الإرباك الليلي.. أسلوب جديد قديم يربك المستوطنين

مئات الشبان يشاركون كل ليلة بفعاليات الإرباك من خلال 10 وحدات عاملة، تختص كل منها بوظيفة محددة.
فما إن يحلّ الظلام على بلدة بيتا، حتى تصدح مكبّرات الصوت في المساجد بآيات قرآنية، ثم تعلو تكبيرات وهتافات مئات الشبان من أبناء البلدة، وهم يقتربون من قمّة جبل صبيح، الذي أقام عليه المستوطنون، قبل أكثر من شهر، بؤرة استيطانية أطلقوا عليها اسم “أفتار”.
وفي فعاليات تحاكي تجربة “الإرباك الليلي” التي ابتكرها أهالي قطاع غزة، خلال المسيرات السلمية التي نظموها على حدود القطاع، قبل أعوام، يحاول الشبان في بلدة بيتا، إخافة المستوطنين وإرباك جنود الاحتلال الإسرائيلي، الذين يتولون حراسة المكان.
بؤرة أفيتار
وشيّد مستوطنون إسرائيليون البؤرة الاستيطانية “أفيتار”، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ أيار الماضي، الذي جاء عقب الهبّة الشعبية في الضفة الغربية والقدس.
وخلال الأسابيع الأخيرة استشهد 5 فلسطينيين، 4 منهم من بلدة بيتا، بينما أصيب العشرات غالبيتهم بالرصاص الحي خلال مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من القمع والإرهاب الذي يمارسه جنود الاحتلال، يقول الشبّان، إنهم لن يكلّوا ولن يملّوا حتى يتحرر “الجبل”، وتُزال البؤرة الاستيطانية.
ويعد الإرباك الليلي، أحد أبرز أساليب المقاومة الشعبية وأكثرها فاعلية، عرفه المستوطنون وجنود الاحتلال في السنوات الأخيرة فيما يعرف بمستوطنات غلاف غزة، لكنهم لم يعهدوه في الضفة الغربية المحتلة التي باتت مجالاً حيويًّا للمستوطنين.
وحدات متعددة
ومع وحدة الإرباك، تتفعل عدة وحدات في مقدمتها وحدة الكاوتشوك، ومهمتها جمع إطارات الكاوتشوك من القرى والمدن وتوزيعها على المحاور، ومتابعة اتجاه الرياح من أجل اختيار أنسب المواقع لتوجيه الدخان إلى البؤرة.
وتتولى وحدة المولوتوف استهداف جنود الاحتلال بقنابل المولوتوف، بينما تختص وحدة المقاليع برمي الحجارة باستخدام المقاليع، فيما تختص وحدة المفاجأة بابتداع شكل جديد من أشكال الإرباك كل ليلة.
ومع هبوط العتمة تزحف حشود المواطنين إلى النقطة الأقرب من الجبل، والذين يشعلون الإطارات المطّاطية، كما يحاولون الوصول إلى أعمدة الكهرباء لقطع التيار الكهربائي والإنارة عن المنطقة بأكملها.
ومن أساليب الإرباك الليلي كذلك، إغلاق الطرق الفرعية الموصلة إلى البؤرة الاستيطانية “أفتار”، إما بالحجارة الكبيرة، أو بالسواتر الترابية، أو بحفر تلك الطرق لإعاقة تقدم مركبات المستوطنين. كما يعمد الشبان إلى إطلاق الألعاب النارية وتسليط أضواء الليزر على البيوت الاستيطانية ليلاً.
وكانت الفصائل والأحزاب في بلدة بيتا وعموم محافظة نابلس، قد أصدرت بيانًا قبل أيام قالت فيه: إن “الفعاليات مستمرة حتى إزالة البؤرة الاستيطانية فعليًّا عن جبل صبيح حقيقية وعملا، لتشكيلها خطرًا كبيرًا على أراضي البلدة والبلدات المجاورة”.
وجاء في البيان: “أفيتار” تقع على أعلى تلة مرتفعة من أراضي البلدة، وقد تتحول إلى نقطة ربط بين المستوطنات، كما أنها تسيطر على قمة تلاقي بلدات قبلان ويتما وأوصرين وعقربا قضاء نابلس.
تنوع المقاومة
من جهته؛ علق الكاتب والمحلل السياسي صلاح الخواجا على عمليات الإرباك الليلي، بأنها تأتي في إطار التنوع في أشكال الكفاح والنضال والمقاومة الشعبية.
وأوضح الخواجا في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن نجاح أي حركة شعبية يحتاج إلى ثلاثة عناصر، أولاً: الاستمرارية، وثانيًا: التنوع، وثالثًا: الاعتماد على الذات.
وأشار إلى ضرورة تنوع أشكال المقاومة الشعبية حتى لا يعتاد المحتل على شكل ونمط واحد، وأن نخرج من دائرة الاحتجاج إلى دائرة المواجهة.
وأكد الخواجا أن قرية بيتا أبدعت في أشكال المقاومة الشعبية، والتي آخرها عمليات الإرباك الليلي التي استنسختها من قطاع غزة، لافتًا إلى ضرورة تصاعد أشكال المقاومة الشعبية كافة.
ولفت إلى أن عمليات الإرباك من شأنها إزعاج المستوطنين وجنود الاحتلال، وبث الرعب فيهم، مشيرًا إلى أن هذه المقاومة تجعل المستوطنات غير آمنة وغير مستقرة.
وثمن الخواجا التفاعل العالي من المواطنين والعائلات في المسيرات، عادًّا أن “إسرائيل” تريد أن تُدفِّع الفلسطينيين الثمن عاليًا بارتقاء مزيد من الشهداء والجرحى.
وأشار إلى أن المسيرات والمقاومة الشعبية في الضفة الغربية، أكثر فعالية من الفعاليات التي كانت على حدود قطاع غزة، مرجعاً السبب إلى قدرة الشبان والمواطنين الوصول لجنود الاحتلال والمستوطنين مباشرة.
نموذج للمقاومة الشعبية
وكان مدير مكتب هيئة الجدار والاستيطان في الشمال مراد شتيوي، أكد أن بلدة بيتا شكلت نموذجًا متقدما في المقاومة الشعبية، واخترعت أسلوبًا جديدًا في المواجهة عن طريق الاستمرارية على مدار 24 ساعة، وهو أسلوب مختلف عن المسيرات الأسبوعية المنظمة.
وقال: “إن هذا النموذج سيسجل في قاموس النضال الوطني الفلسطيني، ويمكن البناء عليه واستغلاله في مناطق أخرى كأسلوب مقاومة ناجع، فالمعروف أن المقاومة الشعبية تبنى على استراتيجية تجعل الاحتلال يستنفد كل طاقاته في تأمين الحماية لهؤلاء المستوطنين”.
وتشهد بلدة بيت دجن مسيرات أسبوعية، منذ أكتوبر العام الماضي؛ احتجاجا على إقامة بؤرة استيطانية في المنطقة الشمالية الشرقية من أراضي البلدة، استشهد خلالها المواطن عاطف حنايشة، وأصيب العشرات من المواطنين برصاص الاحتلال.
وتُقدر مساحة جبل “صَبيح” بـ 840 دونمًا، وهو لفلسطينيين من بلدات “بيتا”، و”قبلان”، و”يتما”، جنوبي نابلس، ويسيطر المستوطنون على نحو 20 دونمًا من أراضيه.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

استشهاد شاب برصاص الاحتلال في بيتا جنوب نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الشاب علاء شوكد أحمد اخضير، مساء اليوم الخميس، إثر إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدة...

القسام يعلن عن كمين محكم لقوات الاحتلال في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الخميس، مسؤوليتها عن تنفيذ عملية مركبة ضد قوات الاحتلال الصهيوني في...

مجزرة هدم جديدة.. الاحتلال يخطر بهدم أكثر من 100 مبنى في مخيمي طولكرم ونورشمس
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام أخطر جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، بهدم عشرات المنازل في مخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم بالضفة الغربية...

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش، اليوم الخميس، أن 91% من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية"...

مستوطنون ينصبون خياماً استيطانية جديدة على أراضي سنجل شمال رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامأقام المستوطنون اليوم الخميس، خيمة استيطانية جديدة على أراضي المواطنين في بلدة سنجل شمال رام الله. وقال أهالي...

تحذير من قتل ممنهج يتعرض له الأسير حسن سلامة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذر مكتب إعلام الأسرى من تعرض الأسير القيادي في حركة حماس حسن سلامة لتعذيب ممنهج في سجن مجدو الإسرائيلي، بهدف القتل....

3 شهداء بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد ثلاث أشخاص، اليوم الخميس، في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان. وأفادت وكالة...