الداعية بلال الغرابلي.. خانيونس تبكي أسد منابرها

مع انطلاق التكبيرة الأولى لأذان عشاء أمس الجمعة، صعدت روح الشيخ بلال محمد غازي الغرابلي إلى بارئها، ليتصدر خبر وفاته مواقع التواصل الاجتماعي وتضجّ المجالس بذكر محاسنه ومناقبه.

رحيل الداعية بلال الغرابلي شكّل صدمة كبيرة للكثيرين من أهالي قطاع غزة، سيما أنّ معاناته مع مرض السرطان لم تدم أكثر من أربعة أشهر على الأكثر حتى ارتقى إلى الله بعد معاناة شديدة مع المرض رغم قصر مدته.

ويعد بلال الغرابلي أحد أبرز وجوه الدعوة الإسلامية المعروفين على مستوى قطاع غزة عامةً ومدينة خان يونس خاصةً، ويعد أبرز فرسان منابر الدعوة والجمعة وأئمة الجماعة في مساجد القطاع.

نشأة صالحة

ولد الشيخ الغرابلي (40 عاماً) لأسرة فلسطينية هُجرت من مدينة يافا المحتلة لتستقر عائلته وسط مدينة خان يونس، حيث ربّاه والدان بسيطان اكتسبا التعاليم الإسلامية بالفطرة من معينها الصافي القرآن الكريم والسنة المطهرة، لينجبوا أبناءً يكتسبون الصبغة الإسلامية الملتزمة بكل حب واقتدار.

ووفق مصادر لعائلة الغرابلي، فقد تميز بلال بأخلاقه الرفيعة وخلقه الدمث منذ نعومة أظفاره، وحمل همّ الدعوة والدين منذ سن باكرة، حتى تميز بين أقرانه وإخوانه بلحاقه بركب الدعوة والقرآن والجهاد أيضاً.

العمل الدعوي

عمل الشيخ بلال منذ التحاقه بالمدارس الابتدائية في حقل الدعوة الإسلامية ليكون صاحب بصمة واسعة في تعليم القرآن الكريم والسنة للآلاف من الشبان والرجال الذين تخرجوا من تحت يديه يحملون راية القرآن والجهاد، ويحفظون الأحاديث الصحيحة.

حتى إنّ أحدهم يرثى الشيخ بلال يقول: “رحم الله أول من علمني القرآن الكريم، وحفظني الفاتحة وعلمني الصلاة”.

واكتسب الشيخ الغرابلي شهرة واسعة في قطاع غزة لما يحمله من أسلوب مختلف في الدعوة والخطابة، وكان ذا صوتٍ هادرٍ يشد انتباه الحاضرين في خطب الجمعة بلا أي كلل أو ملل، حتى لقبه الكثير من الناس بـ”أسد المنابر”.

كما لم يتخلف الداعية بلال عن العمل الجهادي، فكان عاملاً بصفوف المجاهدين في كتائب القسام منذ سنوات ليس بالقليلة.

مرض الموت

لم يمضِ أكثر من ثلاثة أشهر على اكتشاف مرض السرطان في جسد الشيخ العابد الزاهد بلال الغرابلي، حتى إن عملية الاكتشاف كانت بمحض الصدفة.

ويقول شقيقه رزق الغرابلي: إن شقيقه الشيخ بلال كان معتلياً منبر الجمعة قبيل شهر رمضان الماضي بقليل، وما أن بدأ بالحمد والثناء على الله ورسوله حتى باغته ضيق نفس وجد معه صعوبة في الكلام، ولازمه طوال الخطبة حتى لاحظ الناس الأمر عليه، فما كان من أحد الأطباء الحاضرين للخطبة إلا وأبلغه عقب الصلاة مباشرة بضرورة التوجه الفوري للمستشفى، وكانت شكوك الناس من حوله تتحدث عن إمكانية إصابته بفيروس كورونا، إلا أن الطبيب قال له: لا تقلق توجه للمشفى، واعمل الفحوصات اللازمة فقط، فهذه ليست كورونا.

انطلق بلال للمشفى حتى بدأ الأطباء بإجراء الفحوصات اللازمة، حتى أخبروا أهله بالصدمة بأن سرطاناً أصاب الرئتين لديه، وأنه بحاجة لفحص طبيعة المرض ما إذا كان حميداً أو خبيثا.

مرت أيام حتى أكد الأطباء بكل أسف أنه من النوع “الخبيث” لتكون هذه بداية الإعلان عن تفشي المرض في جسده بين الرئتين والكبد والطحال، وما هي إلا أيام  قليلة كان الأطباء يتوقعون فيها وفاة الشيخ بلال في أي لحظة، بسبب الدرجة العالية من الخطورة التي وصل بها المرض في جسده، لكنه كان صابراً محتسباً، لا تكاد تسمع له همساً، والابتسامة لم تفارق محياه رغم نحول جسده وتساقط شعره بكامله.

ومن شدة خطورة المرض الذي وصفه الأطباء بأنه من النوع الأخطر على الإطلاق، لم يكن جسد الشيخ يستجيب للعلاج بأنواعه، حتى رحل إلى جوار ربه.

رثاء عريض

مئات المنشورات والصور التي ترثي الشيخ بلال تزينت بها مواقع التواصل الاجتماعي، حتى حزن عليه كل من عرفه ومن لم يعرفه، فقد رثاه المئات من النشطاء والدعاة لما يتمتع به من سمعة طيبة بين أهالي القطاع الذين لم يعرفه بعضهم إلا من خلال الرثاء العريض الذي حظي به بعد موته.