الجمعة 02/مايو/2025

مشعل في العربية.. إنه الحدث

أحمد الحاج علي

ظهور رئيس حركة (حماس) في الخارج خالد مشعل على شاشة قناة “العربية” ليس حدثاً إعلامياً مفصولاً عن بعده السياسي، بل تقع السياسة في جوهره، لأن القناة تعبّر عن وجهة نظر محور لا تخفي انتسابها إليه. كما أنها قناة لا تتصف إدارتها، تاريخياً، بالمرونة اللازمة، في استضافة من تصنّفهم بالبعد عن خطها السياسي، كما عُرفت بثقل خطواتها، والتضييق في سياستها التحريرية. هذه المقدّمة حول الشكل، لا تلغي حضور المضمون، وتوازنه.

إذاً، فإن المسار العام لقناة “العربية” منذ تأسيسها عام 2003 وحتى اليوم، يشير بوضوح إلى استحالة أن تقدِم على استضافة مشعل دون قرار سياسي عالي المستوى، خاصة وأن ممثل حركة (حماس) في السعودية، يقبع في السجن، وطيلة سنوات فشلت كل جهود الحركة لتحسين العلاقة التي تدهورت بشكل متسارع منذ عام 2013، رغم سياسة الحركة وتوجهاتها بالحفاظ على علاقات وازنة مع كل الدول العربية، وخصوصاً السعودية وما تمثّل.

ودون الخوض بالأسباب التي دفعت بهذا الاتجاه، وقد يكون من المبكر استشراف مستقبل هذا التحوّل، وإمكانيات نجاحه، لكن أهم هذه الأسباب والدوافع هو التعامل مع النتائج السياسية والشعبية لمعركة “سيف القدس”، وما أثبتته من حضور للمقاومة الفلسطينية و(حماس) في العالم العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع. وكان ظهور مشعل على شاشة “العربية” تأكيداً إضافياً أن حركة (حماس) لم تكن في يوم من الأيام رافضة للانفتاح على الدول العربية، وحريصة على استثمار علاقاتها لخدمة القضية الفلسطينية، وخدمة للتقارب العربي أيضاً.

ورغم حرص مشعل على الانفتاح، إلا أنه بعث برسالة واضحة، من خلال مضامين سياسية، بأن الانفتاح على أية دولة لن يكون في إطار المحاور، أو موجهاً إلى دول أخرى، ولن تتراجع (حماس) عن ثوابتها في قضايا المقاومة ورفض التطبيع، مطالباً بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السعودية. وحتى لا نرهق القارئ بذكر تلك المواقف المهمة، والتي تحتاج إلى قراءة مستقلة، فإنه من المفيد العودة للاستماع لتلك المقابلة.

كما قابلت (حماس) الخطوة المصرية بالانفتاح، كذلك من المتوقع أن تتلقف الخطوة السعودية، وكما قال مشعل خلال المقابلة “حماس لا تحصر انتماءها إلى محور بعينه في المنطقة والإقليم، وإنما ننفتح على جميع الدول، فنحن حركة مقاومة نضالية نحتاج إلى دعم الجميع. وكل ما تتمناه (حماس) هو الخير والأمن لأمتنا ووحدتها في مواجهة المشروع الصهيوني”. هو تحوّل في التعامل الإعلامي، وخطوة في السياسة، تنتظرها خطوات حتى لا تبدو وحيدة أو يتيمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات