليعمل مدرسًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية الإسلامية في نابلس، كما حصل عام 1996 على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح الوطنية بنابلس.
التجربة السياسية
التحق جمال سليم بصفوف حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بعد تأسيسها عام 1987، واشتهر بخطاباته ومحاضراته في مسجد “معزوز” في مدينة نابلس.
وبعد أن اختير أمينًا لسر لجنة التوعية الإسلامية وأمينًا لسرّ رابطة علماء فلسطين في نابلس، وعلى خلفية انتمائه لحركة “حماس” أبعدته قوات الاحتلال إلى مرج الزهور في جنوب لبنان عام 1992، مع مئات من عناصر الحركة الإسلامية وقياداتها.
وحول تجربة الإبعاد يقول جمال سليم: “إن الإبعاد يمثل ملحمة بطولية صمودية حقيقية للذين مثلوا الشعب الفلسطيني، وأعطوا صورة للثبات والصبر والإيمان بحتمية العودة رغم صور العقلية الهمجية للصهيونية البشعة التي استهدفت تفريغ الأرض عبر سياساتها البائسة التي فشلت في إطفاء جذوة الانتفاضة”.
ترأس سليم العديد من اللجان والفعاليات، خاصة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/أيلول 2000، وكان من الأعضاء المؤسسين للجنة “التنسيق الفصائلي” في محافظة نابلس، التي كان من أهم أهدافها تنسيق المواقف بين المقاومة الفلسطينية بمختلف تياراتها في الميدان.
الفكر والمنهج
عدّ سليم أن قضية اللاجئين الفلسطينيين “لب الصراع العربي الصهيوني، وتجسيدًا لمأساة شعب دُمّر من قراه أكثر من 530 قرية”، وعدّها “أطول جريمة ضد الإنسان الفلسطيني، وقضية متوارثة لا تموت طالما بقي فلسطينيون يتوالدون ويتناسلون”.
وأصدر نشرتين بعنوان “هدى الإسلام”، و”من توجيهات الإسلام”، وكانت رسالة الماجستير التي قدمها بعنوان “أحكام الشهيد في الإسلام”.
كان الاسم -جمال- نقطة التقاء القائدين منصور وسليم، وكان العمل الوطني والانتماء للفكرة ذاتها وللمنهج ذاته نقطة التقائهما، فشكلا صورة نابلس جبل النار في ثوريتها وعنفوانها ومقاومتها، حتى سعى الاحتلال جاهدًا إلى اغتيالهما متوهمًا أن استشهادهما قد يوقف مسيرة المقاومة.
خطاب مودّع
ففي عرس الشهيد صلاح الدين دروزة الذي استشهد قبلهما بأيام، كان الخطاب ذا شجون في التأكيد على الثوابت والاستمرار في النهج وتجديد العهد على الوفاء، مستعرضين مناقب الشهيد أبي النور الذي خاض معهما في طريق المقاومة والجهاد سنوات طويلة.
تحدث القائد جمال سليم برسالة واضحة جلية: “نموت وتحيا القدس.. نموت ويحيا الأقصى”، أما القائد جمال منصور فشدد على أن رصيد الحركة من الأبطال يُعد بالآلاف، وذلك ردًّا على سياسة الاحتلال في اغتيال القادة والمجاهدين، وأن جرائم الكيان لن تمر دون رد.
كان الرد الصهيوني إليه أسبق، إذ كانت الكلمات الأخيرة وخطبة الوداع لكليهما، ففي يوم 31/7/2001م قصفت طائرات الاحتلال الصهيوني المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام؛ ما أدى إلى استشهاد الجمالين مع عدد من موظفي المركز، ليتوّجا بالشهادة حياة عامرة بالجهاد والمقاومة والتضحية سعيًا إلى تحرير الأرض والمقدسات
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
حماس: توسيع الاستيطان إعلان من حكومة الاحتلال بالمضي في السيطرة على الضفة
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن إقرار المجلس الوزاري الأمني الصهيوني قراراً بتوسيع الاستيطان في...
30 ألفاً من المصلين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام شارك الآلاف من المواطنين الفلسطينيين في أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، في ظل الإجراءات العسكرية...
المقاومة تفجر آليات وتتصدى للاحتلال في رفح وشرق غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت المقاومة بقيادة كتائب القسام، اليوم الجمعة التصدي لقوات الاحتلال الصهيوني في محاور التوغل في قطاع غزة، واستهدفت...
بمشاركة 200 شخصية وطنية.. انطلاق أعمال ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني الثاني بإسطنبول
إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت اليوم الجمعة 28-6-2024، أعمال ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني، الذي ينظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج...
البرغوثي: قرارات “الكابينيت” ضمٌّ للضفة وهي الأخطر منذ النكبة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حذر مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، من خطورة قرارات "الكابينيت" الإسرائيلي التي...
جيش الاحتلال يعترف بمقتل جندي في معارك جنوب غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقتل جندي في لواء الناحال في معركة جنوب قطاع غزة. وقال جيش الاحتلال في بيان، الجمعة،...
استشهاد مقاوم من طوباس متأثرا بإصابته قبل أيام
طوباس- المركز الفلسطيني للإعلاماستشهد المقاوم الشاب معاوية موفق عبدالله دراغمة من طوباس -الليلة الماضية- متأثرا بجراحه التي لأصيب بها إثر انفجار...