السبت 19/أكتوبر/2024

على طريقة غزة.. بيتا تكافح الاستيطان والعدوان

على طريقة غزة.. بيتا تكافح الاستيطان والعدوان

على طريقة غزة في فعاليات الإرباك الليلي، يواجه أهالي بلدة بيتا في نابلس شمال الضفة المحتلة، البؤرة الاستيطانية “افيتار”، مكرسين حالة مقاومة شعبية استثنائية في مواجهة المحتل ومستوطنيه.

ومنذ أعوام طويلة لم تتوقف بلدة “بيتا” عن مجابهة الاحتلال ومستوطنيه بجميع أشكال النضال والمقاومة، فلا يترك أهلها فرصة يتمكنون فيها من طرد المستوطنين عن بلدتهم إلّا واستثمروها وحولوها لمعركة ضارية تهدأ حيناً وتشتد أحياناً.

غير أن حراك أهالي البلدة في الأيام الماضية، استلهم تجربة غزة في الإرباك الليلي، بأدواته المختلفة ليفقد المستوطنين حالة الأمان التي عاشوها بعض الوقت.

وسميت “بيتا” بهذا الاسم؛ لأنها كانت توفر مبيتاً للتجار والمارّين من جبل صبيح، وتوصف بأنّها مكان آمن للمبيت للجميع وخاصة قمة جبل صبيح.

يقول بعض أهلها لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ بعض سكان القرى والبلدات المجاورة كانوا يهرعون إليها لأخذ السكن والاستقرار بسبب حالة الأمن والأمان التي كانت فيها.

وتنقسم القرية إلى جزأين؛ يسمى الأول بيتا الفوقا ويشمل ثلثي السكان، والثاني بيتا التحتا ويشمل الثلث المتبقي من السكان.

وحسب إحصاءات منتصف عام 2017؛ كان عدد السكان في بيتا 11682 نسمة، وتشكل مجموعة السكان في قرية بيتا خمس حمائل يتفرع منها 30 عائلة.

وتتشكل القرية من مرتفعات جبلية يتخللها عدد من الأودية، التي تتجه في مجراها من الشرق إلى الغرب، وتُعد من أهم الأماكن العالية في فلسطين ومدينة نابلس، والتي يقارب ارتفاعها ما بين 550 – 950 مترًا فوق سطح البحر، في حين تبلغ مساحة أراضيها كاملة 22000 دونم.

الإرباك يواجه افيتار

وأعاد قطعان المستوطنين مطلع مايو/أيار الماضي إقامة بؤرة استيطانية أطلقوا عليها “أفيتار” على قمة الجبل، وهو الأمر الذي أثار غضب الأهالي الذين فعّلوا تظاهراتهم ومقاومتهم الشعبية لاقتلاع البؤرة المقامة على قمة الجبل المشرف على الطريق الرئيس بين نابلس ورام الله.

ووفق مصادر محلية؛ أقام المستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال نحو 30 بيتاً فوق الجليل، ليتحول المكان إلى نقطة ساخنة للمواجهة بين الشباب الثائر في الضفة والاحتلال ومستوطنيه.

وفي الوقت الذي دأب فيه الأهالي على تنظيم مسيرات مندّدة بالاستيطان وانتهاكات المستوطنين، استلهم أهالي بيتا فكرة “الإرباك الليلي” من قطاع غزة التي باتت من أبرز مظاهر المقاومة الشعبية، فيما يسميها بعض المحللون الأدوات الخشنة في المقاومة السلمية، لما تشكله من حالة أرقٍ وقلقٍ مستمر للاحتلال ومستوطنيه في البلدات الفلسطينية المحتلة المحاذية للقطاع على طول الحدود الشرقية.

وخلال الأيام الماضية، أعلن عن تشكيل وحدات الكاوشوك والإرباك الليلي، وأشعل الشباب الثائر إطارات الكاوشوك في محيط البؤرة الاستيطانية، وسط إطلاق الهتافات والتكبيرات.

كما أطلق الشبان أضواء الليزر تجاه تمركز المستوطنين في البؤرة، وبات مشهد احتشاد الثوار الليلي وفعالياتهم علامة فارقة في تطور المقاومة الشعبية سرعان ما امتدت لعدة مناطق أخرى في الضفة.

استلهام تجربة غزة
ويصف الصحفي الفلسطيني حافظ أبو صبرة والذي يغطي الأحداث الدائرة في قرية بيتا، ما يجرى هناك بأنه “تجربة نضالية عفوية ومنظمة وجديدة ومحفوفة بالكرم”.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي عماد أبو عواد، أن استلهام تجربة غزة هو شيء طبيعي في الضفة الغربية، وتؤكّد أنّ أهلها يؤمنون بالمقاومة، ولديهم بالفعل إيمانًا تامًّا بأنه لا يمكن التحرر إلا من خلال استخدام المقاومة.

ويقول أبو عواد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ غزة باتت ملهمة للشارع الفلسطيني بكل استخداماتها المختلفة، وبالتالي ما يعنيه استلهام هذه التجربة هو أمر طبيعي، ويؤكّد وحدانية الشعب الفلسطيني في مواجهته للمحتل الصهيوني ومخططاته.

ويشير المحلل السياسي إلى أنّ ما يحدث من حالة نضالية جديدة في قرية بيتا يؤكّد أنّ الشباب الفلسطيني لديه طموح وسعي حقيقي لأن يقود دفة المواجهة مع الاحتلال بشكل أو بآخر في إطار فقدانه الأمل بوجود قيادة تقوده على الأرض.

ويؤكّد أبو عواد أنّ تأثير ما يجرى في بيتا سيكون له انعكاسات قد لا تظهر في المنظور القريب لكنها حتماً ستشكل بداية لانتقال ما يجرى إلى مناطق أخرى تؤرق الاحتلال، وسيبدأ هذا الفعل بالتأثير الحقيقي الاحتلال والذي سيحاول في البداية التجاهل وعدم الانصياع لكنه بالنهاية سيرضخ إذا ما وجد قوة ورادعا حقيقيا.

موقع إستراتيجي

وتتخذ بيتا موقعاً إستراتيجياً جنوب نابلس المحتلة، وهو ما يرفع أطماع الاحتلال فيها وبقاء البؤر الاستيطانية وزيادة انتشارها وابتلاعها لمساحات أوسع من أراضي الفلسطينيين وخاصة تلك المزروعة بالزيتون.

ويقول الناشط محمد دويكات لمراسلنا: إنّ أهالي بلدته نجحوا على مدار السنوات السابقة بطرد المستوطنين عن عدد من المواقع في بلدتهم، ويشير إلى أنّ الهبة الشعبية وخاصة فعاليات الإرباك الليلي من شأنها أن تشكل مرحلة جديدة أمام ما يجرى من محاولات استيطانية للاستيلاء على مواقع وأراضٍ جديدة في القرية.

واستغل المغتصبون الصهاينة انشغال وسائل الإعلام بأحداث العدوان الصهيوني على قطاع غزة خلال مايو/أيار الماضي، وأقاموا بؤرًا استيطانية جديدة، في حين لا تزال أعمال التوسيع وبناء بؤرة استيطانية جديدة تجرى على قدم وساق.

ويقع في محيط مدينة نابلس وحدها أكثر من 39 مستوطنة وبؤرة استيطانية (عشوائية)، يسكنها نحو 40 ألف مستوطن صهيوني، يمارسون اعتداءات استفزازية شبهَ يوميّ ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم.

والعام الماضي سطر أهالي “بيتا”، ملحمة في الدفاع عن جبل “العُرمة” المقابل لجبل “صبيح”، بعد محاولات من مستوطنين السيطرة عليه، وقد نجحوا في طردهم.

ووفقاً للناشط الميداني فياض دويكات؛ فإنّ أهالي قرية بيتا يصرون على مقاومة الاحتلال وقطعان المستوطنين بكل الأدوات بل ويبدعون في هذا الأمر يوماً بعد يوم، مشيداً بالروح العالية لدى الأهالي الذين يبدون استعداداً كبيراً دائماً لصد اقتحامات المستوطنين ومحاولاتهم السيطرة على بعض المواقع في البلدة.

ولا تزال مناطق جبل صبيح، وجبل العُرمة منطقتين مهددتين بالسرقة الاستيطانية وتغول قطعان المستوطنين، ورغم المحاولات الحثيثة للاحتلال ومستوطنيه من أجل السيطرة على هذه المناطق، إلا أن تصدي الأهالي حال دون ذلك.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات