هل تتحول المسيرات الغاضبة لاغتيال بنات إلى حراك شعبي؟

امتلأت شوارع الضفة الغربية، الأسبوع الماضي، بحشود شعبية غاضبة لمقتل الناشط نزار بنات، تخللها هتافات مطالبة برحيل السلطة الفلسطينية، وشهدت المسيرات اعتداء عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية على المتظاهرين، في مشهد لا يختلف عما شهدته الميادين العربية، فهل ستتحول المسيرات الغاضبة إلى حراك شعبي في وجه السلطة، أم ستبقى مجرد موجة غضب عابرة؟
واقع مختلف
الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة، يعتقد بوجود اختلاف بين واقع السلطة الفلسطينية وسلطة تحكم في دولة، من حيث السيادة والأولويات والأهداف العامة؛ “فسلطة فريق أوسلو في رام الله هي سلطة فاقدة للسيادة، ومحدودة الصلاحيات تحت الاحتلال، ومن المفترض (نظرياً) أن أولى أولوياتها حماية المواطن الفلسطيني والدفاع عن حقوقه في مواجهة الاحتلال حتى ينال الحرية والعودة وإقامة الدولة”.
ورأى الحيلة، خلال حديثه لـ”قدس برس”، أن السلطة تعاني من فقدان الشرعية الدستورية والنضالية، وأنها تحوّلت إلى عبء على الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد “شيوع الفساد والمحسوبية والشللية داخلها، وتبدّل سلم أولوياتها الوطنية من سلطة لإدارة شؤون الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال بهدف التحرر، إلى سلطة تحمي الاحتلال وتطارد وتعتقل المناضلين”.
وذهب إلى أن السلطة انتقلت من المربع الوطني إلى مربع الاحتلال وكيلًا أمنيًّا عنه؛ فربطت مصيرها بمصيره، وتابع: “هذا مؤشر على أن سلطة فريق أوسلو تؤسس لنهايتها، وأن الحراك ضدها سيستمر بشكل أو بآخر، وسيكون مصيرها كمصير العديد من السلطات المحلية التي قامت برعاية الاحتلال ودعمه، مهما طال الزمن”.
وأكد الحيلة أن الاتفاقيات السياسية بين سلطة فريق أوسلو والاحتلال انتهت منذ زمن بعيد، والسلطة في نظر الاحتلال باقية ببقاء التنسيق الأمني وتقديم الخدمات الأمنية للاحتلال، عبر اعتقال النشطاء وتعذيبهم وقتلهم كما حصل مع الناشط نزار بنات، إضافة إلى حماية الاستيطان والمستوطنين، وهذا ما تقوم به السلطة عملياً.
وأضاف: “مصير السلطة مرتبط بصراع الإرادة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال، فكلما توسّعت دائرة الاشتباك مع الاحتلال وأجهزة السلطة الأمنية، تراجع دور وحضور هذه السلطة لمصلحة القوى الوطنية المدافعة عن حق الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير، استناداً إلى الحقوق الوطنية التاريخية المعلومة بالضرورة”.
وحول إمكانية أن تتدخل “إسرائيل” عسكريا، في حال رأت أن الأمور تتفلت من يد السلطة، أوضح الحيلة أن الاحتلال الإسرائيلي ليس بحاجة إلى تدخل لمساعدة سلطة فريق أوسلو وأجهزتها الأمنية؛ “لأن هذا الأمر قائم فعلاً منذ سنوات، عبر تبادل المعلومات وتسهيل العمليات اللوجستية للسلطة وأجهزتها الأمنية، وتبادل الأدوار ضد الفلسطينيين والنشطاء السياسيين والمقاومة في عموم الضفة الغربية وقطاع غزة”.
وشدد الحيلة على ضرورة توسيع دائرة الاشتباك مع الاحتلال، كوسيلة لاسترداد الحقوق الوطنية، وكوسيلة لتقويض التنسيق الأمني وضربه في مقتل عبر إرباكه بإثارة الحميّة في صفوف منتسبي الأجهزة الأمنية لتصويب بوصلتهم الوطنية واستعادة دورهم النضالي ضد الاحتلال.
ولفت إلى أن ما سبق، “يحتاج إلى حملة وطنية سياسية اجتماعية ثقافية للتوعية تشارك فيها العائلات والعشائر، والنخب السياسية والثقافية، وعموم فصائل المقاومة”.
وأكد الحيلة أن حماية الفلسطيني ودوره النضالي حتى التحرير والعودة، يتطلب الإسراع في تشكيل مرجعية قيادية وطنية عليا، تضم من يرفض الاعتراف بالاحتلال، ويتمسّك بالحقوق الوطنية التاريخية، ويؤمن بالمقاومة الشاملة سبيلاً للحرية والعودة وإقامة الدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
وأشار إلى أن هذا الإطار مفتوح للجميع بمن فيهم حركة “فتح” التي عليها أن تستعيد دورها الوطني عبر النضال والثورة، بعد أن “تعلن صراحةً موقفها من فريق أوسلو وسلطته الأمنية، ومن ثم رفضها لاتفاقيات أوسلو المذلّة”.
يجب محاكمة المسؤولين
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون: إن المطلوب هو “أن يدفع مرتكبو هذه الجريمة والجرائم السياسية من إلغاء الانتخابات، وخذلان الشعب الفلسطيني في سيف القدس، والعمل عكس إرادة الوحدة الفلسطينية في سيف القدس، وأخيرا بجريمة قتل نزار بنات، ثمن هذه الجرائم، وإقالتهم ومحاكمتهم والتحقيق معهم”.
وأكد المدهون أن الشعب الفلسطيني “لن يمرر عملية قتل نزار بنات وإلغاء الانتخابات مرور الكرام، وأعتقد أن الواقع صعب جدا؛ فالسلطة لم تعد قادرة على مواكبة تطور الحالة الثورية الفلسطينية، ولا تطور النظام السياسي الفلسطيني الداخلي، ولهذا هي تكبح جماح أي تغيير”.
واستبعد أن تبادر “إسرائيل” بتدخل أمني وعسكري مباشر، “لكن قد يكون لها تدخلات غير مباشرة مثل حملة اعتقالات تطال أهم الناشطين وأهم الفاعلين في ذلك، وأن حكومة الاحتلال ستنتظر ماذا سيحدث، لأن أي تدخل عسكري منها مباشر أو أمني سيكون ضد السلطة، وستحشر السلطة مع الاحتلال في بوتقة واحدة ومباشرة”.
منبّها إلى أن التنسيق والعمل بين السلطة والاحتلال “يكون دائما بشكل غير مباشر وغير واضح، وبطرق خفية وبطرق بعيدة عن الإعلام والاستفزاز”.
ويعتقد المدهون أن هناك غرفة عمليات تجمع ضباط السلطة وضباط الاحتلال لتقدير الموقف والتعامل معه، وأنهم يحاولون دائما مساعدة السلطة غير مباشرة؛ إما بتقديم تسهيلات، أو اعتقال مجموعة من الناشطين أو تهديدهم بصورة أو بأخرى، أو بقطع الأوصال ومحاولة تكثيف الحواجز ما بين المدن وبين مناطق الاحتكاك، مستبعدا حدوث تدخل مباشر.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...